فيروس ماربورغ القاتل.. تسرب من ألمانيا خلال أنشطة في المختبر وانطلق ليحصد أرواح الأفارقة.. القرود وخفافيش الفاكهة عوائل وسيطة للفيروس الفتاك ولا أحد بأمان
كوارث تلو الأخرى تعرض لها العالم على مدار الأشهر الماضية، ليأتي الدور على تخوف جديد، اسمه فيروس “ماربورغ”، القاتل الخفي، ليزاحم منظمات الصحة في العالم على السعي لإيقاف أخطاره.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، تسجيل أول وفاة بفيروس ماربورغ، في غينيا، غربي أفريقيا، ليبدأ القلق يسيطر على العالم، خاصة في ظل الضغط الكبير على النظام الصحي في كل دول العالم، وهي البيئة التي تنشط فيها تلك الفيروسات.
وصرحت المنظمة في بيانها، أن “المريض عولج في البدء في مستشفى محلي قبل أن تتدهور حالته سريعا ويلقى حتفه”.
وأوضحت بأنه تم تشخيص الحالة الجديدة في غينيا الأسبوع الماضي، بعد شهرين من إعلان خلو البلاد من فيروس “إيبولا” بعد تفش وجيز العام الجاري أودى بحياة 12 شخصا.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يُسجل فيها ذلك المرض الفتاك في غرب أفريقيا، حيث كان هناك 12 تفشيا كبيرا للفيروس منذ عام 1967 معظمها في جنوب وشرق أفريقيا.
ماذا نعرف عن الفيروس القاتل؟
بحسب منظمة الصحة العالمية، يعد فيروس “ماربورغ”، من جنس فصيلة الفيروسات “فيلوفيريداي” التي تضم إلى جانبه فيروسي “كويفا”، و”إيبولا”، وهو واحد من أكثر الفيروسات فتكا، ويصنف كواحد من أخطر 3 فيروسات، بخلاف كورونا، مهددة لحياة الإنسان.
وتم تحديد فيروس ماربورغ لأول مرة في عام 1967، في مدينة ماربورغ الألمانية، ولذلك تم تسميته على نفس اسم المدينة.
وتشير المصادر التاريخية، إلى أن التفشي الأول لفيروس ماربورغ كان في مختبرات في مدينتي ماربورغ وفرانكفورت بألمانيا وفي بلغراد بيوغسلافيا السابقة، بسبب أنشطة مختبرية كانت تستعمل نسانيس أفريقية خضراء (Cercopithecus aethiops) استوردت من أوغندا، وتم تسجيل 25 حالة من حالات العدوى الأوّلية أدّت 7 حالات منها إلى الوفاة.
ومنذ تحديد الفيروس شهد العالم 12 حالة من تفشي الفيروس معظمها في جنوبي وشرقي القارة الأفريقية، بحسب منظمة الصحة العالمية، كانت أشدها في أنجولا في عامي (2004-2005) حيث بدأت في مقاطعة أويج في أكتوبر 2004، وتم الكشف فيه عن آخر حالة مؤكّدة مختبرياً في يوليو 2005.
وأكدت وزارة الصحة في أنجولا حدوث 374 حالة أدّت 329 حالة منها إلى الوفاة (بنسبة 88%)، وذلك في جميع أنحاء البلد، وأكدت أنه تبيّن أنّ هناك علاقة مباشرة بين جميع الحالات التي اكتُشفت في المقاطعات الأخرى وفاشية أويج.
ويعتبر ماربورغ أحد الفيروسات الفتاكة التي تودي بحياة البشر وهو واحد من أخطر 3 فيروسات بخلاف فيروس كورونا، تهدد حياة الإنسان خاصة في الدول التي تفتقر إلى الرعاية الصحية الأولية والتي يعاني نظامها الصحي من نقص في الأسرّة والتجهيزات ولا تمتلك خطة واضحة للتطعيمات.
كيف ينتقل الفيروس إلى الإنسان؟
يقول الباحثون إن فيروس ماربورغ ينتقل إلى البشر عن طريق التعامل مع الحيوانات البرية المريضة المصابة أساسا كالقرود وخفافيش الفاكهة، ثم ينتقل بعد ذلك بين البشر عن طريق الاتصال المباشر مع المصاب، سواء بنقل الدم أو أي من سوائل الجسم المصاب أو من خلال ملامسة إفرازات الجسم المصاب (البراز والقيء والبول واللعاب والإفرازات التنفسية)، وتلك الإفرازات تحتوي على الفيروس بتركيزات عالية.
وتوصل العلماء كذلك إلى أن الفيروس موجود في “مني” المصابين به بعد شفائهم السريري من المرض بفترة بلغت سبعة أسابيع.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن استخدام معدات الحقن الملوّثة بالفيروس أو التعرّض لوخز الإبر الملوّثة به، يؤدي إلى وقوع حالات أشد وخامة وتدهور الحالة الصحية بسرعة وزيادة احتمال الوفاة.
وتحذر المنظمة من أنه تزداد قدرة المصابين على نقل العدوى كلّما تطوّر المرض لديهم، مشيرة إلى أنه “تبلغ تلك القدرة ذروتها خلال مرحلة المرض الوخيمة”.
من هم الفئات الأكثر عرضة للإصابة؟
ترى منظمة الصحة العالمية أن جميع الفئات العمرية معرضة للإصابة بالفيروس، إلا أن غالبية المصابين كانوا من البالغين، وهذا لا يعني أن الأطفال في أمان.
ما هي أعراض الإصابة؟
تقول منظمة الصحة العالمية إن فيروس ماربورغ يؤدي إلى “حمى ماربورغ النزفية”، ويتسبب في مرض وخيم وشديد الفتك بالناس.
فترة حضانة الفيروس
وتشير الدراسات إلى أن فترة حضانة الفيروس ما بين 3 إلى 9 أيام، وتشمل الأعراض المفاجأة للفيروس الصداع الشديد، ووعكة شديدة، ثم يبدأ المصاب بتقيؤ الدم وآلام العضلات، وارتفاع الحرارة، وفي مرحلة متأخرة من الإصابة بالفيروس ينزف بعض المرضى من خلال فتحات الجسم مثل العينين والأذنين.
وتقول منظمة الصحة إنه “عادة ما يتعرّض المريض لحمى شديدة في اليوم الأوّل من إصابته، يتبعها وهن تدريجي وسريع”.
أما اليوم الثالث “يُصاب المريض بإسهال مائي حاد وألم ومغص في البطن وغثيان وتقيّؤ. ويمكن أن يدوم الإسهال أسبوعاً كاملاً”.
ونقلت المنظمة أن بعض مراحل الإصابة يظهر المريض في ملامح تشبه “الشبح” حيث يكون بعينين عميقتين ووجهاً غير معبّر وخمولاً شديداً.
كيف يمكن مواجهته
تصل معدلات الوفاة في حالات ماربورغ تراوحت بين 24 في المئة و88 في المئة في موجات التفشي السابقة، بحسب منظمة الصحة العالمية، وتضيف أن “النسبة تعتمد على سلالة الفيروس وأسلوب مواجهة الحالات”.
لكن للأسف حتى الآن لا يوجد دواء أو لقاح معتمد ضد فيروس ماربورغ، لكن معالجة الجفاف والرعاية الداعمة الأخرى يمكن أن تحسن فرص المريض في البقاء على قيد الحياة، لذلك يحتاج التعامل مع الفيروس إلى إمكانيات طبية خاصة لمواجهته، والقضاء عليه.
ويرى موقع “msd”، الطبي المتخصص ضرورة أن يتم عزل المصاب بالفيروس، ويشير إلى أنه من غير المناسب تمامًا استعمال وحدات الرعاية المُركَّزة في المستشفيات العامة لعزل هؤلاء المرضي، أو أن يتم تخصيص أماكن عزل مخصصة لهم وأن يتم التعامل الطبي معهم بعد ارتداء ملابس واقية بشكلٍ كامل، بما في ذلك “مِترسة الرَّأس” المُجهَّزة بجهاز تنفس، رغم عدم الاعتقاد بأنَّ حالات العدوى تنتشر عن طريق الهواء.