وكأن المصريين أدمنوا الوقوع فى فخ النصب، لا يتم القبض على مستريح حتى يظهر غيره، وكل مستريح يحصد الملايين بخدع ساذجة ومفضوحة ومتكررة ورغم ذلك يقع فيها المئات، وبعضهم يدفع تحويشة العمر راضياً، وربما يستدين وتصبح المصيبة مزدوجة، التحذيرات من الإعلام والأجهزة المعنية لا تتوقف من خطر نصابى توظيف الأموال ولكن لا حياة لمن تنادى، رزق النصابين على المصريين الذين يتسابقون على البحث عن نصابين يسرقون أموالهم، والجديد هذه المرة أن فخ النصب أصبح إلكترونياً، معلوم أن النصابين لا يعدمون الوسائل، فهذه وظيفتهم، والنصب الالكترونى أحدث حيلهم لسرقة أموال المواطنين، منذ أيام تم القبض على مُؤسِّسِي التطبيقِ الإلكترونيِ المسمَّى «هوج بول» الذين قاموا بالاحتيالِ على المواطنين وتمكنوا مِنْ الِاستيلاءِ على اموالهم ،بطرق الدفع الإلكترونية ، وإيهامهم باستثمارِ مدخراتهم المالية لديهم مقابل حصولهم على أرباحٍ ماليةٍ يوميةٍ منْ إدارةِ التطبيقِ، وذلكَ بعدَ استقطابِهِم بطرقٍ ووسائلَ احتياليةٍ للترويجِ للموقعِ والتطبيقِ عبرَ شبكةِ المعلوماتِ الدوليةِ، وعبرِ مجموعاتٍ التواصلِ بتطبيقِ «WhatsApp»، وخلالَ لقاءاتٍ دَعائيةٍ عُقدتْ لجذبِ المواطنينَ.
المشكلة ليست في التطبيق ولا فى النصابين، المشكلة بكل صراحة فى المواطنين الذين لا يتعظون، فخلال العامين الماضيين فقط سقط فى يد الشرطة عشرات المصابين الذين نهبوا أموال الغلابة بحجج وألاعيب وهمية من المنوفية إلى القاهرة والمنيا وسوهاج وصولاً إلى أسوان، ومع كل مرة نتوقع أن يكون الجميع استوعبوا الدرس ولن يجد أي مستريح جديد مواطنين يخدعهم لأن المصرى لا يلدغ من المستنسخين مرتين، ثم نفاجأ بمستريح جديد وضحايا بالعشرات يصرخون لاسترداد فلوسهم، الأمر على ما يبدو يحتاج دراسة اجتماعية يقوم عليها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ليكشف لنا كلمة السر فى نجاح كل مستريح فى خداع الناس، هل لأن المصريين طيبون أكثر من اللازم، آم أنهم يعشقون الربح السريع وتغريهم الارقام الكبيرة التى يعلنها النصابون، أم أن هناك أسباب أخرى لا نعلمها، القضية ليست سهلة، صحيح الشرطة لا تقصر فى ضبط كل حالات النصب والاحتيال، لكن الحل ليس فى القبض على كل مستريح يظهر سواء كان عادى أو الكترونى، مهما بذلت الداخلية من جهد لمطاردة هؤلاء، فلن تنتهي الظاهرة إلا اذا توقف المواطنون عن الاستجابه لهم، الحل يتطلب وعياً مجتمعياً بخطورة الاستسلام للنصابين، ومعرفة بالطرق الشرعية والأمنة لإستثمار الأموال، أن يدرك كل مواطن أن الربح كلما زاد كلما كان ذلك سبباً يدعو للقلق وليس للطمع.