ليلة حرب أكتوبر| كواليس الساعات التي سبقت ساعة الصفر.. خطة الخداع الاستراتيجي شارك فيا الإعلام والجيش والشعب.. ومصر وسوريا شلت حركة العدو في وقت واحد
تحل غدا الخميس ذكرى غالية على قلوب جميع المصريين، ذكرى استعاد من خلالها المصريين الشرف والعزة والكرامة، بعد تحرير الأرض المغتصبة من العدو الإسرائيلي، ذكرى حرب أكتوبر المجيد عام 1973ة، أعظم الحروب في الحب الحديث والتي يدرسها الجيوش حتى وقتنا هذا لعظمتها، وعظمة خطة الخداع الاستراتيجي التي باغتنا بها قوات العدو في ذلك اليوم، محققين انتصارا ساحقا منذ الساعات الأولى لبدء الحرب، والتي انتهت باستعادة سيناء الحبيبة.
وسطر الجيش المصري ورجاله في هذه الحرب ملاحم بطولية، ضحوا خلالها بالغالي والنفيس، وروت دمائهم رمال سيناء، وخلف كل تلك الانتصارات والتضحيات كانت هناك خطة عمل عليها القيادة السياسية في ذلك الوقت شهور قبل ساعة الصفر ظهر السادس من أكتوبر عام 1973، والتي بدأت معها رحلة استعادة الأرض، واستطاع الجيش وقتها كتابة نهاية أسطورة الجيش الذي لا يقهر، كما كان يطلق الجيش الإسرائيلي على نفسه حينها.
وخلال ساعات قليلة اجتاح الجيش المصري خط بارليف وسط حالة ذهول من العدو، وأقام قنوات اتصال بين الضفة الشرقية لقناة السويس وغربها، لنقل قوات الجيش المصري للاشتباك مع العدو، بعد أن أفقده توازنه،
ولقنت قوات الجيش المصر، العدو الإسرائيلي، درسا، قالت عنه رئيسة وزراء إسرائيل، جولدا مائير، في كتابها “حياتي”: “ليس أشق على نفسى من الكتابة عن حرب أكتوبر 1973، ولن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية، فهذا أمر أتركه للآخرين، ولكنى سأكتب عنها كارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي، وسيظل باقيًا معي على الدوام”.
خطة الخداع الاستراتيجي
وضع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بالتنسيق مع الأجهزة المعنية بالقوات المسلحة، والمخابرات، خطة خداع استراتيجي، تم تنفيذها في الفترة التي سبقت الحرب، تمثلت في تحركات كان هدفها تشتيت العدو وتضليله، منها الإعلان أكثر من مرة عن احتمالات شن الحرب، وهو ما دفع إسرائيل إلى الاستعداد واستدعاء القوات الاحتياطية، ليتم تأجيل الحرب، وهكذا أربكت مصر حسابات العدو، وخدعته بخطة شملت الجانب الإعلامي والاقتصادي والسياسي.
وكان من ضمن الخطة تسريب معلومات للجانب الإسرائيلي، مفاداها أن مصر ستبدأ إجراء مناورات شاملة وليس حربا في الفترة من 1 وحتى 7 أكتوبر، وفى يوم 9 أكتوبر سيتم تسجيل الضباط الراغبين في تأدية مناسك الحج، وكذلك تنظيم دورات رياضية عسكرية مما يتنافى مع فكرة الاستعداد للحرب، والإعلان عن السماح لسائر المصريين بالسفر لتأدية الشعائر نفسها مما جعل إسرائيل تظن أن مصر لن تخوض حربا وأنه لن يحدث أي هجوم من قبل الجيش المصري على قواتها.
كواليس ساعة الصفر يوم 6 أكتوبر
اتفق الرئيس السادات مع سوريا على خوض الحرب بمصر وسوريا في نفس الوقت، ولم يكن أحد يعلم موعد الحرب سوى مصر وسوريا، حتى إن السادات حينما توجه للقاء ملك السعودية يخبره بخوضهم الحرب، وسؤاله عما إذا كانت المملكة ستساند مصر، فرد عليه الملك بأن السعودية بالفعل ستدعم مصر، وستقف بجانبها، دون أن يخبر السادات ملك السعودية بموعد الحرب الذي ظل سريا.
بدأ الطيران في تمام الساعة 2 في ضرب 56 هدفا بعمق سيناء، وشارك في الضربة 220 طائرة مصرية، حققت أهدافها بضرب مطارات واحتياطات العدو، وعادت بخسائر بسيطة جدا تقدر بـ2.5%، وبعد انتهاء الطيران من مهمته في 53 دقيقة، بدأ 1500 مدفع، في عمل تمهيد نيراني متتالي على خط بارليف، ثم حملت قوات المشاة 750 قارب مطاطي ونزلت إلى قناة السويس، قبل أن تفرغ المدفعية من ضرباتها، وقبل ذلك بيوم استطاعت أفراد من قوات الصاعقة عبور قناة السويس سباحة، والوصول إلى مخازن النابالم وتعطيلها”.
كيف شارك الجنود في خداع العدو
روى الجنود كواليس الساعات الأخيرة التي سبقت الحرب، قائلين إنهم كانوا ينتظرون يوم العبور لتدمير خط بارليف الذى قالوا عنه إنه لا يقهر وفي يوم الجمعة، أي قبل المعركة بيوم واحد، جمعهم قائدهم عقب صلاة الجمعة التي ألقى خطبتها فرد من التوجيه المعنوي، ليقص عليهم كرامات ومنزلة الشهيد، وغزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمرهم القائد بالإفطار في اليوم التالي دون الصيام، لأنهم سيخوضون معركة، لكن عليهم أن يبقوا تلك المعلومات سرية حتى لا تصل إلى العدو.
ومن ضمن خطة الخداع التي مارسها الجنود المصريون، بدأ بعضهم في غسيل الملابس، بينما يقوم آخرون بلعب الكرة، على الرغم من علمهم بخوض المعركة، حيث تم تقسيمهم إلى مجموعات، وتكليفهم بأن تتولى كل مجموعة السيطرة على دشمة من الدشم الحصينة للعدو، البالغ عددها حوالي 33 دشمة ممتدة من السويس إلى بورسعيد.
وأكد القائد لهم أن توقيت القتال بالنسبة لهم كان الساعة 2 ظهرا، لأنه بعد 5 دقائق ستقوم المدفعية الثقيلة بضرب أهداف العدو، ثم بعد 5 دقائق أخرى سيتولى سلاح الجو العبور، ثم بعد ذلك ستكون هناك ضربة ثانية للمدفعية، وفى هذا التوقيت سيكون المشاة والمهندسين يحملون القوارب لعبور قناة السويس.
وقسمهم قائدهم لـ 3 مجموعات، بحيث تعبر الأولى ثم الثانية، للاشتباك، ولا بد أن تقضى المجموعة الثالثة على العدو، مشيرا إلى أنهم كانوا يحملون أرواحهم على كفوفهم، منتظرين الشهادة، لكن بعد قتال العدو والثأر منهم.