مقالات

صفوت سليم يكتب: إسرائيل وحرب الوجود.. متى يتحرك العرب؟!

167 يومًا كَامِلًا مَرَّت على الحربِ الهمجيَّةِ التِي يَشُنهَا شذاذ الأرضِ على الفلسطِنيين، أَيَّام مُلَبدَة بِالغيومِ وعائلات مُحيَت مِن السِّجلَّات، وشهدَاء أَسفَل البناياتِ لَم يَتِم استِخراجُهم حَتَّى الآن، وأطْفَال صِغَار يُبادون على المشَاع، وانتهاك لِلمواثيق الدَّوليَّة كَافَّة، وبرْبريَّة وَاضِحة لِلعالمِ أَجمَع، ومع ذَلِك لَم تَتَورَّع الإدارةُ الأمريكيَّةُ وتتراجعُ عن دَعْم إِسْرائيلَ مُنْذ عَمَليَّة طُوفان الأقْصى، وَالتِي كَشفَت هَوَان الجيْش الإسْرائيليِّ الهَش الضَّعِيف، وَالذِي يَعتَمِدُ بِشَكل كَامِلٍ على سِلَاح وَعَتاد الإدارة الأمْريكيَّة، ولوْلَاه لَسقَط مغْشيًّا عليْه، مُنْذ اللَّحظات الأُولى، مِن السَّابع مِن أُكتُوبَر، وَهِي حَرْب الوُجود الدَّائرة رحاهَا فِي الدَّاخل الفلسْطينيِّ.

الإدارةُ الأمْريكيَّةُ تَدعَم الكيَان الصُّهْيونيَّ، بِأطْنَان الأسْلحةِ والذَّخائر لِلخلَاص مِن الشَّعْب الفلسْطينيِّ، وطمْس هُويَّة تِلْك القضِية العادلة نِهائِيًّا، حَتَّى يَرتَع ويلْعبَ الكيَانُ كيْفمَا يَشَاء، ولَا عَزَاء لِأصْحَاب الأرْضِ، من لَهُم اليَد الطولى، وَمِن ينْحتون فِي الصُّخور رَغْم قِلَّة الموارد، ويدافعون عن هُويَّتِهم، ويتشبَّثون بِقضيَّتِهم، رَغْم كُلِّ رَغْم، مِن فِقْدَان لِلْأهْل وَتدمِير مَنازِل وَتشرِيد، وأطْفَال يتضوَّرون جُوعًا، نظرًا لِعَدم وُجُود طَعَام، وَهُو مَا يَعنِي أنَّ تَصفِية القضِية حُلْم صُيهُوني غَيْر قَابِل لِلتَّطْبيق على أَرْض الواقع، لِأنَّ مَا يَحدُث مِن مُقَاومَة لِمحْتلٍّ بغيض، فِكْرَة، والْفكْرة لَا تَمُوتُ، بِبساطة التَّعَطُّش لِلدِّمَاء لَن يَخلُق هُدوءًا، فجميع مِن يسْتشْهدون فِي الدَّاخل الفلسْطينيِّ، أَمَام أطْفالهم، مع مُرُور الزَّمن سيكْبرون، ويصْبحون جُيوشًا جَرَّارة تُقِض مَضاجِع إِسْرائيل، ولن يسْتطيعوا النَّوْم مِنْهم لَحظَة.
فَمُنذ السَّابع مِن أُكتُوبَر، شهيد يُودِّع شهيدًا، حَيْث ارتفَع عدد شُهَداء العدْوان الإسْرائيليِّ على قِطَاع غَزَّة إِلى 31 أَلفًا و923، والمصابين إِلى 74 أَلفًا و96، ومع ذَلِك لَم تَتَراجَع المقاومة عن مُلَاحقَة الجيْش الإسْرائيليِّ فِي الكثِير مِن مَحاوِر القتَال، وتوقُّعهم قَتلَى وجرْحى، وَهُو مَا يَعنِي أنَّ الصِّرَاع الدَّائر بَيْن الكيَان الصُّهويني، والمقاومة يَلفِت النَّظر إِلى حَقِيقَة مُهمَّة، أنَّ الانفجار الجاري جاء نَتِيجَة تراكمات، لـ 76 عامًا تُرتَكَب فِيهَا إِسْرائيل جَرائِم حَرْب وإبادة ضِد الفلسْطنيين أَمَام أَنظَار العالم، ولم تَتَدخَّل جِهة رَدْع تُعيد اَلأُمور إِلى نِصابِهَا اَلصحِيح، لِذَلك جاء طُوفان الأقْصى لِيعبِّر عن كمِّ الغضب فِي الصُّدور، وَلكِن ردَّ إِسْرائيل على هُجُوم 7 أُكتُوبَر تَجاوُز كُلِّ اَلخُطوط الحمْراء، والْبركة فِي الإدارة الأمْريكيَّة دَاعِمة الخرَاب والدِّماء فِي العالم، وَالتِي تُمنِّي نفْسهَا بِتحقُّق نصْرًا خِلَال الانتخابات الأمْريكيَّة المقْبلة، بِالاعتماد على سَيطرَة اللُّوبي الصُّهْيونيِّ وتحكُّمه بِمقاليد اَلحُكم فِي مَجلِس الكونْجرس الأمْريكيِّ، وَتموِيل المرشَّحين لِعضْوِيَّة المجْلِس وَتموِيل المرشَّحين لِرئاسة الولايات المتَّحدة الأمْريكيِّة، وبالتَّالي تَحقِيق الفوْز على المنافسين، أيْ مُنافسين.
إِنَّ إِدارة بَايدِن، مُنْذ الوهْلة الأُولى لِلصِّرَاع الدَّائر فِي فِلسْطِين، سارعتْ بِإرْسَال الأسلحةِ والذَّخائر إِلى إِسْرائيل، بِغيَة سَيطرَة إِسْرائيل على مَفاصِل الحرْب، وَتحقِيق انتصارات حَتَّى إِنَّ كَانَت مُؤَقتَة، لِتهْدِئة الأوْضاع مِن جَانِب، وَضَمان وُجُود رئيس الوزراء الإسْرائيليِّ بِنيامين نتنْياهو أَطوَل فَترَة مُمْكِنة فِي اَلحُكم، خَاصَّة أنَّ هزيمَته فِي تِلك الحرب تَعنِي القضَاء عليه ساسيًا، وَعوْدَة الأُمور لِنصابهَا الصحِيح، وَعدَم التَّخَلُّص مِن المقاومة التِي صَدعُوا رُؤوسنَا بِهَا مُنْذ بِداية الحرْب، وَهُو الحُلم صَعْب المنَال، وَمِن جَانِب آخر ضَمانَة الرئِيس الأمْريكيِّ جُو بَايدِن اللُّوبي الصَّهْيونيِّ، خِلَال الانتخابات المقبلةِ، مَا يَعنِي أَننَا إِيزَاء صَفقَة يَدفَع ثَمنُها الأبرياء وأصحَاب الأرض، لِذَا لَن تَتَراجَع الإدارة الأمريكيَّة عن دَعم الكيَان الصُّهيويني، مُهمًّا كلَّفهَا الأمْر، لِأنَّ مَا يَحدُث يَعتبِره الشُّركاء فِي الجريمة ومصَّاصو دِّمَاء حَرْب الوُجُود.
فيَبدو أنَّ نتيناهو كان مُتعطِشًا لِلدِّمَاء؛ فظَهر ذلك جليًا خِلَال حديث الأيَّام القليلة الماضية، أَمَام لَجنَة العمل السِّياسيِّ الأمْريكيَّة الإسْرائيليَّة “إِيبَاك” المؤيِّدة لِإسْرائيل، بِأنَّ “مُسْتقْبَل الشَّرْق اَلْأَوسط يَعتَمِد على تَحقِيق النَّصْر فِي غَزَّة !.. فهل تمَّ تَحقِيق النَّصْر إِلى الآن ؟… بِالطَّبْع لَا، كمَا تَطرَّق إِلى أنَّ النَّصْر يَعنِي مَنْع غَزَّة مِن أن تُصْبِح تهْديدًا لِإسْرائيل مَرَّة أُخرَى فِي أيِّ وَقْت فِي المسْتقْبل، وَهُو الأمر بَالِغ الصُّعوبة مَدَام أَصحَاب الأرْض لَم ينالوا حُقوقهم كَامِلة، وَيكُون لَهُم دَولَة مُسْتقِلَّة على حُدُود 1967، وعاصمتهَا اَلقُدس الشَّرْقيَّة.
الخلاصة يَجِب أن يَكُون هُنَاك مَوقِف عَربِي مُوحَّد لِرَدع إِسْرائيل، وبذْل اَلجُهود كَافَّة لِمَنع الإبادة الجماعيَّة اَلتِي تَحدُث فِي الدَّاخل الفلسْطينيِّ، لِأنَّ مَا يُحَاك كثير وَمقلِق، وَيكشِف أنَّ مَا وَرَاء الأكَمة مَا وَرَاءهَا.. يَجِب تَوحِيد اَلموْقِف لِعربيٍّ لِوَقف المذابح، لِبَعث الأمل دَاخِل نُفُوس الفلسْطنيين، لِرَدع إِسْرائيل وإجْهَاض مُؤامرات اَلغُرف المغْلقة، لِعَدم شُرُود الضَّوْء.. يَجِب أن يَتِم التَّوَصُّل لِصيغة تَمكُّن العرب مِن رَفْع الظُّلْم التَّاريخيِّ عن الشَّعْب الفلسْطينيِّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى