أيمن عدلي يكتب.. انتهاك المرأة لنفسها في عصر “تيك توك”
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت منصات مثل “تيك توك” تجذب ملايين المستخدمين حول العالم ولا سيما الشباب ،ومع زيادة شعبية هذه المنصات، شهدنا ظاهرة جديدة تتعلق بكيفية تقديم النساء لمحتوى يُظهرهن في صور قد تُعتبر في كثير من الأحيان انتهاكًا لكرامتهن ،حيث إن القبول بتقديم محتوى يهدف لتحقيق أرباح مالية بسيطة على حساب القيم والمبادئ يُعتبر نوعًا من انتهاك الذات، ويضعنا أمام تساؤلات عديدة حول الهوية المصرية.
وتشهد وسائل التواصل الاجتماعي احتدامًا كبيرًا حول ما يُعرف بـ “محتوى الفتيات”، فبعض النساء يعتبرن أن إنشاء محتوى مستفز يجذب الانتباه يعتبر وسيلة لتحقيق دخل سريع ، في الوقت الذي ينطوي فيه هذا المحتوى على مخاطر جسيمة، أولها فقدان الاحترام الاجتماعي وتقلص قيمتهن كنساء مصريات ، فالمحتوى الذي يتناول أشكالًا مختلفة من الاستفزاز أو التبسيط المفرط لشخصية المرأة يمكن أن يؤدي إلى تقليل قيمة النساء في المجتمع المصري.
تحليل الظاهرة يستدعي النظر في العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تقف وراءها ، فالكثير من الفتيات والشابات قد يجدن أنفسهن أمام واقع مادي صعب، مما يدفعهن للبحث عن وسائل غير تقليدية لكسب المال ، ومع الثورة الرقمية يصبح “التيك توك” خيارًا مغريًا ،ولكن هذه الخيارات تُظهر في بعض الأحيان النساء بصورة سلبية وتكرّس نمطًا من العنف النفسي والاجتماعي.
علاوة على ذلك، يعود الضرر إلى السياق الاجتماعي والثقافي الذي يُحيط بالمرأة المصرية ، ففي بلد يتسم بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية، يصبح من ضمن الأولويات الدعوة إلى تعزيز قيمة المرأة والاحترام الذاتي ،ورعم ذلك نجد أن بعض الفتيات يختنقن بين طموحاتهن وأفكار المجتمع، مما يجعلهن محاصرات بين النجاح المادي والاحترام الذاتي.
إن الحل ليس في محاسبة هذه الفتيات أو توبيخهن، بل في تقديم الدعم والتوجيه ويجب أن نعمل جميعًا على خلق بيئة تُشجع على التعبير الإبداعي دون المساس بالقيم الإنسانية ، وضرورة أن نعيد تسليط الضوء على نموذج المرأة المصرية القوية التي تتمتع بالذكاء والإبداع والشجاعة، بدلاً من تصويرها بصور مبتذلة تٌعرض على الشاشات.
وبناءً على ذلك، يجب تبني حملات توعوية تستهدف الفتيات لإظهار آثار هذا المحتوى السلبي على حياتهن وحياة المجتمع ككل ،بالإضافة إلى أهمية تعزيز الوعي العام حول كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي.
في الختام، اعتقد إن الوقت قد حان للوقوف ضد انتهاك الذات من قِبَل المرأة من خلال تقديم محتوى قد يؤثر سلبًا على مكانتها الاجتماعية ، خاصة وان كسب القليل من المال ليس عذرًا لتقليل قيمة النفس، فمن المهم أن نعيد تقييم تلك خياراتنا بحذر وأن ندعم قيمنا الأصيلة التي تكرم المرأة المصرية وتعزز من دورها الفاعل في المجتمع.