سياسةهام

إثيوبيا تحارب داخليًا وخارجيًا.. 9 مجموعات معارضة تتحد ضد حكومة أديس أبابا والجيش يستدعي قوات الاحتياط.. إدانات عالمية والدول تطالب رعاياها بالفرار

يزداد الصرع في إثيوبيا اشتعالا، بين الجبهات المتناحرة، المتمثلة في قوات الجيش الإثيوبي التابعة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وقوات إقليم تيجراي المعارضة؛ التي  نجحت في توحيد قواتها مع 9 مجموعات معارضة أخري، حيث أعلنت تسع جماعات إثيوبية متمردة في مقدمتها جبهة تحرير شعب تيغراي، أنها شكلت تحالفا ضد حكومة أديس أبابا برئاسة أبي أحمد أطلق عليه “الجبهة المتحدة للقوات الفدرالية والكونفدرالية الإثيوبية”.

أعلنت تسع جماعات إثيوبية متمردة، ومن بينها جبهة تحرير شعب تيغراي،  أنها شكلت تحالفا ضد الحكومة الفدرالية برئاسة أبيي أحمد. وأعلنت الجبهة وجيش تحرير أورومو، وهو جماعة مسلحة من إثنية أورومو شكلوا معها تحالفا في آب/أغسطس، تحالفهما إلى جانب سبع حركات أخرى أقل شهرة ونطاقها غير مؤكد،  وهذه الحركات المسلحة هي مجموعات من مناطق مختلفة (غامبيلا وعفر وصومالي وبني شنقول) أو مجموعات إثنية (أغوي وكيمانت وسيداما) التي تشكل إثيوبيا.

وبدأ النزاع في إثيوبيا في نوفمبر 2020، عندما دخلت القوات الفيدرالية إلى إقليم تيغراي، لطرد مسلحي الجبهة المتمردة، التي تقول أديس أبابا إنها هاجمت قواعد عسكرية، لكن في يونيو الماضي، استعاد مقاتلو الجبهة معظم مناطق تيغراي وواصلوا هجومهم في منطقتي عفر وأمهرة المجاورتين.

تحالف تشكل “استجابة للأزمات التي تواجه البلاد”

 

وقال التحالف الذي أطلق عليه “الجبهة المتحدة للقوات الفدرالية والكونفدرالية الإثيوبية”، في بيان أن ذلك جاء “استجابة للأزمات التي تواجه البلاد” و”لعكس الآثار السلبية لسلطة أبيي أحمد على شعوب إثيوبيا”، واعتبر أنه من “الضروري العمل معا وتوحيد الجهود من أجل عملية انتقال” في إثيوبيا.

من جانبها، طلبت الولايات المتحدة الجمعة من الأمريكيين الموجودين في إثيوبيا “مغادرة البلاد في أسرع وقت” على وقع “تصاعد” وتيرة النزاع. وقالت السفارة الأمريكية في أديس أبابا عبر تويتر: “نوصي بشدة المواطنين الأمريكيين بالعدول عن التوجه الى إثيوبيا، وأولئك الموجودين حاليا في إثيوبيا بالبدء بالاستعداد لمغادرة البلاد”.

انتصارات جبهة تيجراي

 

أعلنت جبهة تحرير شعب تيغراي، الفصيل المسلح المعارض للحكومة الإثيوبية، الأربعاء 10 نوفمبر 2021، أنها حققت انتصارات في عدة جبهات، فيما رد الجيش الإثيوبي مؤكدا أنه حاصر مقاتلي تيغراي في المناطق التي توغلوا فيها.

وأعلن جال مارو، قائد جيش تحرير أورومو، المتحالف مع جبهة تحرير تيجراي ، أن قواته بالقرب من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وتستعد لهجوم آخر، متوقعا أن تنتهي الحرب «قريبا جدا» بانتصارهم.

كما أعلنوا استعادتهم مدينتين استراتيجيتين على مسافة 400 كلم من العاصمة، ولم يستبعد مقاتلو جبهة تحرير شعب تيجراي وحلفاؤهم من جيش تحرير أورومو الزحف نحو أديس أبابا.

اعتقالات وانتهاكات حقوق الإنسان ضد جبهة تيجراي

 

أفادت الأمم المتحدة، بأن السلطات الإثيوبية اعتقلت أكثر من 70 سائقا يعملون لصالح المنظمة، ولم يتضح انتماء السائقين العرقي، فيما قالت مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية الأحد، إنها تلقت العديد من التقارير بشأن القبض على المنتمين لعرق تيغراي في العاصمة.

وأدانت الولايات المتحدة الثلاثاء، الاعتقالات على أساس اثني في إثيوبيا بعد اعتقال السلطات الإثيوبية 16 موظفا أمميا خلال مداهمات استهدفت متحدرين من إقليم تيغراي بموجب حالة الطوارئ، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، للصحافيين إن “المضايقات من قبل قوات الأمن والاعتقال على أساس اثني غير مقبولة على الإطلاق”.

الحكومة الإثيوبية ترد على انسجاب الأمن من العاصمة

 

نفى المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، التقارير التي تحدثت عن غياب عناصر الأمن في العاصمة أديس أبابا، موجها في وقت نفسه اتهامات إلى جبهة تحرير تيغراي باستخدام المدنيين دروعا بشرية.

وأضاف في مؤتمر صحفي في أديس أبابا أن الأنباء التي تحدثت عن اختفاء عناصر الأمن من العاصمة غير صحيحة ومضللة، لافتا إلى أن بلاده تواجه ما وصفه بـ “هجوم إعلامي ودولي ضخم يتضمن تضليلا بشأن حقائق الأوضاع في إثيوبيا”، خاصة بشأن الوضع الأمني في أديس أبابا.

الجيش الإثيوبي يدعو أفراده السابقين للتطوع مجددا

 

دعا الجيش الإثيوبي منتسبيه السابقين (قوات الاحتياط) للانضمام مجددا إلى الجيش ومواجهة تقدم القوات المتمردة، وفقا لبيان صادر عن القوات المسلحة الإثيوبية الجمعة.

وحث بيان الجيش المتقاعدين ممن هم دون الـ55 عاما على التسجيل والانضمام مجددا للجيش والوقوف بوجه قوات المتمردين، في حين يجب ألا يتجاوز عمر الضباط الـ60 عاما وعمر الضباط القادة 64 عاما، وفقا للبيان.

وشدد الجيش على أن أولئك الراغبين بالتسجيل للانضمام مجددا للقوات المسلحة عليهم أن يفعلوا ذلك بأنفسهم في شُعب التجنيد الموجودة في مناطقهم أو بمكاتب الجيش، حسب البيان، وفي ظل تطبيق قانون الطوارئ في البلاد فقد أجازت الحكومة سحب الأشخاص القادرين على القتال ممن هم فوق الـ18 عاما إلى الخدمة العسكرية.

إدانات عالمية لما يحدث في إثيوبيا

 

أدانت منظّمات إنسانية، بينها “العفو الدولية”، فرض حالة الطوارئ من جانب الحكومة الإثيوبية  التي تتيح تفتيش كل شخص يشتبه بأنه مناصر “لفصائل إرهابية” واعتقاله من دون مذكّرة توقيف، وقال محامون إن التوقيفات العشوائية في صفوف أبناء تيغراي ازدادت الأسبوع الماضي وطاولت الآلاف منهم.

وأفاد مسؤولو إنفاذ القانون إن هذه الاعتقالات تندرج في سياق حملة قمع مشروعة لفصيلي “جبهة تحرير شعب تيغراي” و”جيش تحرير أورومو”.

وفي وقت سابق، قال الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة إنه لا توجد فرصة كبيرة لإنهاء القتال في إثيوبيا، في حين حذرت الأمم المتحدة من أن خطر انزلاق إثيوبيا في حرب أهلية واسعة النطاق “حقيقي للغاية”.

وقدم كل من مبعوث الاتحاد الإفريقي للقرن الإفريقي، الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانغو، ومنسقة الشؤون السياسية بالأمم المتحدة، روزماري ديكارلو، إحاطة لمجلس الأمن الدولي.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أيضا أن واشنطن تعتقد أن هناك نافذة صغيرة للعمل مع الاتحاد الإفريقي لإحراز تقدم في إنهاء الصراع مع عودة المبعوث الأميركي للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان إلى أديس أبابا.

ومع تطورالأحداث بين الفينة والأخرى دعت دول عدة رعاياها إلى مغادرة إثيوبيا في وقت يشهد النزاع بين المتمردين والقوات الحكومية في شمال البلاد تصعيداً. وأمرت الحكومة الأميركية، السبت، دبلوماسييها غير الأساسيين بمغادرة إثيوبيا، ودعت السعودية رعاياها بمغادرة إثيوبيا، وغيرهم من الدول التي اتخذت إجراءات مماثلة.

أصل الصراع في إثيوبيا

 

يرجح المحللون بأن المسألة الإثيوبية الحالية سياسية عرقية دينية، إذ تتكون إثيوبيا من تسعة أقاليم عرقية ذات حكم ذاتى، تختلف فيما بينها من حيث اللغة (يُقال إن فى هذا البلد نحو 100 لغة)، هذه العرقيات هى “الأورومو، والأمهرة، والتيجراى، والقومية الصومالية، وجوراغ، وولياتا، وعفار، وهادييا، وجامو”.

ويتمثل الصراع  الحالي بين عرقى الأورومو والتيجراى، فالعرق الأول يشكل أغلبية سكان إثيوبيا “35% تقريباً بـ35 مليون نسمة”، ويتركز فى وسط إثيوبيا، وهم يتحدثون اللغة الأورومية، ويعمل أغلبهم بالزراعة والرعى، وينتمى إليها رئيس الوزراء الحالى آبى أحمد، الذى جاء بعد احتجاجات كبيرة من الأوروميين ضد حكومة هايلى مريام ديسالين “المنتمى لعرق آخر وهو وليتا”، وسبب هذه الاحتجاجات التى اندلعت فى 2015 كان إرث قديم من شكاوى الأوروميين من تهميش الحكومات المتتابعة.

أما التيجراى فهم ثالث الأعراق من حيث العدد ويشكلون نحو 6.1% من سكان إثيوبيا، ويأتون بعد الأمهرة (27% من عدد السكان)، وكانت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى هى أقوى أطراف الائتلاف الحاكم فى إثيوبيا لسنوات عديدة، بل كانت مهيمنة تقريباً على مقاليد السياسة الوطنية بالبلاد لما يقرب من ثلاثة عقود وتحديداً منذ عام 1991، منذ تولى ميليس زيناوى السلطة، حيث استحوذت على المناصب الحكومية والعسكرية المهمة، وحتى اندلاع الاحتجاجات، لكن رئيس الحكومة الفيدرالية آبى أحمد، كبح نفوذها بعد توليه السلطة عام 2018.

ولم يكتفي آبى أحمد بهذا التحجيم، بل حل الائتلاف الحاكم، الذى كان يتألف من عدة أحزاب إقليمية عرقية، وأعلن دمج الأحزاب فى حزب واحد أطلق عليه اسم “حزب الرخاء”، وهو الحزب الذى رفضت جبهة تحرير تيجراى الانضمام له، كما أقال قادة الجيش المنتمين للتيجراى وكذلك أصحاب الوظائف الكبرى وغيرهم.

ويعتبر الطابع الدينى أيضا سبب مهم في هذا الصراع، حيث أن التيجراى يدينون بالمسيحية، بينما يدين أغلبية الأورومو بالإسلام، وهى أزمة كبيرة كانت قد نشأت قديماً، ولازالت آثارها بكل تأكيد موجودة على الساحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى