مقالات

أيمن عدلي يكتب.. الحزن وحده لا يكفي!

مشهد لا يُنسى..18 نعشًا محمولًا على الأكتاف، وقلوب الأمهات مكسورة، وصرخات اختلطت بالتراب على طريق لا يعرف الرحمة.
18 فتاة، خرجن من بيوتهن في الصباح الباكر بحثًا عن الرزق، فعدن جثثًا هامدة، بعد أن صدمتهن شاحنة يقودها سائق تحت تأثير المخدرات على طريق يعرفه الجميع بـ”طريق الموت”، ويعرفه المسؤولون أكثر.. لكنهم لم يتحركوا.
ما جرى ليس مجرد حادث مروري عارض.
إنه جريمة جماعية..جريمة يشترك فيها سائق تريلا بلا ضمير، ومنظومة مرور تغض الطرف، وسلطة محلية لم تحرّك ساكنًا رغم تحذيرات الأهالي المتكررة من خطورة هذا الطريق.
طريق المنوفية-السادات لا يُعرف بالاسم بين الناس، بل بلقبه: “طريق الموت”، لكثرة الحوادث، وغياب الإنارة، ورداءة الأسفلت، وعدم وجود أي وسيلة أمان تحمي العابرين.
التحريات كشفت الكارثة الأفظع:
سائق التريلا الذي دهس الفتيات كان يقود تحت تأثير المخدرات..هل يوجد وصف أدق من “قاتل متعمد”؟
ماذا يفعل هذا الشخص على الطريق أصلًا؟ أين الفحوص؟ أين الكمائن؟ أين حملات الكشف عن المخدرات بين السائقين؟
أم أن أرواح بناتنا لا تساوي تكلفة كمين مروري واحد في منتصف الليل؟
بلدنا تُسجل يوميًا العشرات من الوفيات بسبب حوادث الطرق، حتى أصبحت بين أكثر دول العالم في عدد الضحايا،المشكلة لم تعد في السرعة فقط، بل في كل شيء:
رخص قيادة تُمنح بلا تأهيل حقيقي،طرق متهالكة بلا صيانة، شاحنات تسير بلا إنارت ،مطبات عشوائية قاتلة،دراجات نارية بدون أضواء أو خوذ،وسائقون يقودون تحت تأثير المخدرات وكأنهم يحملون رخصة بالقتل
الأمن لا يعني فقط مواجهة الإرهاب أو حفظ النظام، الأمن يعني حماية أرواح الناس، حماية من يموتون يوميًا على الطرق لأن الدولة لم توفر لهم الأمان، حيث ان ضحايا حوادث المرور قد يفوقون ضحايا الحروب، ومع ذلك، لا يُعامل هذا الملف كأولوية.
المطلوب فورًا:تشديد إجراءات منح رخص القيادة، لتتضمن اختبارًا حقيقيًا لقواعد المرور وليس فقط تحريك السيارة حول أقماع بلا معنى،وإطلاق حملات فحص مفاجئة للسائقين، خاصة سائقي الشاحنات، للتأكد من خلوهم من المواد المخدرة، بجانب الانتهاء من إصلاح طريق المنوفية-السادات فورًا، وتزويده بالإنارة، الإشارات، المطبات المنظمة، وكاميرات المراقبة، ومحاسبة المسؤولين عن التقصير في صيانة الطريق، لأنهم شركاء في الدم.
لا نريد أن نرثي.. نريد أن نحاسب.. الوجع لا يُطاق.. 18 فتاة لا ذنب لهن سوى أنهن وثقن في طريق لم يكن فيه غير الموت.
سنكتفي بالشجب والتنديد، ثم ننتظر الحادث القادم؟ أم أن الوقت قد حان لنكسر هذا الصمت ونقول: كفى!
رحم الله فتيات المنوفية، وجبر الله قلوب الأمهات،
لكن الرحمة وحدها لا تكفي.
نريد عدالة، نريد إصلاحًا، نريد دولة تحمي أبناءها من الموت المجاني على الأسفلت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى