مانشيت الحكاية

ذكرى رحيل إمام الدعاة| مواقف وطنية وسياسية خالدة للشيخ الشعراوي.. وملك السعودية يستجيب لرأي الإمام بالإبقاء على مقام إبراهيم أثناء توسعة الحرم المكي

تحل اليوم الذكرى الـ 24 لرحيل إمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 17 يونيو عام 1998 عن عمر يناهز 87 عاما، والذي يعد أشهر مفسري القرآن الكريم في العصر الحديث، وله قاعدة شعبية كبيرة.

وترجع شعبية الشيخ الشعراوي لأسلوبه البسيط في تفسير القرآن الكريم، الذي يصل إلى قلوب الملايين من المسلمين حول العالم، بمختلف مستوياتهم المعرفية وطبقاتهم، كما أنه كان من أشد المؤكدين على مبدأ الوحدة الوطنية.

توفي الشيخ محمد متولى الشعراوى، في مثل هذا اليوم 17 يونيو عام 1998 عن عمر يناهز 87 عاما، وترك خلفه إرث ثري من الحلقات التليفزيونية من خواطره حول آيات القرآن الكريم، وعدد من المؤلفات مثل:” خواطر الشعراوى، المنتخب في تفسير القرآن الكريم، خواطر قرآنية، معجزة القرآن، من فيض القرآن، المرأة في القرآن الكريم”.

 

السيرة الذاتية للشيخ الشعراوي

ولد الشيخ محمد متولي الشعراوي في 15 إبريل عام 1911، بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، ثم ألحقه والده بالأزهر، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور.

وعين مديراً للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف عام 1961، وفي العام التالي عين مفتشاً لعلوم اللغة العربية بالأزهر الشريف، وفي 15 إبريل 1976، منح وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، ثم عين وزيرا للأوقاف في حكومة ممدوح سالم، كما اختير عضواً بمجلس الشورى، وفي عام 1983 منح وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، واختير عضواً في مجمع اللغة العربية عام 1987، وفي عام 1988 منح وسام في يوم الدعاة.

 

مواقف الشيخ الشعراوي في الوحدة الوطنية

كان الشيخ الشعراوي رمزاً أصيلا من رموز الوحدة الوطنية، ومن أبرز مواقفه كتابة شعراً في مطران كنيسة المنصورة، حين زار قريتهم، وتزامنت الزيارة مع عيد الأضحى، وقال فيه الشعراوى: “اليوم حل بأرضنا عيدان.. عيد لنا وزيارة المطران”.

وكان الشيخ الشعراوي يحض في خطبه وبرامجه المسلمين على ضرورة العيش المشترك، كما أن هناك تصريحات للشيخ الشعراوي تحض على التعاون بين المسلمين والمسيحيين في الأمور والفضائل والقيم المشتركة لأجل صالح الوطن، وله مقولة معروفة في ذلك عند لقائه بالبابا الراحل الأنبا شنودة الثالث في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وهي “إن مساحة الاتفاق بين المسلمين والمسيحيين واحدة، ويمكن أن نعمل جميعًا من خلالها، غايتنا رفعة مصر وتقدم شعبها ووحدة أبنائها”.

وقال الشيخ الشعراوي رحمه الله خلال اللقاء الذي جمعه مع البابا شنودة في الكاتدرائية قال وعلى الملأ كلمة مؤثرة وهي: “أنا باعتبر من منح الله لي في محنتي أنه جعلني أجلس مع قداسة البابا شنودة”، كما أكد الشيخ في اللقاء ضرورة وأهمية الود بين المسلمين والمسيحيين كتعليم إسلامي عندما ذّكّر الحضور والعالم ووسائل الإعلام بالآية القرآنية التي تقول “ولتجدن أقربهم مودة الذين قالوا إنا نصارى ذلك لأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون”.

 

مواقف الشيخ الشعراوي السياسية

كان إمام الدعاة لديه علاقات قوية مع رؤساء مصر، ولكن العلاقة الأقوى كانت مع الرئيس الراحل محمد حسني مبارك التي اتسمت بالمحبة.

في عام 1996 نجا الرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك من محاولة اغتيال على يد متطرفين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وعندما عاد مبارك إلى أرض الوطن، حرص على تهنئته عدد من رموز الفكر والدين.

 

وعندما حان دور الشعرواي وجه كلمته إلى الرئيس مبارك قائلا: «:إني يا سيادة الرئيس أقف على عتبة دنياي لأستقبل أجل الله، فلا أريد أن أختم حياتي بنفاق، وسأقول كلمة موجزة للأمة كلها حكومة وحزبًا ومعارضة ورجالًا وشعبًا سلبي، أريد منهم أن يعلموا أن الملك كله بيد الله يؤتيه من يشاء فلا تآمر لأخذه، وكيد للوصول إليه، فلن يحكم أحد في ملك الله إلا بمراد الله، فإن كان عادلًا فقد نفع بعدله، ومن كان جائرًا ظالمًا قبحه الله في نفوس كل الناس فيكرهون كل ظالم، وانصح كل من يجول في ذهنه أن يكون حاكمًا بأن لا يطلب الحكم، ولكن يجب أن يطلب له، حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال من طُلب إلى شيء أعين عليه، ومن طلب شيئًا وُكل إليه».

وخاطب الشيخ  الشعراوي الرئيس الأسبق مبارك قائلًا: «ياسيادة الرئيس، لعل هذا يكون آخر لقاء لي بك، فإذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وإذا كنا قدرك فليعنك الله على أن تتحمل».

 

ملك السعودية يستجيب لرأي الإمام بالإبقاء على مقام إبراهيم

كشف نجل الشيخ محمد متولي الشعراوي، الدكتور أحمد الشعراوي عن موقف حدث عند عزم السعودية توسعة الحرم المكي في عام 1954، بعدما زاد عدد الحجاج بشكل كبير خلال تلك السنوات، وقررت تنفيذ مشروع توسيع الحرم المكي.

وأضاف: “بينما يتم توسيع الحرم المكي وصلت شكوى إلى ملك السعودية تخطره بأن مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، يؤدي إلى إعاقة الطائفين، خاصة في الأيام التي يكون فيها الحرم مزدحما مثل أوقات الحج والعمرة في شهر رمضان، لهذا قام بعض العلماء بتقديم اقتراح بأن يتم نقل المقام إلى الخلف بجوار الرواق، ووافق الملك وبالفعل تم اتخاذ إجراءات النقل.

وعندما علم الشيخ الشعراوي بأمر نقل المقام من مكانه إلى الخلف قبل الموعد الذي تم تحديده للنقل بخمسة أيام، كما قيل له بأن علماء السعودية استندوا في قرار النقل بسيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث سبق أن نقله عندما كان ملاصقًا للحرم في بداية الأمر، واعترض الشيخ الشعراوي على فكرة نقل المقام، حيث رأى أنها مُخالفة للشريعة، وتحدث مع علماء في المملكة، لكنهم قالوا إن الأمر انتهى وأن المكان الجديد للمقام تم الانتهاء منه.

وبعد ذلك أرسل الشيخ الشعراوي خطاب إلى الملك سعود قائلًا فيه: “يا جلالة الملك سعود لا يصح أن يتم نقل مقام سيدنا إبراهيم من مكانه، حيث إنه مكان ومكين، وأن مكان المقام محدد والحجر الذي صعد عليه أبونا إبراهيم عليه السلام محدد أيضًا، لذلك فلا يصح نقله إلى الخلف”.

وروى الشيخ الشعراوي لملك السعودية سعود بن عبد العزيز آل سعود، قصة سيدنا عمر بن الخطاب عندما جاء سيل في الحرم، وأدى إلى إزاحة الحجر من مكانه، فقام خليفة المؤمنين بإعادته إلى نفس المكان، دون أى تغيير، حيث كان من الصحابة من قام بقياس المسافات التي بين الكعبة وبين موقع الحجر، وتمت إعادته إلى مكانه من جديد.

وعندما قرأ الملك سعود الرسالة قام بدراسة الأمر مرة أخرى مع علماء المملكة العربية السعودية، وعلى الفور أصدر قرارًا بإبقاء الحجر فى مكانه، بل وتناقش مع الشعراوى فى قرار التوسعة وأخذ بآرائه فى ذلك الأمر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى