مانشيت الحكاية

حصاد 2022| حروب وأزمات ربما تغير وجه الخريطة السياسية لعقود.. بدأت بحرب روسيا وأوكرانيا وانتهت باحتجاجات إيران الغير مسبوقة منذ الثورة الإسلامية عام 1979

شهد عام 2022، عدد من الأحداث التي قلبت موازين القوى والتحالفات في العالم، وكشفت حقيقة التحالفات وقوتها من عدمها، فقد بدأ العام، بغزو روسيا للأراضي الأوكرانية، بدعوى تهديد حلف الناتو، لأمنها الاستراتيجي، وتوقعت أوكرانيا والعالم تدخل حلف الناتو من أجل إنقاذ حليفتهم أوكرانيا، خاصة أن التدخل الروسي جاء على خلفية عزم أوكرانيا الانضمام لحلف الناتو، ولكن رد فعل الحلف خيب توقعات أوكرانيا، وكان دون المستوى.

ولم تكن الحرب الروسية الأوكرانية الحدث الوحيد، في العام المنقضي، فقد شهد عدة توترات في أماكن متفرقة من العام، من بينها احتجاجات إيران، والحرب في إثيوبيا، وشهدت بريطانيا حالة من عدم الاستقرار، حيث تغير حوال 3 رؤساء وزارة على مدار العام، بالإضافة إلى الكوارث المناخية.

غزو روسيا للأراضي الأوكرانية

تفاجأ العالم في صباح يوم الـ 24 من شهر فبراير عام 2022، بغزو روسيا للأراضي الأوكرانية، ومن هنا ظهرت التوقعات التشاؤمية من عام 2022، ولكن يبدو أن تلك الحرب لم تكن النهاية ولكنها أعادت فتح جراح بين دول أخرى، فما القصة.

بدأت الحرب الروسية الأوكرانية بدخول موسكو لـ أوكرانيا، واستمر القتال على الأرض، لكن القوات الأوكرانية استعادت مناطق واسعة حول العاصمة كييف في أوائل أبريل بعد أن تخلت روسيا عن اندفاعها نحو العاصمة.

وشهدت عدة مدن أوكرانية هجمات صاروخية غرب أوكرانيا، لكن القوات الروسية لم تحاول السيطرة على الأرض تلك الهجمات شهدت بالتأكيد خسائر فادحة للطرفين منذ بداية الحرب، حيث تكثف أوكرانيا عملياتها لاستعادة الأراضي المحتلة فيما تواصل القوات الروسية محاولاتها للتقدم في الشرق.

وأغرق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العالم في أزمة غير مسبوقة، منذ نهاية الحرب الباردة، حيث أصبح في مواجهة دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي أعربت عن دعمها لأوكرانيا، وأثار الرئيس الروسي شبح الأسلحة النووية قائلا إنه مستعد لاستخدام “كل الوسائل” المتاحة في ترسانته.

تسببت الحرب بأكبر عملية تدفق للاجئين إلى أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وأودت بحياة آلاف الجنود والمدنيين، وهددت الحرب بحدوث أزمة غذاء عالمية بسبب الحصار البحري الروسي المفروض في البحر الأسود، لكن اتفاقا تم التوصل إليه في تموز (يوليو) سمح لأوكرانيا باستئناف تصدير إنتاجها الوفير من الحبوب تدريجا.

 

أزمة الطاقة وارتفاع غير مسبوق للأسعار

تسببت الحرب الروسية الأوكرانية، بشكل أو بآخر في أزمة طاقة حول العالم، وخاصة في أوروبا، بعد استخدام موسكو هذا السلاح ضد حلفاء أوكرانيا، ففي العام 2022 تسارع ارتفاع الأسعار الذي بدأ عام 2021 بسبب اضطرابات سلاسل التوزيع والطلب القوي على المنتجات والخدمات الأساسية مع تعافي الاقتصادات بعد كوفيد-19، ووصل إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود.

وتفاقم التضخم بفضل الحرب في أوكرانيا، حيث غرقت أوروبا في أزمة طاقة عميقة، وصعّدت روسيا التي تواجه عقوبات غربية، ردودها الانتقامية ووصلت إلى حد ضرب نقطة ضعف الاتحاد الأوروبي “اعتماده على الغاز الروسي”، وشهدت صادراتها من الغاز، خصوصا إلى ألمانيا وإيطاليا اللتين تعتمدان بشكل كبير عليها، انخفاضا حادا.

مناوشات بين أرمينيا وأذربيجان

يعود تاريخ المناوشات بين أرمينيا وأذربيجان، أول مرة قرب انتهاء الحكم السوفيتي، وسيطرت القوات الأرمينية على مساحات شاسعة من الأراضي داخل المنطقة وحولها في أوائل التسعينيات، واستعادت أذربيجان أغلب تلك الأراضي بدعم من تركيا خلال 6 أسابيع في عام 2020.

وتجددت المناوشات في عام 2022، حيث شهد تصعيدا من وقت لآخر، على الرغم من الاجتماعات بين باشينيان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بهدف التوصل إلى تسوية سلمية شاملة.

وأعلن أرمين جريجوريان، أمين مجلس الأمن الأرميني، الاتفاق على هدنة مع أذربيجان بعد أعمال عنف على مدار يومين مرتبطة بالنزاع المستمر منذ عقود بين الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين على منطقة ناغورنو كاراباخ.

 

الحرب الأهلية في إثيوبيا

بدأت الحرب في إثيوبيا في نوفمبر 2020 بين القوات الموالية لرئيس الوزراء آبي أحمد وبين قوات جبهة تحرير تيجراي، حيث أرسل رئيس الوزراء أبي أحمد قوات للإطاحة بجبهة تحرير شعب تيجراي التي كانت تحكم الإقليم، قائلاً إن الخطوة جاءت للرد على هجمات نفّذتها المجموعة ضد معسكرات للجيش.

ورغم الهدنة التى تم إعلانها فى مارس الماضي، تجدد القتال مرة أخري فى أثيوبيا منذ أواخر شهر أغسطس، الأمر الذى دفع الرئيس الأمريكى جو بايدن، إلى إعلان حالة الطوارئ فى بلاده، حيث قال فى رسالة للكونجرس إن الوضع في شمال إثيوبيا يتسم بأنشطة تهدد السلم والأمن والاستقرار في إثيوبيا وفي منطقة القرن الأفريقي، بالإضافة إلى العنف واسع الانتشار، والفظائع، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك تلك التي تشمل العنف العرقي، والاغتصاب، وغيرهما من أشكال العنف القائم على نوع الجنس، وعرقلة العمليات الإنسانية.

وبعد صراع استمر سنتين، وقّعت الحكومة الفدرالية الإثيوبية والسلطات في منطقة تيغراي (شمال) في الثاني من  نوفمبر 2022، في بريتوريا اتفاقا “لوقف القتال” يهدف إلى وضع حد للحرب التي وصفتها منظمات غير حكومية بأنها “واحدة من الأكثر دموية في العالم”. وبعد هدنة استمرت خمسة أشهر، استؤنف القتال في نهاية آب (أغسطس).

شابت الصراع بين إثيوبيا المدعوم خصوصا بقوات من إريتريا المجاورة، وجبهة تحرير شعب تيغراي منذ (نوفمبر) 2020، جرائم محتملة ضد الإنسانية ارتكبتها “جميع الأطراف” وفقا للأمم المتحدة، كذلك تسببت في تشريد أكثر من مليوني إثيوبي.

وبالإضافة إلى نزع سلاح المتمردين، نصّ اتفاق السلام على إيصال مساعدات إنسانية إلى تيغراي المعزولة عن العالم والتي حُرم سكانها البالغ عددهم ستة ملايين من الغذاء والدواء منذ أكثر من عام، وفي 16 (نوفمبر)، وصلت أول قافلة إغاثة منذ (أغسطس).

 

بريطانيا وحالة عدم الاستقرار السياسي

شهدت بريطانيا على مدار عام 2022، سلسلة من الفضائح والاستقالات داخل الحكومة، حيث استقال رئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون في (يوليو)، وعيّنت الملكة إليزابيث الثانية ليز تراس رسميا خلفا له في داونينغ ستريت قبل يومين من وفاتها في 8 (سبتمبر)، بعد 70 عاما من التربع على عرش المملكة المتحدة، وفي 10 (سبتمبر) من نفس العام، أُعلن تشارلز الثالث ملكا.

وبقيت ليز تراس على رأس الحكومة 44 يوما فقط في منصبها قبل أن تستقيل، ما تسبب في أزمتين سياسية ومالية مع برنامجها الاقتصادي الذي تضمّن تدابير جذرية.

وتولى ريشي سوناك منصب رئاسة الوزراء نهاية (أكتوبر)، في فترة من عدم استقرار غير مسبوق في المملكة المتحدة، وبذلك، أصبح ثالث رئيس وزراء خلال عام، وخامس رئيس وزراء لبريطانيا منذ الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في العام 2016.

 

كوارث مناخية

نتيجة التغيرات المناخية، شهد العام 2022 زيادة في الكوارث المرتبطة باحترار المناخ العالمي، وأصبح صيف العام 2022 الأكثر حرا على الإطلاق في أوروبا، وسجّلت درجات حرارة قياسية وموجات حر تسببت في جفاف وحرائق هائلة (أكثر من 660 ألف هكتار من الغابات احترقت بين (يناير) ومنتصف (أغسطس) في الاتحاد الأوروبي، وهو رقم قياسي)، وسجلت الأنهار الجليدية في جبال الألب خسارة قياسية في الكتلة الجليدية.

قالت منظمة الصحة العالمية إن ما لا يقل عن 15 ألف وفاة مرتبطة مباشرة بموجات الحر هذه في أوروبا، كذلك، سجّلت الصين حرارة قياسية في آب (أغسطس)، فيما يهدّد الجفاف بحدوث مجاعة في القرن الإفريقي، وسجّلت الحرائق وإزالة الغابات أرقاما قياسية في منطقة الأمازون البرازيلية.

وفي باكستان، تسببت فيضانات تاريخية مرتبطة بالأمطار الموسمية غير العادية في مقتل أكثر من 1700 شخص وتشريد ثمانية ملايين آخرين فيما غرق ثلث البلاد تحت المياه.

وبعد مفاوضات صعبة، اختتم مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب27) في 20 (نوفمبر) في شرم الشيخ بمصر، على تسوية بشأن مساعدة البلدان الفقيرة المتأثرة بتغير المناخ، لكنه فشل في وضع طموحات جديدة للحد من غازات الدفيئة.

 

احتجاجات في إيران

كان وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني البالغة 22 عاما في المستشفى في 16 (سبتمبر)، بعد ثلاثة أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق التي اتهمتها بانتهاك قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلاميةـ بمثابة شرارة لاندلاع موجة من الاحتجاجات غير المسبوقة منذ الثورة الإسلامية عام 1979، في كل أنحاء إيران.

وقادت عدد كبير من الشابات الاحتجاجات، وبعضهن يخلعن الحجاب ويحرقنه في تحدٍ للسلطات، وفق ما تظهر مقاطع فيديو، وتحولت التظاهرات المطالبة بحرية المرأة تدريجا إلى حركة أوسع ضد النظام الإسلامي، مع احتجاجات في الشوارع والجامعات وحتى في المدارس، رغم حملة القمع، وأعلنت السلطات سقوط أكثر من 300 قتيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى