بعد غرق الإسكندرية وسيول أسوان.. تعرّف على تأثير التغيرات المناخية على مصر والتدابير التي اتخذتها الدولة
تعتبر التغيرات المناخية الخطر الأكبر الذى يواجه الحياة على سطح كوكب الأرض، وتسبب في كوارث طبيعية «غير مسبوقة»، تهدد الوجود البشرى والحياة على كوكب الأرض.
وتسبب الاحتباس الحرارى وارتفاع درجة حرارة الكوكب، في التأثير سلبا على المحاصيل الزراعية حول العالم، وزيادة نسب التصحر والجفاف، وهو ما دفع العديد من المنظمات والجمعيات فى محاولة للتذكير بالأضرار التى لا يمكن علاجها حال الإضرار بالكوكب.
اقرأ أيضًا:
كواليس أصعب ليلة ممطرة بالثلوج على أسوان.. والأهالي يروون الواقعة (صور)
الأمم المتحدة وتغير المناخ
ودفع ذلك المنظمات العالمية للتحرك من أجل محاولة إنقاذ الكوكب، حيث تنظم الأمم المتحدة كل عام مؤتمرا لمناقشة قضايا المناخ ومحاولة إيجاد الحلول لهذه المشكلات، ونشرت الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي تقريراً بشأن التغير المناخي، والذي ألقى بالمسئولية على العنصر البشري في ظاهرة الاحتباس الحراري وما تشهده الأرض من تقلبات حادة في الأحوال الجوية، أدت في مناطق عدة بالعالم لسلسلة كوارث طبيعية، تمثلت في فيضانات وحرائق غابات وموجات جفاف، ما أسفر عن مقتل المئات وتشريد الآلاف على مدار الأشهر القليلة الماضية.
كيف بدأت التغيرات المناخية؟
بدأت المشكلة منذ أكثر من 150 عاماً وخاصة مع بدء الثورة الصناعية فى أوروبا والسعى إلى استخراج الوقود الأحفورى واستخدام مصادر الطاقة بكثرة وما تسبب فى زيادة الغازات التى منها ثانى أكسيد الكربون، أحد أهم أسباب تغير المناخ، إذ رفعت هذه الغازات حرارة الكوكب إلى 1.2 درجة مئوية، مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
منذ أكثر من 25 عاما، حين عُقدت أهم قمة للمناخ فى ريو دى جانيرو عام 1992وأعلن العالم، للمرة الأولي، التزامه تجاه الحد من الانبعاثات الغازية لمستويات يمكن السيطرة عليها، ولا تسبب أضرارا لعملية إنتاج الغذاء، ونحن نتحدث عن تأثير التغيرات المناخية على مصر وغرق الإسكندرية والدلتا، واختفاء محاصيل زراعية وتأثر أخري، بسبب التقلبات المناخية الناتجة عن هذه التغيرات.
تأثيرالتغيرات المناخية على مصر
بعد هذه القمة بسنتين تحديدا شهدت مصر أعنف موجة من السيول، حيث هطلت الأمطار بشكل غير مسبوق، خاصة فى الصعيد، وكان أكبر ضحاياها غرق قرية درنكة بأسيوط، وموت المئات يومها، وأصيبت الحياة فى بعض مناطق مصر بالشلل التام، كما دمرت السيول آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية، ومن وقتها أصبحت السيول ضيفا دائما على مصر يتكرر كثيرا.
غرق الإسكندرية
أغرقت الأمطار الغزيرة- التي وصلت إلى حد السيول- مناطق عديدة بوسط وشرق الإسكندرية، خلال الأيام الماضية، فيما ارتفع منسوب المياه بالشوارع لأكثر من مترين، حيث اجتاحت الإسكندرية أمطار غزيرة استمرت ساعات متواصلة ، وذلك لثلاثة أيام على التوالي ما يجعلها موجة الطقس الأسوأ هذا الشتاء.
وأصيب كورنيش الإسكندرية وشارع بورسعيد وشوارع سموحة والإبراهيمية وأبو قير وغيرها، بشلل مروري، بعدما حولتها الأمطار إلى بحيرات كبيرة، وتسبب في تعطيل الدراسة والمصالح الحكومية.
حلول الدولة لتجنب غرق الإسكندرية
أكد الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الري والموارد المائية، في تصريحات تليفزيونية، أن الدولة المصرية تعمل على تجنب غرق الإسكندرية من خلال عدة نقاط:
– قامت مصر بحماية 118 كيلو متر، كما تعمل على حماية نفس المساحة في المستقبل.
– إزالة المخلفات والتعديات على الأراضي الزراعية تسهل تصريف المياه عند حدوث أي سيل أو ظواهر طبيعية.
– مصر أنشأت 1450 منشأة للحماية من السيول.
– إزالة التعديات على مخرات السيول وصيانة المخرات كل عام تحسبا لأي سيل.
سيول أسوان
شهدت محافظة أسوان خلال منتصف هذا الشهر، أسوأ أمطار شهدتها المدينة، تخللها العديد من مشاهد الرعب والخوف والقلق، حيث تعرض عدد من أهالي وسكان أسوان، للدغات العقارب، وانهيار بعض المنازل المبنية من الطوب اللبن بسبب الأمطار، وكذلك انقطاع التيار الكهربائي عن معظم أحياء وقرى محافظة أسوان بسبب سقوط بعض أعمدة الضغط العالي، وغرق معظم الشوارع بمياه الأمطار وسقوط الأشجار بالطريق الزراعي، وتسبب تراكم مياه الأمطار فى توقف بعض السيارات وسط الطريق والتى علقت وسط المياه وجرفتها السيول.
مؤتمرالمناخ 2021
تعهد أكثر من 100 زعيم عالمي في مؤتمر المناخ 2021 بمدينة غلاسكو الاسكتلندية، بإنهاء إزالة الغابات وانحلال التربة بنهاية العقد الحالي، بدعم من أموال عامة وخاصة حجمها 19 مليار دولار للاستثمار في حماية الغابات واستعادة غطائها النباتي، ويقول معهد الموارد العالمية إن الغابات تمتص نحو 30 في المئة من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي بما يحول دون تسببها في زيادة درجة حرارة الأرض، لكن هذا الحائل الطبيعي دون تغير المناخ يختفي سريعا.
المناطق المتضررة من التغيرات المناخية
تعتبر قارة أفريقيا والمنطقة العربية من أكثر الدول المتأثرة من التغيرات المناخية من ارتفاع فى درجات الحرارة وذلك بسبب الإشعاع الشمسى بخلاف نوع التربة الذى يمتص الحرارة ويخزنها وهو ما يعرف بتأثير ظاهرة «جزيرة الحرارة الحضرية» وتردى نوعية الهواء فى المدن، ما سيؤدّى فى نهاية المطاف إلى ارتفاع شديد فى درجات الحرارة.
وتكمن المشكلة الحقيقية فى القطب الشمالى المتجمد، والذى ساهم رفع درجة حرارة الأرض بتلك النسب إلى ذوبان الثلوج، حيث أشارت دراسة إلى أن القطب الشمالى فقد فى شهر يوليو عام 2019 فقط 160 مليار طن من الجليد من ذوبان السطح فحسب، هذا يعادل تقريبا حجم 64 مليون مسبح أولمبي، وهذه الكمية من المياه ستضاف إلى البحار والمحيطات والتى بالطبع تساهم فى رفع مستواها وبالتالى غرق المناطق الأكثر انخفاضا على سطح الكرة الأرضية.
تأثير التغيرات المناخية على الإسكندرية
حذر رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، من أن ارتفاع درجات حرارة الأرض 4 درجات، سوف يؤدى إلى غرق بعض المدن العالمية مثل ميامى، الإسكندرية، شنغهاي، تحت أمواج البحر، لافتا فى الكلمة التى ألقاها فى قمة المناخ التى استضافتها بريطانيا «كلما فشلنا فى أخذ التدابير المناسبة، ساء الوضع وكان علينا دفع الثمن باهظا، إن الإنسانية استهلكت وقتها وحان الوقت للتصدى للتغير المناخي»، وأن البشرية على بعد دقيقة واحدة حتى منتصف ليل يوم القيامة وفقا لساعة التغير المناخي، مضيفا: «نحن بحاجة إلى التحرك الآن».
ورغم نفى المختصين لاحتمالية غرق الإسكندرية تحت أمواج البحر فإن التصريح أفجع الملايين من سكان ومحبى المدينة الساحلية، رغم قدم المعلومة والتى تحدثت عنها العديد من الدراسات التى اهتمت بتغيرات المناخ ووفقا للدراسات تعد الإسكندرية ومدن الدلتا فى مصر من أكثر المدن المعرضة للغرق حال استمرار ارتفاع درجات حرارة الأرض وذوبان الثلوج فى القطب الشمالى وهو ما دفع الحكومة المصرية لاعتماد خطة منذ أكثر من خمس سنوات لحماية شواطئ الإسكندرية من النحر والذى يتسبب فى تآكل الشاطئ وذلك من خلال حواجز خرسانية لصد الأمواج.
وأكدت عدد من الدراسات حول التغيرات التى شهدها المناخ فى الإسكندرية، أن الفترة من 1980و2011 شهدت خلالها المحافظة عدة نوبات طقس حادة، وقد بلغت جملة الأمطار التى هطلت عليها فى عام 1999 نحو 24.37 مم فى 9 أيام، أى نحو 2.71 مم اليوم الممطر، وهى نسبة تعد منخفضة بالنسبة للمعدل الطبيعي، والذى قد يصل إلى 5 إلى ملليمترات اليوم الممطر، بينما فى ديسمبر لعام 2004، شهدت أكبر كمية هطول أمطار لتصل إلى 161.05 مم فى 7 أيام مطيرة، أى بمعدل 23 مم لليوم المطير.
ولعل عدم استقرار كمية المياه المتساقطة على الإسكندرية ليست السبب الوحيد فى تغير المناخ ولكن أظهرت عدد من الدراسات الأخرى أن متوسط ارتفاع منسوب البحر بـ 3.1 ملليمتر للسنة، فى الفترة من 1993 حتى 2003 وهو ما يوضح النسبة المتوقعة خلال السنوات المقبلة.
موضوعات ذات صلة:
الأرصاد: كميات مياه الأمطار التي تشهدها الإسكندرية غير مسبوقة بسبب التغيرات المناخية
شاهد.. عدسة “الحكاية” ترصد آثار ليلة الرعب التي عاشتها أسوان تحت الثلوج والمطر