مشاورات الحكومة مع صندوق النقد الدولي| خبراء اقتصاد يوضحون تأثير القرض الجديد على معدلات النمو والدين الخارجي.. ويؤكدون: يحافظ على مكتسبات الإصلاح والأزمات المتلاحقة جعلته ضرورة ملحة
كتبت – منى سرحان:
تسببت الحرب الروسية الأوكرانية في أزمة عالمية، أثرت على اقتصاديات دول كثيرة من بينها مصر، ومنذ اندلاع الحرب، ظهرت تقارير تفيد بأن الحكومة تجري محادثات مع صندوق النقد، وجاء قرار البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار ورفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع ليزيد تلك التكهنات، حتى تم الإعلان الرسمي عن بدء مشاورات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد.
اقرأ أيضًا:
صندوق النقد يُشيد بإجراءات الحكومة المصرية للتخفيف من آثار الأزمات العالمية على الاقتصاد
ويتعرض الاقتصاد العالمي، لصدمات خارجية متزامنة، متمثلة في ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل غير مسبوق، وارتفاع تكلفة التمويل في ضوء قيام العديد من البنوك المركزية العالمية بزيادة أسعار الفائدة لديها لكبح جماح التضخم المتزايد، بالإضافة الى التداعيات الاقتصادية السلبية الكبيرة للأزمة الروسية الأوكرانية، والتي ساهمت في وجود مزيد من الارتفاعات في أسعار الطاقة، والسلع الغذائية والمعادن، وكذلك تزايد حالة عدم اليقين والذعر من قبل المستثمرين، مما أدى الى تراجع وتخارج استثماراتهم من العديد من الدول الناشئة.
مصر تتقدم بطلب قرض من صندوق النقد
أعلن مجلس الوزراء، تقدم مصر بطلب إلى صندوق النقد الدولي لبدء المشاورات بين الطرفين بخصوص برنامج جديد، يهدف إلى مساندة الدولة المصرية في خططها الخاصة بالإصلاح الاقتصادي الوطني الشامل، وقد يتضمن البرنامج تمويلا إضافيا لصالح مصر.
وصرح السفير نادر سعد المتحدث باسم مجلس الوزراء، بأن أولويات الدولة المصرية خلال المرحلة الحالية تتمثل في سرعة اتخاذ مختلف السياسات والإجراءات التي تضمن استقرار الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد، والعمل على توافر السلع الأساسية للمواطنين، بالإضافة إلى الإعلان عن، وكذا تنفيذ، حزمة مالية متكاملة من التدابير والإجراءات التي تستهدف تقديم المساندة الكافية للقطاعات الاقتصادية، والفئات الأكثر تأثرا بالصدمات الخارجية المتزامنة.
صندوق النقد يُشيد بإجراءات الحكومة المصرية
وفي سياق متصل قال صندوق النقد الدولي، إن مصر طلبت دعم من الصندوق لتنفيذ برنامجها الاقتصادي الشامل، وبحسب سيلين ألارد، رئيسة بعثة مصر لصندوق النقد، فإن “البيئة العالمية المتغيرة بسرعة والتداعيات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا تشكل تحديات مهمة للبلدان في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مصر.
وأوضحت أن من شأن مجموعة من تدابير الاقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية أن تخفف من تأثير هذه الصدمة على الاقتصاد المصري وتحمي الضعفاء وتحافظ على مرونة مصر وآفاق النمو على المدى المتوسط. وتحقيقا لهذه الغاية فإن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات لتوسيع الحماية الاجتماعية المستهدفة وتنفيذ مرونة سعر الصرف هي خطوات مرحب بها، بحسب آلارد.
وأضافت أنه سيكون استمرار مرونة سعر الصرف ضروريًا لامتصاص الصدمات الخارجية وحماية الهوامش المالية خلال هذا الوقت المضطرب، كما ستكون هناك حاجة إلى سياسات مالية ونقدية حكيمة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، موضحة أن الموظفين يعملون عن كثب مع السلطات المصرية للتحضير لمناقشات البرنامج بهدف دعم أهدافنا المشتركة المتمثلة في الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام والغني بالوظائف والشامل على المدى المتوسط لمصر.
ويرى خبراء الاقتصاد، أن موافقة صندوق النقد الدولي على حزمة تمويل جديدة لمصر ستمثل شهادة ثقة جديدة من مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري، كما أن الإجراءات المتخذة خطوة استباقية لمواجهة التضحم العالمى فضلا عن امتلاكنا لاحتياطات نقدية كبيرة تكفى احتياجاتنا لـ7 شهور وقاربنا من 41 مليار دولار كاحتياطي للنقد الأجنبي.
الدكتور رمزي الجرم: الضرورة الملحة دعت مصر لطلب قرض جديد
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور رمزي الجرم في تصريحات لـ الحكاية إنه على غرار ما حدث بشان أزمة كورونا، من حصول مصر كغيرها من الدول الأخرى، على تسهيلات مالية من طائفة القروض التي يطرحها صندوق النقد الدولي، في حالات الطوارئ، من دون الحاجة لبرنامج كامل مع الدول المقترضة، سواء من خلال قرض التسهيل الائتماني السريع (RCF) أو أداة التمويل السريع (RFI)، فقد دعت الضرورة المُلحة، طلب مصر من صندوق النقد الدولي، قرض جديد، تحت مُسمى(خط التمويل الاحترازي).
وأوضح الدكتور الجرم هذا القرض عبارة عن ائتمان من ضمن مجموعة من الاختيارات التي يقدمها الصندوق للاستفادة منه عند الضرورة أو من قِبيل المساعدة المالية، على خلفية ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير، نتحة ارتفاع أسعار السلع والطاقة وموجه من سياسة التشديد النقدي، فضلا عن تراجع السياحة الوافدة وتوقعات باتساع عجز الموازنة العامة لنحو 6.9٪ بزيادة عن المستهدف المُقدر بنحو 6.7٪، علما بتجاوز هذا المعدل في العام الماضي 2020 /2021 لنحو 7.2٪.
وأضاف: في ظل هذا الظرف الشديد الذي تواجهه كافة الاقتصادات العالمية، والذي ظهر بعد عدة أزمات متتالية ومتصاعدة، مثل، أزمة كورونا، وأزمة ارتفاع أسعار النفط العالمية وأزمة الصين العقارية وأزمة الديون الامريكية، ثم ظهرت على السطح الأزمة الاوكرانية الروسية كان لابد من وجود مجموعة من تدابير الاقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية، والتي من شأنها ان تُخفف من تأثير الصدمة على الاقتصاد المصري، من أجل دعم مرونه سعر الصرف، لامتصاص الصدمات الخارجية والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام، فضلا عن الحفاظ على الوظائف في الأجل المتوسط.
الجرم: الاقتصاد المصري بحاجة إلى استيراد نقد أجنبي
وتابع: في الحقيقة، الاقتصاد المصري، بحاجة إلى استيراد نقد أجنبي، لدعم الاحتياطي النقدي بالعملات الأحنبية طرف البنك المركزي، من خلال طلب قرض أو مساعدة مالية، غالبا بمعدل عائد منخفض، نظراً لعدم قدرة الاقتصاد المصري، في ظل تلك الظروف، في زيادة الاستثمارات الاجنبية أو زيادة الصادرات على خلفية ضعف سلاسل الإمداد على إثر الأزمة الجارية، فضلا عن تقلص الموارد المالية بالنقد الأجنبي من قطاع السياحة، وبعض القطاعات الأخرى التي كانت تستقطب موارد مالية بالنقد الأجنبي داخلة، بالاضافة الى زيادة فاتورة الاستيراد، نتيجة ارتفاع أسعار القمح والحبوب الزراعية الأخرى والنفط، والذي يؤدي الى خروج تدفقات بالنقد الاجنبي خارجة، مما سيؤدي الى أزمة في سوق الصرف الأجنبي، من الممكن أن يدفع إلى اجراء تخفيضات متتالية للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وتداعيات ذلك على زيادات متصاعدة في معدل التضخم.
تأثير القرض على الدين العام الخارجي
واستطرد: من المعلوم، أن حزم المساعدات المالية التي يقدمها الصندوق في حالة الأزمات المالية، يتنافس عليها الكثير من الدول، كما حدث خلال أزمة كورونا، حيث كان يتنافس نحو 80 دولة على مستوى العالم من الدول منخفضة الدخل أو التي تعاني قصور شديد في هياكلها المالية على تلك المساعدات، من مُنطلق انها لا تحتاج إلى برنامح كامل لعقد هذه النوعية من المساعدات، فضلا عن سرعة الحصول عليها، وفائدة قد تصل إلى الفائدة الصفرية.
أما فيما يتعلق بزيادة عبء الدين العام الخارجي، على خلفية الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، فإن مثل هذه القروض، والتي يطلق عليها مساعدات مالية، لا يمكن أن تشكل عبء على الاقتصاد، نظراً لأنها (كما سبق القول) ذات معدل فائدة منخفض للغاية، فضلا عن زيادة الموارد الدولارية الداخلة للبلاد، سوف يسهم دعم سوق الصرف الأجنبي، وما له من انعكاسات إيجابية على تحسين كافة المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري.
الدكتور سيد خضر: الاقتصاد المصري نجح مؤخرا في تخطي أكثر من أزمة
ومن جانيه قال الدكتور سيد خضر الخبير الاقتصادي إنه في ظل الأحداث والمتغيرات التي طرأت على العالم والأزمات التي تعرضت لها البلاد في الفترة الأخيرة، سواء على المستوى الداخلي، أو الأزمات العالمية، والتي تمثلت مؤخرا في أزمة كورونا والتي أثرت كثيرا على الاقتصاد العالمي، ولكن الاقتصاد المصري نحج بشكل كبير في تخطي تلك الأزمة وحقق معدلات نمو إيجابية رغم تأثير تلك الأزمة على كبرى اقتصاديات العالم، إلا أن الاقتصاد المصري تخطاها بشكل احترافي.
وأضاف خضر في تصريحات خاصة لموقع “الحكاية”: توالت الأزمات والصدمات التي أثرت على الاقتصاد العالمي، الذي ما زال يعاني من أزمة كورونا، وجاءت التغيرات المناخية لتلقي بظلالها هي الأخرى، خاصة على القطاع الزراعي، ومازالت مستمرة، بالإضافة للحرب الروسية الأوكرانية، والتي ساهمت تداعياتها في تسريع وتيرة أزمة الاقتصاد المصري، خاصة بعد فرض العقوبات الأمريكية على روسيا، والصراعات التجارية بين دول العالم، والتي تؤثر بشكل كبير على اقتصادات الدول الناشئة والنامية بشكل كبير.
خضر: البنك الفيدرالي الأمريكي لجأ لرفع قيمة الفائدة
وتابع: خلال الفترة الأخيرة رفع البنك الفيدرالي الأمريكي قيمة الفائدة للحفاظ على الدولار، حيث أنه من المرجح تأثره خلال الفترة القادمة بسبب الصراعات التجارية، والتي سوف على العديد من العملات، وسوف يكون هناك صعود لبعض الدول وهبوط أخرى، والدولار من أكثر العملات المرشحة للتأثر بشكل كبير بل والانهيار خلال الفترة القادمة.
واستطرد: سوف تسعى دول العالم لخلق نوع جديد من التجارة الحرة فيما بينها، خاصة الدول الكبرى مثل روسيا والصين والهند، وسيكون هناك انفتاح لتفادي تلك الصراعات التجارية حتى لا يكون هناك تأثير على الاقتصاد العالمي بسبب الحرب.
سبب تأثر الاقتصاد المصري بالحرب الروسية الأوكرانية
وفيما يخص الاقتصاد المصري، أكد الدكتور سيد خضر أن مصر من الدول التي تأثرت بسبب الحرب، حيث تعتبر مصر من أكثر الدول التي تستقبل سياحة من روسيا وأوكرانيا، وبالتالي هناك تدهور كبير في قطاع السياحة السياحة المصري بسبب الحرب، وتأثر أداء الاقتصاد، خاصة أننا ما زلنا في مرحلة استكمال مكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادي، لافتا إلى أن قطاع السياحة من أهم مصادر النقد الأحنبي في مصر، وبالتالي تدهور قطاع السياحة يؤثر بشكل كبير على أداء الاقتصاد.
أهداف لجوء مصر للحصول على قرض جديد
وعن رفع البنك المركزي المصري قيمة الفائدة في البنوك، قال إن تلك الخطوة تهدف للسيطرة على الوضع الاقتصادي، والسوق السوداء، وفرض هيمنة الدولة على الوضع الداخلي، ومحاولة الحفاظ على أداء الجنيه المصري في ظل تلك الأزمات.
وأوضح الدكتور سيد خضر أن اتجاه مصر مرة أخرى لصندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض جديد، في ظل تلك الأزمات والصراعات، وتأثر العديد من قطاعات الاقتصاد مثل قطاع السياحة والإنتاج الزراعي، يهدف للحفاظ على مكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الدولة منذ سنوات.
وفيما يتعلق بالقرض أوضح أنه هدفه سيكون دعم الموقف الداخلي للاقتصاد المصري واستمرار الحفاظ على مكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادي في ظل ما يعانيه العالم من تضخم وارتفاع أسعار الفائدة وبالتالي سيكون هناك عجز في الموازنة بسبب انخفاض مؤشرات الاقتصاد الكلي وبالتالي تسعى الدولة لاتخاذ إجراءات استباقية للحفاظ على الوضع الاقتصادي وأداء الاقتصاد المصري في الفترة المقبلة.
برنامج الإصلاح الاقتصادي
وأضاف: في برنامج الإصلاح الاقتصادي، كان هناك حدث رئيسي هو اتخاذ إجراء هام بخصوص سعر الصرف في عام 2016 وتعويم الجنيه المصري، ولاتخاذ مثل تلك الخطوة كان لابد من الاهتمام بالصناعة والحفاظ على وجود أسعار تنافسية ومنتجات قوية تغزو العالم وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق التوازن في السوق الداخلي والاهتمام بالصناعة كما فعلت الصين عندما اتجهت لتعويم اليوان الصيني حرصت على خلق صناعة قوية وهي بالفعل تمتلكها وغزت العالم بمنتجاتها، ولكن الوضع في مصر اختلف بسبب مرور الاقتصاد المصري بالعديد من الأزمات، لافتا إلى أنه رغم ذلك تمتلك مصر في الوقت الحالي مشروعات قوية وصناعات هامة، ولكن هناك تأخر في جني ثمار تلك الأإصلاحات بسبب تلك الأزمات.
موضوعات ذات صلة: