بسمة الصقار تكتب: الدكتور رضا حجازي يوقف العمل بمرسوم ثيودوسيوس الثاني
في زيارة لي لمدينة بامبلونا باسبانيا لحضور احد المؤتمرات ، لاحظت ونحن في جولة باحدي القلاع القديمة ان باب الدخول مكتوب عليه بالاسبانية entrada وبالانجليزية entrance وكلمة اخري لم افهم معناها فهي ليست بالفرنسية او الالمانية ! وتوقعت انها تعني نفس المعني وهو دخول ! وبسؤال الفتاة الجميلة التي كانت ترافقنا اجابت انها لغة ( الباسك ) وهو اقليم يجمع بين مناطق متفرقة من اسبانيا وفرنسا وان سكانه المدن المنتمية لهذا الاقليم يتحدثون ويتعلمون تلك اللغة المحلية في المدارس ولذلك فكل اللافتات في الاماكن الحكومية والاتوبيسات والاماكن السياحية لابد ان تكون باللغتين معا !
نفس الشئ حدث معي في برشلونة حين وجدت اللغة الكتالونية نسبة الي اقليم كتالونيا مستخدمة وحية في كل مكان ويتم تعليمها في المدارس ، حتي ان المراسيم الحكومية هناك تصدر باللغتين معا !
في نفس الزيارة كان علي الطاولة المجاورة زميل طبيب من جامعة باثيوبيا اسمها جامعة ( حواسا ) ولاحظت ان شعار الجامعة مكتوب عليه الاسم باللغة الامهرية واللغة الانجليزية ، وطلبت منه ان يكتب لي جملة بتلك اللغة فكتب لي ( مرحبا صديقتي الغالية ) علي غلاف مفكرتي ، سرح بي الفكر وانا استنكر تعمد وأد اللغة المصرية القديمة والتي بالمناسبة تحتل كلمات تفوق الالاف منها حديثنا اليومي والذي نطلق عليه العامية المصرية بنفس النطق ونفس المعني ! اي انها لغة حية مستخدمة وليست مندثرة كما اوهمونا !!!
اتعجب من حرص كل شعوب العالم علي دراسة علم المصريات وفك اسرارها في الوقت الذي يعزف فيه ابناء مصر عن دراسة تاريخهم وحضارتهم، بيد ان السبب الحقيقي في ذلك هو تعمد كل محتل لنا ان يفصلنا عن هذا التاريخ العظيم بان يفرض علينا لغته منذ ان اصدر الامبراطور ثيودوسيوس الثاني ( ٤٠٨ : ٤٥٠ ميلادية ) بحظر الكتابة باللغة المصرية حتي يسيطر علي الشعب الذي كان يتحدث ويكتب لغة لا يفهمها المحتل ، ومن بعده جاء العرب وقاموا بتعريب جميع الدواوين المصرية لنفس الاسباب وبذلك تم فصلنا عن تاريخنا وحضارتنا منذ اكثر من ١٦٠٠ سنة
فاصبحنا كإبن وحيد ترك له والده كنز من العلوم والفنون والمعادلات الرياضية والهندسية ، وعلوم الفلك والعمارة والطب والصيدلة وهو كما نقول لا يستطيع فك الخط !!!
الي ان جاء الوزير الواعي الشجاع دكتور رضا حجازي وقرر ايقاف العمل بهذا المرسوم اللعين بداية من العام الدراسي ٢٠٢٣ / ٢٠٢٤ وان يتم تدريس الكتابة المصرية القديمة في مناهج الصف الاول والثالث الابتدائي واستعانت لجنة تطوير المناهج الدراسية بالدكتور الرائع / مصطفي نجدي استاذ اللغة المصرية القديمة بكلية الاثار جامعة القاهرة فأعطوا الامر لأهله فأنجزه علي اكمل وجه ، بطريقة شيقة ممتعة تجذب الاطفال وتحمسهم .
اتمني ان يكتمل الحلم ، فتكتب اسماء محطات مترو الانفاق واسماء الشوارع واللافتات في المصالح الحكومية والوزارات والجامعات والمدن الجديدة بالحروف المصرية القديمة جنبا الي جنب مع اللغة العربية حتي يعتاد المصريون علي شكل الحروف وتركيباتها فتكون مرئية للجميع في كل مكان فتعتاد العين عليها كي يسهل تعلمها وتعود حية كتابتاً كما هي حية ألفاظا وسط كلامنا اليومي .
تحية تقدير لهذا القرار الواعي الذي لا يصدر الا من وزير شجاع يعكس رؤية مختلفة تجعلنا نري بريق الامل واضح جلي يعدنا بمستقبل مشرق بشمس علم اجدادنا العظام الذين تركوا لنا الكثير وفي انتظار احفادهم كي يقرأوا ويكشفوا الستار عن كنوزهم الخفية .