الدكتور صفاء عبد العزيز تضع روشتة لحل مشاكل أطفال الشوارع
أكدت الدكتورة صفاء عبد العزيز أبو سعده مدرس إدارة الأعمال بجامعة بنها أن هناك جهودًا مبذولة للقضاء على مشاكل أطفال الشوارع ، الذين يشكلون خطراً داهم على المجتمع.
وأوضحت في بحثا لها بعنوان :”استخدام مدخل النظم في وضع خطة استراتيجية للقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع”، أن هناك أدوارا لعددًا من الجهات لحل هذه المشكلة، فهناك دورًا للمحافظين من خلال المساهمة ببعض الأموال المخصصة لتنمية المحافظة من خلال تخصيصها لدعم أطفال الشوارع الذين وصلوا إلى السن القانوني للعمل، وتحديد الصناعات التي تحتاج إليها المحافظة والتي يمكن أن تستفيد منها ويعمل بها أطفال الشوارع ، كذلك يمكن المساهمة من خلال تحديد الأماكن التي يستطيع أطفال الشوارع اللجوء إليها حماية لهم من براثن الخوف والفزع الذي يواجهونه في الشارع.
على الرغم من الجهود الهائلة المبذولة من قبل الدول العربية والأجنبية لمحاولة القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع ، إلا أنها ركزت على الناحية الشكلية والوصفية بدرجة كبيرة، أما الناحية الموضوعية لحل المشكلة، فلم تنظر لها نظـرة متعمـقــة لوضع حــل جذري للقضاء علـى هذه الظــاهـرة، حيث تم وضع حلول جزئية وليست جذريه، فهناك حلول أحادية وحلول شاملة باستخدام نظرية المنظومات المتكاملة، وبالتالي مايحدث هو اختفاء جزئي للظاهرة لفترة زمنية مؤقتة ثم تظهر براثنها من جديد لتهدد بالخطر الداهم أمن المجتمع.
و تُعد ظاهرة أطفال الشوارع من أخطر المشاكل المستقبلية الماثلة أمام المجتمع بأثره.فأطفال الشوارع يشكلون خطراً داهم على المجتمع، وهم صغار يتشبعون بالجوع والفقر والحرمان والمرض ولا يجدوا من يؤويهم أو يخفف عنهم آلامهم، وبالتالى يصبحون أشراس كالأسد الجائع الذى يريد أن يلتهم فريسته دون شفقة أو رحمة. فقد شاهد العالم على قنوات التلفاز والقنوات الفضائية أطفال الشوارع وهم يدمرون ويحرقون ويكسرون وهم يبتسمون دون أى مبالاه أو تقدير لمسئولية ما يرتكبونه من أفعال ، بل ويتسابقون فى الظهور أمام الكاميرات وكأنهم يتباهون بما يفعلون، وكأن الفرصة أصبحت سانحة أمامهم لكى يعترف المجتمع بهم هؤلاء الأطفال يتحولون من أبرياء إلى أشقياء ومن المسئول؟! لا شك أن هؤلاء الأطفال ضحية المجتمع بأثره.
ويرى البحث ضرورة التصدى لهذه الظاهرة تصديا جذريا يؤدى إلى القضاء عليها، فلقد آن الأوان أن تتحد الجهود والأفكار وتكمل بعضها البعض حتى يمكن وضع حل جذري لهذه الظاهرة وهو مايسعى البحث لتحقيقه من خلال مقترح في ظل منظومة متكاملة تساعد في القضاء على الظاهرة من جذورها وتؤدي إلى استفادة الدولة من رأس المال الفكري المهدر والذي يمثل قنبلة موقوتة « والمتمثل في أطفال الشوارع» ويمكن توضيح دور كل الجهات المعنية بالقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع في المنظومة المتكاملة ممايلي:
أولا: دور المؤسسات المدنية:
1, دور المحافظين في القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع: ويمكن أن يتم ذلك من خلال المساهمة ببعض الأموال المخصصة لتنمية المحافظة من خلال تخصيصها لدعم أطفال الشوارع الذين وصلوا إلى السن القانوني للعمل، وتحديد الصناعات التي تحتاج إليها المحافظة والتي يمكن أن تستفيد منها ويعمل بها أطفال الشوارع ، كذلك يمكن المساهمة من خلال تحديد الأماكن التي يستطيع أطفال الشوارع اللجوء إليها حماية لهم من براثن الخوف والفزع الذي يواجهونه في الشارع.
- 2. دور رجال الأعمال: يتم تلقى تبرعات رجال الأعمال، للمساهمة في الحد من هذه الظاهرة، حيث يمكن استخدام هذه الأموال في بناء المشروعات الاستثمارية التي يحتاج إليها أطفال الشوارع.
- 3. دور الجمعيات الأهلية: تستطيع الجمعيات الأهلية تقديم الرعاية المتكاملة لهؤلاء الأطفال في دور الرعاية الخاصة بهم. ويعتقد البحث انه ينبغي أن تكون هناك رقابة صارمة على جميع الجمعيات الأهلية حتى يتم التأكد من أنها تقوم بدورها المنوط بها.
- 4. دور الإعلام: كثيرا من البرامج التلفزيونية تدعم جمع المال لعلاج المرضى ومساعدة الفقراء، وينبغي أن يلعب الإعلام دور فاعل لجمع تبرعات لعمل دور لرعاية هؤلاء الأطفال الأبرياء، إلى جانب نشر التوعية للمواطنين بكيفية التعامل مع الأطفال. والبعد بقدر الإمكان عن عرض الإعلانات و الأفلام والبرامج التليفزيونية التي قد تضر بسلوكيات الأطفال.
- 5. وزارة الصحة: وذلك من خلال توفير أطباء وأخصائيين نفسيين للتعامل مع هؤلاء الأطفال وتأهيلهم نفسيا لإعادة إدماجهم في المجتمع كأفراد أسوياء.
- 6. وزارة التربية والتعليم: وذلك من خلال توفير مدرسين أكفاء على درجة عالية من الخبرة ولديهم قدرة للتعامل مع الأنماط المختلفة لأطفال الشوارع، حتى يمكنهم جذبهم للعملية التعليمية والتعرف على قدراتهم العلمية وتنمية مواهبهم العلمية والعملية.
ثانيا: دور المؤسسات الدينية (الأزهر- الجوامع- الكنائس): ويتمثل دور المؤسسات الدينية لأطفال الشوارع في تقديم الوعي والنصيحة والإرشاد الديني لهؤلاء الأطفال.
ثالثا: دور المؤسسات العسكرية:
- 1. دور الشرطة/ وزارة الداخلية: ويتجلى دور الشرطة واضحا من خلال العمل على البحث عن أطفال الشوارع بالسيارات الدورية، و تجميع هؤلاء الأطفال وحمايتهم من الانحراف من خلال إلحاقهم بدور الرعاية الأهلية.
- 2. دور الجيش/ وزارة الدفاع: ويمكن للجيش المساهمة في القضاء على هذه الظاهرة والاستفادة من رأس المال الفكري المهدر لهؤلاء الأطفال من خلال استخدامهم كقوى عاملة مدربة ورخيصة الثمن في المزارع والمصانع الخاصة بالقوات المسلحة وكذلك استخدامهم في مجالات أخرى تتفق ورغبات هؤلاء الأطفال بعد وصولهم للسن القانونية للعمل مثل (أعمال السباكة- النجارة- وغيرها) الأمر الذي يساعد على تحقيق أعلى استفادة ممكنة من هؤلاء الأطفال.
ومما لا شك فيه أن تضافر الجهود بين الجهات المعنية من خلال الاتحاد والعمل كمنظومة متكاملة في ظل هبة القانون للقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع سيساعد فى تحقيق: 1.الأمن الاجتماعي للمصريين 2.الأمن المجتمعي (مصر والدول الأخرى) 3.التقدم والنمو 4.التنمية الاقتصادية 5. زيادة الدخل القومي.
ويمكن توضيح الخطة الاستراتيجية المقترحة للقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع من خلال التركيز على المحاور والأبعاد الخاصة بالبحث والمتمثلة فيما يلى:
- 1. بعد إداري – وضع خطة للقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع.
- 2. بعد إجتماعى ــــــ حماية المجتمع من القنبلة الموقوتة.
- 3. بعد إقتصادى – الاستفادة من رأس المال الفكري المهدر لأطفال الشوارع وتحقيق التنمية فى الدخل القومي.
- 4. بعد سياسي وتنموي ــــ المساعدة فى المحافظة على الأمن القومي وحماية الحدود.
وفيما يلى عرض لآليات تطبيق الخطة المقترحة.
المرحلة الأولى: تضافر جهود الجهات المعنية لإنشاء مدينة سكنية في المناطق العمرانية الجديدة كمشروع قومي لاستيعاب أطفال الشوارع كأصدقاء للمجتمع (بعد إداري).
المرحلة الثانية: (الأطفال من سن يوم إلى أقل من 5 سنوات) : يتم تجميع أطفال الشوارع الذين تتراوح أعمارهم بين يوم وأقل من خمس سنوات في دار للرعاية المتكاملة وذلك على مستوى المحافظات وحتى نهاية سن المرحلة الابتدائية (11 سنة).على أن يكون بها أخصائيين نفسيين لإعادة التأهيل النفسي والتربوي لهؤلاء الأطفال.
المرحلة الثالثة: (طور المراهقة) : يتم انتقال الأطفال إلى مدينة سكنية متكاملة، كاملة المرافق والمتنزهات والمستشفيات والمدارس، لإعادة دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع ، مع مراعاة وجود الأسرة البديلة لهؤلاء الأطفال مثلما كان الأمر بدور الرعاية. وإلحاقهم بالمدارس الإعدادية مع مراعاة متطلبات طور المراهقة والبلوغ وذلك من أجل تحقيق جودة التأهيل النفسي لطلاب المرحلة الإعدادية وذلك من خلال مراعاة : النمو الجسمي ـــــ النمو العقلي ـــــ النمو الاجتماعي ــــ النمو الوجداني ــــ النمو الروحي
المرحلة الرابعة: إلحاق الطلاب بالمدارس الزراعية والصناعية والتأهيل المهني لمن فشل فى مرحلة التعليم الإعدادي للإستفاده من عقولهم والتعرف على مواهبهم مع مراعاة ربط المنهج العلمي بالحياة العملية لطلاب المرحلة الثانوية (التدريب الميداني) و مراعاة استمرار تحقيق جودة التأهيل النفسي وطور المراهقة.
المرحلة الخامسة: رعاية الأطفال الموهوبين منهم وتأهيلهم كقادة لزملائهم وإلحاقهم بالتعليم الجامعي فى حالة رغبتهم فى ذلك (بعد إجتماعى).
المرحلة السادسة: الاستفادة من الخريجين كأيدي عاملة مدربة وإلحاق المهرة منهم بالمصانع والمزارع الخاصة بالقوات المسلحة وكذلك بالمزارع والمصانع التى تم إنشائها بالمدينة العمرانية الجديدة (بعد إقتصادى) والاستفادة من الباقين فى تعمير محافظة سيناء (زراعيا وصناعيا للمساهمة فى المحافظة على الأمن القومي (بعد سياسي وتنموي)
ومن الجدير بالذكر أن تحقيق آليات تنفيذ الخطة الاستراتيجية للقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع يمكن تحقيقها دون أن تتكلف الدولة أي أعباء مالية، حيث تبين للبحث من خلال الدراسة الميدانية أن نسبة 99% من المواطنين لديهم استعداد لدفع ما يزيد عن 2جنيه شهريا (2-10) في مقابل اختفاء هذه الظاهرة حرصا على سلامتهم ضد خطر أطفال الشوارع الحالي والمتوقع تفاقمه مستقبلا ، وذلك إلى جانب تبرعات رجال الأعمال، والجمعيات الأهلية التي تساعد في القضاء على هذه الظاهرة .
كما ينبغي التأكيد على ضرورة تخصيص صندوق لجمع التبرعات الخاصة بدعم أطفال الشوارع على أن يشرف على هذا الصندوق جهة موثوق بها. ويقترح البحث أن تكون هذه الجهة هى القوات المسلحة .
وبهذا يمكن أن تتوافر آليات التطبيق ، ويتم القضاء على هذه الظاهرة المخيفة ,الأمر الذي يؤثر بدوره على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الأمن والأمان للمواطنين من قبل هؤلاء الأطفال .
(تم عرض هذا البحث في مؤتمر بالمانيا – برلين ( 2-3 نوفمبر 2019م) وقد اشترك في هذا المؤتمر 22 دولة عربية وأجنبية .وتم عرض البحث في اليوم الأول ( الجلسة الرابعة) وحظي على قبول تام من رئيس الجلسة والسادة الحضور بفضل الله ، وبعد الجلسة صرحت بعض الدول بأنها ستقوم بتطبيقه في دولتها , كما تم نشر البحث في الكتاب الثاني ( البحث رقم 8 ) للمؤتمر والمكون من 10 أجزاء (كتب) .