يحل اليوم الجمعة، الذكرى الـ 20 لوفاة صالح سليم مايسترو الكرة المصرية وأسطورة النادي الأهلي، والذي رحل عن عالمنا في 6 مايو عام 2002، بعد صراع مع المرض، والذي يعد رمز من رموز الرياضة المصرية والعربية، وأحد أساطير كرة القدم التي نمت وترعرعت داخل القلعة الحمراء، مايسترو الساحرة المستديرة الذي سطع نجمه في الملاعب وعلى شاشة السينما.
بداية المايسترو
ولد صالح سليم في 11 سبتمبر عام 1930 في حي الدقي، بمحافظة الجيزة، ووالده هو الدكتور محمد سليم أحد رواد أطباء التخدير في مصر، ووالدته هي السيدة زين الشرف، التي كان والدها من أشراف مكة المكرمة قبل انتقاله للعيش في تركيا ومنها إلى مصر.
انضم لفريق مدرسة الأورمان الإعدادية، ثم منتخب المدارس الثانوية أثناء دراسته بالمدرسة السعدية، ثم التحق بصفوف الناشئين بالنادي الأهلي عام 1944، بعد أن اكتشفه الأستاذ حسن كامل المشرف على فريق الأشبال بالنادي.
ونجح صالح في إثبات وجوده وموهبته، حتى تم تصعيده إلى الفريق الأول وهو في السابعة عشرة من عمره، وخاض أول مباراة له مع الفريق الأول أمام المصري عام 1948، وفاز الفريق وقتها بهدفين مقابل هدف واحد وأحرز صالح سليم هدف الفوز، أما المباراة الرسمية الأولى، فكانت أمام يونان الإسكندرية في الأسبوع الثالث لبطولة الدوري موسم 1948 وفاز الأهلي بهدفين.
أول لاعب محترف
لم يقتصر مشوار صالح سليم داخل جدران القلعة الحمراء فقط، فبجانب مشواره الكروى كلاعب كرة وأول محترف مصرى فى أوروبا وإدارى ورئيس لأكبر الأندية العربية والإفريقية، كانت له مسيرته الأخرى الفنية المميزة، رغم قلة مشاركته وعدد الأفلام القليلة لكنها ما زالت محفورة فى أذهان الجمهور.
الفن وصالح
المميز فى هذه المسيرة الفنية للمايسترو، إنها ربطت بين ثلاثية رائعة جسدها صالح، الرياضة والفن والأدب، وذلك يتجسد من خلال مشاركته بطولة ثلاثة أفلام، من أيقونات السينما المصرية.
يعد صالح سليم مايسترو داخل الملاعب المصرية وجان على شاشة السينما، فحياته كانت بين فن الساحرة المستديرة، وفن الشاشة الفضية، فشخصية صالح سليم ووسامته وشعبيته في النادي الأهلي وعالم المستطيل الأخضر، جعلت السينما تلهث وراء شهرته، وأصبح نجما سينمائيا مشهورًا، ودخل عالم الفن في فترة الستينات وشارك في 3 أعمال سينمائية.
كان أولى تجارب صالح سليم مع الفن من خلال فيلم السبع بنات أمام نادية لطفي وسعاد حسني، الذي جاء له عن طريق صديقه أحمد رمزي ، شارك فى الفيلم بمثابة ضيف شرف، وكتب على البوستر الدعائى للفيلم لاعب الكرة صالح سليم لاستغلال شعبيته رغم أن دوره كان صغيرا.
الشموع السوداء
ورغم عدم تقديم صالح سليم أي أداء تمثيلي، إلا أنه وقع عليه الإختيار في عام 1962 ليشارك الفنانة نجاة الصغيرة، بطولة فيلم الشموع السوداء، من إخراج عزالدين ذو الفقار، تأليف ضياء الدين بيبرس، بطولة أمينة رزق، فؤاد المهندس، صلاح سرحان، ملك الجمل.
جسد صالح شخصية الأديب أحمد، الذي أصيب بفقدان البصر، وتعرض للخيانة من قبل حبيبته، ويتعرف على الممرضة إيمان ويفتح قلبه لها، ولكنها تتهم بقتل شقيقه فتحي، ويتعرض أحمد للسقوط من على سلالم منزله، ويسترد بصره، ولا يخبر أحدًا سوى صديقه ووالدته، حتى يكتشف القاتل الحقيقي ويقدمه للعدالة.
الباب المفتوح
نجاح صالح سليم في فيلمه الثاني أهله لأن يقف أمام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، من خلال فيلم الباب المفتوح عام 1963، إخراج هنري بركات، وقصة لطيفة الزيات، سيناريو وحوار يوسف عيسى، بطولة حسن يوسف، محمود مرسي، شويكار، محمود الحديني
جسد صالح سليم شخصية حسين، صديق شقيق ليلى، الذي يقع في غرامها، وفي الوقت الذي تقع فيه حبيبته تحت سيطرة والدها، وتفقد ثقتها في المجتمع، ويسعى هو أن يخرجها إلى العالم وأن تتحرر من كل قيودها، وإيجاد نفسها بعيدًا عن الآخرين.
السبع بنات
بدأ صالح سليم مسيرته الفنية بفيلم “السبع بنات”، أمام نخبة من نجوم الفن أبرزهم: سعاد حسني، ونادية لطفي، وزيزي البدراوي، وأحمد مظهر، والفيلم من إخراج عاطف سالم، وتم ترشيح صالح سليم للدور من قِبل الممثل الراحل “أحمد رمزي”؛ نظراً لعلاقة الصداقة القوية التي كانت تجمعهما.
وحصل سليم على مبلغ 50 جنيهًا “عربون” مقابل توقيعه لعقد فيلم ”السبع بنات” من أصل مبلغ 150 جنيهًا، ثم كان أول صدام لصالح مع أهل الفن و السينما عندما طلبوا منه الدخول لغرفة المكياج فرفض، لكن فريق العمل أصر، فاستسلم ثم أعلن بعدما خرج منها أنه نظر في المرآة فلم يعرف نفسه.
ولم يكن دور صالح سليم في “السبع بنات” كبيراً، بل كان يُعد ضيف شرف، وكُتب اسمه على الأفيش بهذه الطريقة: “ولأول مرة لاعب الكرة الدولي، صالح سليم”.
تعرض صالح سليم لهجوم شديد من النقاد السينمائيين منذ عرض فيلمه الأول “السبع بنات”، وكان هذا التصريح أبرز تصريحاتهم ضد سليم : “دخيل على مهنة التمثيل والسينما، ومنهم من قال هنخسر لاعب كرة عظيم، وممثل فاشل”؛ لذلك كان رأي صالح سليم نفسه أنها تجربة فاشلة، وقرر حينها عدم تكرارها.
صالح سليم يستمع للنقد ويبتعد عن الفن
الكاتب الصحفي الكبير لويس جريس، دورًا رئيسيًا في توقف المايسترو عن مشواره السينمائي، لأنه كان من أشد منتقديه.، بسبب رأيه.
وأبدى لويس رأيه بعد عرض فيلم ” الشموع السوداء” مباشرة، قائلاً: ”نجم الكرة اللامع أصابته الخيبة في مجال السينما، المسكين جذبته الأضواء حتي صرعته وتركته للجمهور، والذي استرعي انتباهي ليلة الافتتاح، أن الجمهور من معجبيه الكرويين، لم يحاسبه علي هفوته، بل استقبله بالهتاف والتصفيق، ولكنهم همسوا لبعضهم بأنه (ممثل فاشل)”.
كما كتب لويس عن صالح سليم مرة آخرى بعد عرض فيلم “الباب المفتوح”، وجاء في مقالة لويس: “فشل المايسترو، دارت حوله الحوارات أكثر مما دار عن قصة لطيفة الزيات الممتازة، أو تمثيل العظماء فاتن حمامة، ومحمود مرسي، وحسن يوسف، أو المخرج العبقري بركات، ففشله السينمائي تأكد للمرة لثانية، ولكنه فشل الرجل الناجح، فشل نجم مشهور أُطلق عليه لقب المايسترو، ولعل الكثيرين من أصدقائه سينصحونه بالابتعاد عن السينما، لأنه لا يصلح لها، وكفاه أنه لُدغ من جحر واحد مرتين، فترك صالح سليم عالم الفن؛ عملاً بنصيحة لويس جريس.