مائدة الأخوة الوطنية| جميل بنايوتى قبطي يُقيم مائدة رمضانية منذ 40 عامًا.. تخصيص أماكن للأفراد والأسر داخل المائدة.. والقائمين عليها يرفعون شعار “نرحب بالجميع”
عادة سنوية يحرص عليها محارب رمزي، ورجل قبطي مقيم في منطقة شبرا مصر، وهي إقامة مائدة إفطار مجانية للمسلمين بشارع “أبورافع” المتفرع من شارع “يلبغا” بشبرا، حيث يمتد عمرها ل45 عاماً، بدأها مجموعة من تجار المنطقة، أسسوا تلك المائدة، ولكن بعد عام انصرف عنها أهلها، ولم يتبقّ سوى واحد فقط منهم.
45 عاماً، مرت وما زال العم جميل يصوم مع المسلمين، ولكن قبل ذلك أصبح مُطعِما للصائمين، يعد لهم طوال شهر رمضان وجبات يومية، فى مائدة إفطار الوحدة الوطنية، التى أسسها فى منزله بشبرا مصر، كى يشارك جاره المسلم، والمشهورة بـ”مائدة العمود”.
بالحب والود والألفه يظهر عم جميل الرجل الصعيدى، الذى كان يعمل فى جامعة عين شمس، قبل أن يخرج على المعاش، وذلك بعد مشاركته فى حرب تحرير الأرض فى أكتوبر عام 1973، حيث كان ضمن سلاح الإشارة داخل لواء بسلاح المدرعات.
يحرص “عم جميل”، على متابعة العاملين فى المائدة، ويتابع كل الضيوف، وما وصلهم من طعام، يطمئن أنه يكفيهم، ويسأل بعضهم عن آلية اعداد الطعام باستمرار
تعد مائدة إفطار عم جميل بشارع “أبورافع” المتفرع من شارع “يلبغا” بشبرا يمتد عمرها لـ36 عاماً، بدأها مجموعة من تجار المنطقة، أسسوا تلك المائدة، ولكن بعد عام انصرف عنها أهلها، ولم يتبقّ سوى واحد فقط منهم، وحين علم ذلك “بنايوتى” قرر أن يشارك جاره المسلم تلك المائدة، بل خصص لها دكاناً أسفل منزله ليكون مقراً لإعداد الطعام وتوزيعه، وبدأ بثلاث طاولات والطعام يعد فى المنازل على أيدى السيدات ويقدم للصائمين أسفله.
وفى الوقت الحالى وأمام الدكان، نصب جميل سرادقاً، وببعض التبرعات التى اشترك فيها مسلمو الحى وأقباطه صنعوا طاولات وإنارة، ويعيش أولاد عم جميل فى أمريكا، ولكن قلوبهم معلقة بالمائدة، حيث أنهم كل عام يتواصلون معه ليعرفوا منه احتياجات المائدة ليشاركوا فيها.
فيما تختلف مائدة عم جميل عن أى مائدة أخرى، حيث اكتشف بعد عشرين عاماً أن الناس بدأوا فى الانصراف عن المائدة، فسر ذلك وقتها بأن البعض يساوره الخجل من الإفطار على مائدة فى الشارع، وبعضهم لا يستطيع اصطحاب زوجته وأولاده للمائدة، ففكر فى حل يحفظ للجميع كرامته، وقرر أن يشترى عدداً من أوانى حفظ الطعام المصنوعة من الألومنيوم، والمعروفة باسم “عمود الأكل”، ثم يوزعها على الجيران قبيل شهر رمضان، وعندما يهل الشهر، يطبخ “جميل” الطعام فى دكانه.
ويستقبل الجيران الذين يتوافدون عليه وبصحبتهم العمود ليملأوه بالطعام، وينصرفوا للإفطار مع عائلاتهم، لتصبح مائدة عم جميل داخل كل منزل بشبرا. “100 عمود وأكثر”.
ويقول أحد الطباخين أنه العمود يخرج من بين يديه كل يوم، ويبدأ توافد الأهل والجيران على المائدة من الساعة الرابعة عصراً، وبين أيديهم أعمدة الطعام، تلك الطريقة فى توزيع الطعام وفرت الكثير من الطعام المهدر، حيث فى أى مائدة أخرى بمجرد أن ينتهى الصائمون من الإفطار، يلقون ببواقى الطعام فى القمامة، ولكن حين يكون الإفطار فى المنازل إذا تبقى من العائلة أى طعام يحتفظون به لوجبة أخرى، ويحدد الصائم عدد عائلته أياً كان: “فيه بعض العائلات بتتكون من 10 و11 فرد”.
ويقول الطباخ ، الذى يعمل معهم متطوعاً منذ 15 عاماً، إنه يتبرع بالمشاركة فى المائدة طيلة الشهر الكريم كل عام، ويرفض أى عمل آخر بجانبها، رغم ما يعرض عليه من أموال للعزائم والولائم، لكنه يجد فى المشاركة بالمائدة خيراً لا يضاهيه أموال، ليشارك عم جميل إعداد الطعام للصائمين كل عام.
مع اقتراب ساعة الإفطار، يبدأ الصائمون فى التوافد على المائدة، يزداد توتر عم جميل، ويصيح فى العاملين لإتمام المائدة على أكمل وجه فكل أطفال الحى تربوا داخلها على أنه لا فرق بين مسلم ومسيحى والكل سواسية والجميع يساعد ويشارك فى الفرح والأحزان
ورغم ما يمر عليه من صعوبات بسبب ضعف التبرعات وغلاء الأسعار، فإن المائدة لم تتوقف عاماً واحداً، ولكن الأزمة الأكبر تتمثل فى تلف بعض المعدات والأجهزة كالثلاجات وعدم استطاعة القائمين على المائدة تعويضها.
موضوعات ذات صلة: