تعودنا دائماً أن حفلات التكريم لا تقام إلا لمن غادروا الحياة، وكثيرون من المبدعين والمفكرين لم يشاركوا في تكريمهم، لأن سنة المصريين لا تكريم لحي، وبفعل هذه السنة السيئة غادرنا كثيرون حزنًا لأنهم لم يجدوا تكريمًا يليق بهم في حياتهم.
لكن أكاديمية الشروق كسرت القاعدة وقررت أن يكون للأحياء نصيب من التكريم وأطلقت اسم الإذاعي الكبير فهمي عمر على دفعة ٢٠٢٢ من المعهد الدولي العالي للإعلام بالشروق، اللفتة كانت طيبة ومختلفة من إدارة الأكاديمية، لكن الأهم هو تأثيرها العظيم على عمدة الإذاعيين والسعادة التي بدت على وجهه وكلماته التي لمست مشاعر الجميع، خاصة وهو يقول إنه لم يكن يحلم بهذا اليوم الذي يسجل فيه اسمه على دفعة من الخريجين ليخلد في التاريخ.
بالتأكيد لا يحتاج فهمي عمر للتكريم، لكن سعادته لأنه شعر أن هناك من يقدر عطاء الناس ومن يعرف قيمة الجهد، ما حدث في المعهد الدولي العالي للإعلام بالشروق جعلني أتساءل: لماذا لا تصبح القاعدة في مصر هي تكريم الأحياء، يقينًا لو حدث ذلك فالفارق سيكون كبيرًا، ويكفي أن من يتم تكريمه سيكون حاضرًا جسداً وروحًا ليقدم تجربته بنفسه ويعطى المثل والقدوة للشباب مثلما حدث مع الكبير فهمي عمر، الذى حضر الاحتفالية بنفسه.
وعندما تحدث عنه رئيس الاكاديمية اللواء أحمد عبد الرحيم أو نائبها الدكتور جودة غانم أو عميدة المعهد الدكتورة سهير صالح فكانت كلماتهم الطيبة متجسدة أمام الطلاب في شخص فهمي عمر نفسه الحاضر بينهم وعندما رسم الدكتور صفوت العالم شخصية الاذاعي الكبير كان الاصل موجودًا وحاضرًا ليراه طلاب جيل ربما لم يسعدهم الزمن بالاستمتاع ببرامج فهمي عمر وإبداعه الإذاعي لكنهم رأوه أمامهم يجلس بينهم في نفس القاعة يوم تخرجهم وسمعوا كيف صنع لنفسه اسما وحفر تاريخه بجهده وكفاءته.
هذا هو الفارق، طلاب الاكاديمية هذه المرة لم يسمعوا عن فهمى عمر بل رأوه وتحاوروا معه وسمعوا منه والتقطوا الصور التذكارية بجانبه ليكون قدوة لهم في طريق النجاح، هذا هو الفارق الذى ربما لا يلمسه كثيرون لكنه عظيم الأثر سواء عند من يتم تكريمه أو من يشاركون في التكريم.
لقد وضعت أكاديمية الشروق قاعدة أتمنى أن تسود وتصبح مبدأ سواء في الاكاديمية نفسها أو في غيرها، ولدينا نماذج كثيرة يستحقون أن يتم تكريمهم على حياتهم من أهل الفن والفكر والثقافة والسياسة والاقتصاد لنقدم من خلالهم نماذج حية لشباب الجيل الجديد تمنحهم طاقة ايجابية وتحفزهم على النجاح.
لا أُخفي ان ما رايته من حفاوة وفرحة في هذا اليوم جعلني سعيداً بتكريم الرموز الكبيرة في مصر أمثال الأستاذ فهمي عمر وهنيئًا لهذه الدفعة التي حملت اسمه فهو واحد من الرموز الذين يترجمون معنى الدولة المصرية الجميلة صاحبة الحضارة والتاريخ.
شكراً اكاديمية الشروق والقائمين عليها، ومنهم الصديق النشيط الدكتور رامي عطا، والدكتورة إلهام يونس رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون، وشكراً لتكريم رموزنا الوطنية وتخليدهم لعطائهم واخلاصهم لمصر والدعوات للراحل محمد فريد خميس الذي جعل هذا الصرح الكبير اكاديمية الشروق واحد من أكبر المراكز التعليمية في مصر.