مقالات

أحمد خضر يكتب: أين تجد “المستريح”؟

في الفترة الأخيرة لم تكد عناوين الأخبار تخلوا بصفةٍ أسبوعية أو شهرية من خبر أو اثنين بالكشف عن”مستريح” ممن يدعون القدرة على توظيف الأموال هنا أو هناك.

فاللافت أن تلك الوقائع لم تك حكرًا على منطقة أو محافظة بعينها، فتارة شهدتها أقصى محافظات الصعيد أسوان، فيما شهده قلب القاهرة ومحافظات الوجه البحري تارة، وفي كل مرة نسمع ذات الأخبار عن مستريح استطاع النصب على عدد من الناس والاستيلاء على أموالهم.

و مع اختلاف أبطال كل قصة يبقى السيناريو واحد في شتى المحافظات.

وقبل أن تتفاجأ عزيزي القارئ بمستريح منطقتك أو تقع ضحية لأحدهم، دعني أبلغك أين تجد المستريح، أو تكتشفه دون عناء ؟!

كل عمليات النصب التي سبق الإشارة إليها أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الشخص “المستريح” يقبع هناك حيث يوجد “المريّح” الذي يسعى للثراء في أسرع وقت وبأقل مجهود .

ولعل أبرز الأسباب التي يعزو إليها انتشار ظاهرة المستريح هذه الأيام؛ تكمن في أن الشخص المريح أو “المأنتخ” أصبح سمة من سماتنا، فالجميع الآن يبحث عن الثراء السريع دون جهدٍ أو تعب، وبالتالي أصبحنا فرصة عظيمة للمستريحين.

فالثابت أن المستريحين على اختلاف سماتهم أو مستواهم التعليمي لا يمتلكون أية صفات خارقة، بل أغلبهم على الأرجح ليست لديه أي سمات تؤهله للنصب، فدائما كنا نسمع جملة “النصاب ذكي ” ويكون لديه بعض السمات التي يستطيع من خلالها إيهام الضحية و إقناعه بما يريد، غير أن حوادث النصب الأخيرة لا يملك أبطالها ثمة شيء من هذه السمات.

ففي الواقعة التي شهدتها محافظة المنيا على سبيل المثال خلال العام الماضي تمكن أحد المستريحين من جمع 1.2 مليار جنيه!!، هلى تخيلت الرقم ؟!! هل أدركت عدد أصفاره؟!!

غير أن ما يثير الدهشة أن فيديوهات مخاطبة هذا الشخص لضحاياه سواء أيام العز المرتبطة بجني الأرباح الزائفة أو بعد حدوث الأزمة المرتبطة بانصهار أصول الأموال وتفتتها أظهرته متواضعا في الفكر والأسلوب والعقلية و حتى مشروعه المزعوم.

استطاع هذا الرجل الذي لا يملك أيا من مقومات الإقناع جمع هذا المبلغ، و ذلك لان المريحين هم من أقنعوا أنفسهم بأشياء غير منطقية ولا تمت للواقع بصلة.

السيناريو واحد في جميع قصص المستريحين، شخص طيب و عارف ربنا (يُمثِل ذلك بالطبع) وحوله بعض الاشخاص المتنكرين وراء لحية او بعض الجمل التي توحي لك بأنه رجل متدين، مما يصبغ على الوضع القائم صبغة الدين و القيم ظلما و بهتانا، يبدأ الناس في وضع الثقة في هؤلاء ثم ما هي إلا شهور و تنكشف الكارثة، و هنا أود الإشارة إلى التقرير الرائع الذي نشرته زميلتنا بموقع الحكاية منى سرحان بعنوان (دقون حول المستريحين) بوصفه يستحق القراءة.

و في الأخير يوجد المستريح حيث يوجد المريح “المأنتخ” الذي لا يريد أن يكد و يواصل الليل بالنهار حتى يستطيع تحقيق آماله و طموحاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى