عهد جديد من الشراكة بين مصر وبريطانيا| 3 زيارات تاريخية لـ تشارلز الثالث قبل تنصيبه ملكًا.. سجل إعجابه بالحضارة المصرية وأبدى انبهاره بعظمة القدماء
مع إعلان تشارلز الثالث رسميا ملكا لبريطانيا في احتفال تاريخي خلفا لوالدته الراحلة الملكة إليزابيث الثانية، تتأهب المملكة المتحدة للدخول في منعطف جديد تتجاوز تأثيراته حدود المملكة وصولا ليس فقط لدول الكومنولث أو للقارة الأوروبية ولكن أيضا لمختلف أقاليم العالم.
علاقة بريطانيا ومصر
جاءت زيارة تشارلز الأخيرة لمصر – في شهر نوفمبر الماضي – بمثابة تأكيد واضح على ما يوليه ملك بريطانيا الجديد من تقدير واهتمام يصل لحد الشغف بمصر ومكانتها وثقلها السياسي والديني والحضاري؛ وهو تقدير يؤمن جليس العرش البريطاني الجديد انه يتخطى في عالم اليوم ومع ارهاصات بزوغ نظام عالمي جديد حدود الماضي والحاضر الى آفاق المستقبل وحماية الكرة الارضية وشعوبها من مخاطر الصراعات وقبلها من التغيرات المناخية .
“من يشرب من مياه النيل يعود إليه مرة أخرى”، عبارة حرص الملك تشارلز الثالث على التأكيد عليها في كلمة ألقاها خلال حفل الاستقبال الذي أقيم بمطعم “ناين لاونج” بمنطقة الأهرامات خلال زيارته الأخيرة، حيث بدأ حديثه بتوجيه التحية باللغة العربية “السلام عليكم”.
زيارة تاريخية رحب بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله لأمير ويلز وولي عهد بريطانيا آنذاك، مؤكدا أن مثل هذه الزيارة تعد محطة جديدة داعمة للعلاقات التاريخية بين البلدين، أخذاً في الاعتبار ما تمثله دوماً الزيارات الملكية البريطانية من علامات بارزة تظل ماثلة فى الذاكرة السياسية والشعبية لكلٍ من مصر وبريطانيا.
تشارلز الثالث زار مصر 3 مرات
وهذه الزيارة لم تكن الأولى له بل الثالثة من نوعها والأولى بعد ثورة 30 يونيو وما شهدته مصر من تطور وإنجازات تتضاعف يوما يلو الآخر؛ حيث سبق وأن قام ملك بريطانيا بينما كان وريث العرش آنذاك بزيارة مصر مرتين، الأولى في عام 1981، مع زوجته الأولى الراحلة الأميرة ديانا، حيث كانت مصر أبرز محطات شهر العسل، والزيارة الثانية للأمير تشارلز في عام 2006 مع زوجته الحالية دوقة كورنوول انذاك كاميلا الملكة القرينة حاليا.
ساهم تشارلز في صناعة زخم العلاقات بين مصر والمملكة المتحدة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية عندما كان وليا للعهد ويتوقع أن يواصله بوتيرة أسرع وأعمق بعد تتويجه ملكا للمملكة المتحدة ،، وهو فى الواقع الملموس زخم تعكسه الاتصالات واللقاءات المتواصلة لاسيما على مستوى القمة وايضا فى اطار التنسيق المشترك بين البلدين بشان المناخ حيث ترأس مصر – حاليا – الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ (كوب 27)، فيما استضافت المملكة المتحدة الدورة السادسة والعشرين للمؤتمر، والتى عقدت في أكتوبر الماضي بجلاسكو.
وعكست زيارة تشارلز وقرينته لمصر – نوفمبر الماضي – بشكل قوي، العلاقات المتميزة بين البلدين، وساهمت فى توطيد “روابطنا الإنسانية”، حسب وصف السفير البريطاني بالقاهرة جاريث بايلى .
وكان لافتاً وقتها لكافة المراقبين السياسيين كونها الاولى لهما الى الخارج بعد توقف دام شهورا طويلا جراء تفشى وباء كوفيد ١٩ ما يعكس اهمية خاصة ودلالة رمزية على مدى اهتمام جليس العرش البريطانى الجديد بمصر.
قضايا مشتركة بين مصر وبريطانيا أبرزها المناخ
تشاور مستمر بين القاهرة ولندن بشان القضايا المناخية عكسه ايضا الاتصال الهاتفي الذى جرى بين وزير الخارجية سامح شكرى فى يوليو الماضى والملك تشارلز الثالث حين كان وليا للعهد حيث ابرز شكرى الرئيس المعين ل”كوب٢٧” رؤية مصر وأهدافها للدورة القادمة لمؤتمر الأطراف، والجهود التي تقوم بها في الوقت الراهن في إطار استعداداتها لرئاسة المؤتمر.
كما أكد وزير الخارجية خلال الاتصال على تطلع مصر للعمل مع الأمير تشارلز خلال الفترة القادمة لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الجهد العالمي لمواجهة تغير المناخ، بما في ذلك خلال الدورة ٢٧ لمؤتمر الأطراف في مصر، كما عبر عن تطلع مصر إلى مشاركة تشارلز الثالث في أعمال قمة قادة العالم خلال المؤتمر .
وجاء التنوع المدروس لمحطات تشارلز وقرينته خلال زيارته الاخيرة الى مصر والتى استهلها باستقبال الرئيس السيسى والسيدة قرينته لهما ليعكس بوضوح عمق ادراكه لعناصر قوة ومصر وتفردها..
تاريخ العلاقات بين مصر وبريطانيا
وتشهد العلاقات التاريخية بين مصر والمملكة المتحدة تدشين مرحلة جديدة من الشراكة، اتخذت أبعادا أوسع نطاقا فيما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبى او ما يعرف ب”بريكست”.
تعاون شامل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالاضافة الى تحرير كامل للتجارة تضمنتها الاتفاقية التى وقعتها مصر وبريطانيا نهاية العام ليرسما من خلالها ملامح لعهد جديد من التعاون بين البلدين المرتبطين بشراكة استراتيجية طويلة الامد.. عهد بدأ مع انفصال صعب لبريطانيا عن التكتل الاوروبى عقب المخاض العسير لمفاوضات استمرت ما يقرب من اربع سنوات ونصف من تاريخ الاستفتاء الذى جرى فى ٢٠١٦.
العلاقات الاقتصادية بين مصر وبريطانيا
تستند العلاقات الاقتصادية بين مصر وبريطانيا لتاريخ طويل من التعاون المشترك في مختلف المجالات التجارية والصناعية والاستثمارية، عكست الاتفاقية – التى وقعت بمقر وزارة الخارحية – اهتمام قيادتى البلدين بتعزيز التعاون الاقتصادي المشترك بهدف تحقيق نقلة نوعية في معدلات التجارة البينية والمشروعات الاستثمارية للشركات البريطانية في مرحلة ما بعد البريكسيت لاسيما وان المملكة المتحدة تحتل المرتبة الأولى، من حيث حجم المساهمة في الاستثمار الأجنبي المباشر بالسوق المصري من خلال ١٦٣٠ شركة باستثمارات تبلغ ٥٫٤ مليار دولار تتركز غالبيتها في القطاع الصناعي.
ويحرص الجانبان على التنسيق المشترك فيما يتعلق بالقضايا الاقليمية والمحلية محل الاهتمام المشترك وهو ما تعكسه الزيارات المتبادلة بين مسئولى البلدين والاتصالات المتواصلة بين قيادتى البلدين.
وتعد المملكة المتحدة من أكبر الدول من حيث حجم الاستثمار المباشر فى مصر، حيث تبلغ قيمة استمارات الشركات البريطانية 48 مليار دولار أمريكي في جميع القطاعات الأقتصادية شاملة قطاعات النفط والغاز والاتصالات والأدوية والسلع الاستهلاكية سريعة التداول.