تاريخ الفن المصري وقوته الناعمة| الشقة من حق الزوجة والخلع والتحرش قوانين خرجت من رحم السينما المصرية.. فهل ينجح تحت الوصاية في وقف معاناة الأرامل؟
تاريخ الفن المصري مليء بالأعمال الهامة التي أثرت تأثير إيجابي على المتلقين وصناع القرار، لذلك يطلق عليه القوة الناعمة، وعلى مدار تاريخ السينما المصرية التي تعد الأقدم في المنطقة، ساهمت في تغيير قوانين ونظرة المجتمع أيضا لكثير من القضايا والقوانين.
ومنذ الخمسينات من القرن الماضي، والفن المصري رائد في توجيه رسائل هامة، وإحداث تغييرات على المستوى الشعبي، والقوانين أيضًا، مثل قانون الخلع والشقة من حق الزوجة وقانون التحرش وغيره، وربما يسير على خطاهم مسلسل تحت السيطرة الذي لاقى صدى واسع وإشادة كبيرة، حيث سلط الضوء على قانون الوصاية المالية ومعاناة الأرامل.
تحرك برلماني لتعديل قانون الوصاية
مع نهاية مسلسل تحت الوصاية ونهايته المأساوية، التي تمثل جزء بسيط من الواقع، انفطرت قلوب المشاهدين تعاطفا مع حنان بطلة القصة التي جسدتها النجمة منى زكي، وتحرك عدد من نواب البرلمان، لتعديل قانون الوصاية المالية، بطلبات إحاطة من أجل تعديل القانون رقم 19 لسنة 1952 الخاص بالولاية على أموال القصر، والذي مضى عليه 71 عاما، ويحتاج لوقفة وتعديل.
وفي هذا الصدد، طالبت النائبة ريهام عفيفي، عضو مجلس الشيوخ، بضرورة إجراء تعديلات على قانون الولاية على المال، الصادر منذ خمسينيات القرن الماضي، قائلة إن قانون الولاية على المال والجاري العمل به، يواجه العديد من القصور التشريعي، الأمر الذي يتطلب المعالجة السريعة، لاسيما أن الكثير من الأمهات الأرامل، تعانين الأمرين بعد وفاة الزوج، للحصول على مستحقات أبنائها، سواء من الجد أو العم؟.
وقالت عضو مجلس الشيوخ، إن القانون لم يعد يتناسب مع هذا العصر، ولا يراعي حقوق “الأم”، في انتقال الولاية لها على أبنائها حال وفاة الزوج، وما ينتج عن ذلك من مشاكل وقضايا، تضر في المقام الأول الأبناء وتهدد مستقبلهم.
أعمال فنية ساهمت في تغيير القوانين
فيلم جعلوني مجرما عام 1954
يعد فيلم جعلوني مجرما، بطولة فريد شوقي، ويحيى شاهين، وهدى سلطان، وإخراج عاطف سالم، من أهم الأفلام تأثيرا في إلقاء الضوء على قضية مهمة، وهي السابقة الأولى التي تؤثر تأثير سلبي على استكمال أصحابها حياتهم.
وتدور أحداث الفيلم حول طفل ظن عقب وفاة والده أن يرعاه عمه، لكن العم استولى على ثروته فأصبح الفتى ضائعًا في الطريق، فالتقطته عصابة للنشل، ليقوم عمه بطرده ويودعه إصلاحية الأحداث، ويحاول أن يجد عملا شريفًا بعد خروجه من الإصلاحية ويفشل في ذلك، ليقرر الانتقام من كل من ظلمه.
وصدر عقب عرض هذا الفيلم قانون مصري ينص على الإعفاء من السابقة الأولى في الصحيفة الجنائية، حتى يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة.
فيلم كلمة شرف 1973
تسبب فيلم “كلمة شرف” في إعادة النظر للحالات الإنسانية للسجناء المصريين، ومن ثمَ إعادة صياغة القوانين، واشتقاق قانون جديد يسمح للمسجون بزيارة أهله بضوابط محددة، خاصة أفراد عائلته الذين لا يستطيعون الحركة وزيارته في السجن، وهو بطولة فريد شوقي، وأحمد مظهر، ورشدي أباظة، وإخراج حسام الدين مصطفى.
فيلم أريد حلاً عام 1975
يعد فيلم أريد حلاً الضوء أول من سلط الضوء على قضايا الطلاق والخلع، وقامت، وهو من بطولة فاتن حمامة، ورشدي أباظة، وأمينة رزق، وإخراج سعيد مرزوق.
وتدور أحداثه حول استحالة الحياة بين امرأة وزوجها الدبلوماسي، وتطلب منه الطلاق، لكنه يرفض، فتضطر إلى اللجوء للمحكمة ورفع دعوى للطلاق منه، في الوقت التي تلتحق كمترجمة في إحدى الصحف، وتنشأ علاقة حب بينها وبين صديق أخيها، لتدخل في متاهات المحاكم وتتعرض لسلسلة من المشكلات والعقبات التي تهدر كرامتها.
وساهم الفيلم في إعادة النظر في قوانين الأحوال الشخصية، والسماح للمرأة المصرية بحق الخلع، والتخلي عن زوجها، بشرط التخلي عن جميع مستحقاتها وحقوقها المادية.
فيلم آسفة أرفض الطلاق 1980
تدور قصة فيلم آسفة أرفض الطلاق، حول الزوجة التي تكرس حياتها لزوجها، وتفاجأ في عيد زواجهما العاشر بزوجها يطلب الانفصال بهدوء، وترفع دعوة قضائية ترفض فيها الطلاق.
وطالب الفيلم الذي قامت ببطولته ميرفت أمين، وحسين فهمي، وإخراج إنعام محمد علي، من خلال المنظمات النسائية المصرية بإلغاء حق الطاعة، وجعل الطلاق يُنفذ بحكم من القاضي، ليتساوى الزوج أو الزوجة أمام القانون.
فيلم الشقة من حق الزوجة 1985
ناقش فيلم الشقة من حق الزوجة، الوضع القانوني للشقة عقب انفصال الزوجين، خاصة أن القانون ينص على بقاء الزوجة في الشقة حتى انتهاء فترة الحضانة التي تصل إلى 15 سنة، وهو من بطولة معالي زايد، ومحمود عبدالعزيز، ونعيمة الصغير، وإخراج عمر عبدالعزيز.
وطلب اتحاد نساء مصر، توصيات اللجنة القانونية التي تم عقدها لإعداد تعديلات خاصة بقانون الأحوال الشخصية، لتحقيق مزيد من العدالة بين أفراد الأسرة، ونجح الفيلم في جعل أحد أهم البنود الممكن إضافتها لعقد الزواج –حديثًا – تحديد من سيكون له حق الانتفاع وحده بمنزل الزوجية في حالة الطلاق.
فيلم عفوا أيها القانون عام 1985
تدور أحداث القصة حول أستاذة جامعية تتزوج من دكتور مصاب بعقدة نفسية، نتيجة عجزه جنسيا، ومع مساعدتها له في تخطي تلك الأزمة وعلاجه نفسيا، يتمكن من الشفاء منخرطًا في علاقات نسائية متعددة أخرى، وفي إحدى المرات تكتشف الدكتورة خيانته، فتطلق عليه الرصاص وترديه قتيلًا، ويتم الحكم عليها بالسجن لمدة 15 عامًا.
وسلط فيلم عفوا أيها القانون، الضوء على قانون العقوبات، الخاص بقضية الزنا، حيث يصدر الحكم على المرأة بالسجن 15 عاما مع الشغل والنفاذ، باعتبارها جناية في حالة قتلها لزوجها الخائن، بينما يكون الحكم في نفس القضية على الرجل بالسجن شهراً واحداً مع إيقاف التنفيذ باعتبارها جنحة.
فيلم عفوا أيها القانون، بطولة نجلاء فتحي، محمود عبدالعزيز، هياتم، وفريد شوقي، وإخراج إيناس الدغيدي.
فيلم 678 عام 2010
تسبب فيلم 678 بطولة ماجد الكدواني، وبشرى، باسم السمرة، وإخراج محمد دياب، في تنفيذ توصيات قانون التحرش الذي صدر عام 2003، والحكم على المتحرش بعقوبة قد تصل إلى ثلاث سنوات.
تدور أحداث الفيلم حول ظاهرة التحرش الجنسي التي تتعرض لها الفتيات، والتي أصبحت ظاهرة منتشرة في الفترة الأخيرة في مصر والمجتمعات العربية بشكل عام.
مسلسل فاتن أمل حربي 2022
تدور الأحداث في إطار اجتماعي درامي، حول مأساة “فاتن”، مع زوجها ومشاكلها الزوجية معه لتقرر الانفصال عنه، ظنًا منها أنها نجحت في القضاء على مشكلاتها، لكنها تواجه أزمات أخرى ببعض بنود قانون الأحوال الشخصية، والتي تقرر حرمانها من ابنتيها في حال زواجها من شخص آخر، ومن ثم تتصاعد الأحداث.
وأثار العمل جدلًا واسعًا، خاصة في ضرورة تعديل قانون الأسرة، ليستجيب لما طرحه هذا المسلسل من تساؤلات حول قضايا الطلاق والنفقة وسكن الزوجية والولاية التعليمية على الأبناء وحق الرؤية وغيرها.
مسلسل فاتن أمل حربي، بطولة نيلي كريم، شريف سلامة، محمد الشرنوبي، وخالد سرحان، وإخراج محمد جمال العدل.