أين دفن المقريزي وابن خلدون في مصر؟
أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان، عالم الآثار، على أن جبانة باب النصر تعد جزءًا لا يتجزأ من تاريخ مصر منذ العصر الفاطمي وحتى اليوم، رغم عدم تسجيلها كأثر أو مبنى تاريخي.
وأوضح أن المسؤولية تقع على عاتق الجهات المعنية التي لم تقم بتسجيلها لحمايتها، رغم احتوائها على مقابر شخصيات بارزة مثل بدر الدين الجمالي، الذي أنشأ أسوار القاهرة في العصر الفاطمي، وأيضًا مقابر ابن خلدون والمقريزي.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور ريحان إلى ما جاء في كتاب المؤرخ الدكتور أيمن فؤاد سيد “القاهرة خططها وتطورها العمراني” (إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2018).
حيث تم الكشف عن أن بدر الدين الجمالي دفن في جبانة باب النصر بعد عام 480 هـ / 1087 م، في منطقة شمال مصلى العيد خارج الباب. تضمنت هذه الجبانات مقابر لأفراد من عائلته وأشخاص آخرين.
كما لفت الدكتور ريحان إلى أن مقبرة الدير شمال باب النصر تحتوي على ضريح يُعرف باسم “قبة يونس السعدي”، الذي يحتفظ بعناصر معمارية وزخرفية من العصر الفاطمي، مما يؤكد أنه كان يُعتقد في السابق أنه ضريح بدر الدين الجمالي، والذي تغير اسمه لاحقًا.
وأشار إلى مقابر أخرى مهمة مثل مقبرة أحمد بن علي المقريزي، التي دفن فيها العديد من العلماء والأعلام، والتي ذكرت في “الخطط” للمقريزي.
وأوضح أيضًا أن ابن خلدون دفن في مقابر الصوفية خارج باب النصر، طبقًا لدراسة الدكتور سيد محمود من جامعة الفيوم.
ووفقًا للآثارى محمد النجار، فإن الجبانة تعرضت للتدهور مع مرور الوقت، وخصوصًا مع توسيع شارع الجمالية في عام 2001.
وأكد الدكتور ريحان أن جبانة باب النصر تعد من أقدم الجبانات في القاهرة، وقد تم إنشاؤها في القرن العاشر الميلادي.
استعرضت الدكتورة جليلة القاضي، أستاذ التخطيط العمراني في جامعة باريس، تاريخ الإزالات التي تعرضت لها الجبانة، بدءًا من عام 1932، حيث أزيل جزء كبير منها.
كما صدر مرسوم ملكي في عام 1934 بمنع الدفن في الجبانة وتحويلها إلى حديقة عامة، وتعرضت لعملية إزالة كبيرة في نهاية الألفية الثانية.
وأكد الدكتور ريحان أن الجبانة لم تتعرض لأية عمليات هدم منذ بداية الألفية الثالثة، لكنها تدهورت بشكل مستمر.
وقدمت الدكتورة جليلة القاضي مشروعًا لتحويل جبانة باب النصر إلى حديقة جنائزية، والذي أدرج في مخطط القاهرة الكبرى عام 1992.
وأشار الدكتور ريحان إلى أن المدفونين في جبانة باب النصر يشملون العديد من الأعلام، مثل الحافظ شرف الدين الدمياطي، والحافظ القطب الحلبي، وابن هشام النحوي، والشاعر المحدث ابن نباتة المصري، وغيرهم.
وأكد الدكتور ريحان أهمية هذه الجبانات كموقع تاريخي واستثنائي ضمن حدود القاهرة التاريخية المسجلة ضمن التراث العالمي من قبل اليونسكو عام 1979، وأنه يجب الرجوع إلى اليونسكو في أي مشاريع تتعلق بالقاهرة التاريخية لضمان عدم إدراجها على قائمة الآثار المهددة بالخطر.