ماذا فعلت الحكومة لتقليل آثار رفع سعر الفائدة الأمريكية؟| خفض الاستيراد والاعتماد على المنتج المحلي.. توطين ودعم الصناعات وتعزيز دور القطاع الخاص
ما زال قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بـ رفع الفائدة بنصف نقطة مئوية، يلقي بظلاله على الأسواق العالمية، وتأثرت اقتصاديات العديد من الدول ومن بينها مصر، وتسبب القرار في حالة من الفزع في العديد من دول العالم، وتسارعت عدد من الدول بـ رفع الفائدة خلال ساعات من قرار الفيدرالي الأمريكي أبرزها دول الخليج العربي، وسط توقعات بموجة من ارتفاع الأسعار سوف تشهدها العديد من دول العالم ومن بينها مصر.
وللتخفيف من اثار هذا القرار على الاقتصاد المصري، اتخذت الحكومة عدة إجراءات من شأنها مكافحة التضخم وتقليل الاثار الناتجة عن هذا القرار، من بينها خفض الاستيراد والعمل على إنتاج مكون محلى بديل، وإطلاق مبادرة دعم وتوطين الصناعات، بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص بالصناعات الكبرى.
مخاوف عالمية من موجة تضخم كبرى
بعد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي البنك المركزي الأمريكي رفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية لمكافحة التضخم المتزايد، في أكبر رفع للفائدة بالولايات المتحدة منذ عام 2000، زادت مخاوف الشارع المصري من موجة تضخم أخرى في الأسعار التي أخذت في الصعود مؤخرا دون توقف متأثرة بالأحداث والأزمات العالمية.
تأثير رفع الفائدة الأمريكية على الأسواق الناشئة
وستتأثر الأسواق الناشئة برفع سعر الفائدة ومن بينهم مصر، نظرا لأن رفع الفائدة سيرفع سعر الدولار مما يؤدى إلى ضعف العملات في الأسواق الناشئة مقارنة بالعملة الأمريكية، ومن المتوقع أن تشهد الأسواق الناشئة، ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم وانخفاضا في الاستثمار في أدوات الدين الحكومية والسندات السيادية، ويأتي ارتفاع معدل التضخم نظرا أن مصر دولة مستورد ومع ارتفاع أسعار السلع المستوردة سيزيد معدل التضخم.
ويقول خبراء إن رفع الفائدة الأمريكية لن يكون الأخير، حيث من المتوقع أن ترتفع الفائدة الأمريكية خلال العام الجاري مرتين لتصل إلى 2%، وخلال عام 2023 من المتوقع أن ترتفع ثلاث مرات.
إجراءات الحكومة لتقليل آثار رفع سعر الفائدة الأمريكية
تستعد الحكومة المصرية لاتخاذ إجراءات لتقليل آثار التداعيات السلبية لرفع سعر الفائدة الأمريكية منها:
– تقليل الاستيراد والعمل على إنتاج مكون محلى بديل.
– تستعد الحكومة لإطلاق مبادرة دعم وتوطين الصناعات للاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات.
– وتعزيز دور القطاع الخاص في توطين العديد من الصناعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، والحوافز المقترحة في هذا الشأن.
ومن المتوقع أن تعقد الحكومة مؤتمرا صحفيا الأسبوع المقبل تنفيذا للتكليفات الرئاسية بشأن إعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي تشمل تنفيذ إجراءات عاجلة لتحسين مناخ الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجالات البنية التحتية والطاقة والصحة والتعليم والتحول الرقمي.
جهود الحكومة لجذب الاستثمارات الأجنبية
استثمرت الدولة على مدار السنوات الماضية في بناء بنية تحتية قوية قادرة على جذب الاستثمارات، وتتيح فرص النجاح لأي مستثمر حقيقي، كما تتخذ الحكومة العديد من الخطوات حاليا لتعميق الشراكة مع القطاع الخاص باعتباره شريكا مهما في التنمية، ومصدرا لتوفير فرص العمل وتحسين أوضاع المواطنين.
وتعد أهم الفرص الاستثمارية المتاحة في مختلف قطاعات الدولة، ولا سيما في قطاع تحلية المياه، ومشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر.
ورفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة يؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار، مما يؤثر على سعر الصرف، ويؤدي لمزيد من زيادة الأسعار في مصر وزيادة معدلات التضخم.
وقرار الفيدرالي الأمريكي سيكون له تبعات على الدول المدينة والاقتصاديات الناشئة، ويضع المزيد من الضغوط على الدول ذات المديونية الكبيرة، وتصبح تسدد الدولار بقيمة أعلى، بحسب ما أكدت توقعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
أبو بكر الديب: أتوقع رفع الفائدة في مصر من 1 إلى 2 %
وفي هذا السياق توقع الدكتور أبو بكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، رفع الفائدة في اجتماع لجنة السياسات المالية بالبنك المركزي المصري يوم 19 مايو ما بين 1 الي 2%، وبالتالي هبوط الجنيه أمام الدولار من جديد.
وأضاف خلال تصريحات خاصى لموقع الحكاية أن أمريكا لديها سياسة لخفض التضخم المرتفع جدا، ولمستوي قياسي منذ 40 سنة وهي تسعي لخفضه وتصديره للخارج عبر رفع مستويات الفائدة أكثر من مرة هذا العام وهو ما ضر بالأسواق الناشئة ومنها مصر.
الديب: شراء الذهب خطوة ذكية لدعم الاحتياطي
وأكد الدكتور أبو بكر أن شراء البنك المركزي المصري 44 طنا من الذهب خلال شهر فبراير الماضي أي قبل الحرب الروسية الاوكرانية خطوة ذكية، من طارق عامر، خاصة أن الدول صارت تتململ من الدولار، ويمكن التعامل جزئيا باستخدام الذهب، أسوة بنا فعلته ماروسيا “إما الذهب أو الروبل”، لأنه مهما ارتفع الدولار فان رصيد لذهب آمن، حيث وصل فرق الأسعار لـ 44 طن من وقت الشراء للآن، أي حوالي 18 مليار جنيه.
الديب: نظام المقايضة ربما يحرر الدول من سطوة الدولار
وفيما يخص نظام المقايضة قال الدكتور أبو بكر الديب: “أدعو لبحث الأمر تشريعيا واجرائيا وتطبيقه مع عدد كبير من الدول الراغبة في التحرر من سطوة الدولار الأمريكي وهي خطوة مهمة لإنعاش العملة المحلية”، لافتا إلى أنه يجب الاهتمام بالصناعة والزراعة والصادرات ودعم الطبقات الاجتماعية الفقيرة،
الدكتور سيد خضر: العالم اليوم يدحل نفق اقتصادي مظلم
ومن جانبه قال الدكتور سيد خضر الخبير الاقتصادي إن العالم اليوم يدخل فى نفق اقتصادي مظلم بسبب الصدمات والأزمات الاقتصادية التي ستؤثر على أداءه بشكل سلبي، ومدى تأثر العديد من الدول سواء الناشئة أو الاقتصاديات الكبرى بتلك الأزمات والصراعات والتوترات التجارية وأيضا استمرار تصاعد معدلات التضخم، بسبب عدم العودة إلى التعافي الكامل للاقتصاد العالمى من تداعيات أزمه فيروس كورونا.
وأضاف خلال تصريحات لموقع الحكاية أن اتجاه الفيدرالي الأمريكي إلى رفع نسبة الفائدة ٥٠ نقطة كاملة، جعل العديد من دول العالم تتجه إلى زيادة نسبة الفائدة، لافتا إلى أنه سيكون هناك تداعيات خطيرة على الاقتصاديات العالمية خاصة أن الاقتصاد الأمريكى يعيش مرحله من الاضمحلال وعدم تحقيق التوازن في جميع المؤشرات الاقتصادية ويحاول جذب مزيد من السيوله والاستثمارات.
خضر:التمهل في قرار رفع الفائدة سيفيد الاقتصاد المصري
وتابع: البنك المركزي المصرى يسعى لاتخاذ عملية التحوط الكامل من تلك الأزمة من خلال اتباع السياسات الاقتصادية المناسبة لأن هذا التضخم لم يكن من إنتاج الاقتصاد المصرى، ولكنه دخيل علينا، فبالتالي التمهل فى اتخاذ قرار زيادة الفائدة أو سعر الصرف سيفيد أداء الجنيه المصرى ومدى صموده أمام الدولار، خاصة أن رفع الفائدة يعد سلاح ذو حدين والمستفيد الأكبر منه هم الأفراد المدخرين لكن على المستوى القومى يؤثر على جذب الاستثمارات سواء المباشرة والغير مباشرة.
واستطرد: لذا أرى أن الاقتصاد المصرى قادر على تخطى تلك الأزمة من خلال الاتجاة إلى فتح آفاق استثماريه جديدة خاصة مع وجود مناخ مناسب لعملية الاستثمار، وتجنب العديد من المخاطر والمخاوف في الاستثمارات بسبب الأحداث الجيوسياسيه وزيادة التوترات السائدة بين الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية من جانب والصين من جانب آخر.
حلول لمواجهة الصدمات العالمية
وأكد ادكتور سيد خضر أن الحل هو الاتجاة إلى توسيع نطاق الاستثمار لمواجهة تلك الصدمات التى أثرت على الاقتصاديات العالمية من خلال توطين الصناعات الوطنية، وتوسيع القاعدة الصناعية في الداخل من أجل زيادة القدرة الانتاجية وخلق فرص المنافسة وزيادة الصادرات المصرية، لأن الصناعة هى عصب الاقتصاديات، والسعى أيضا لزيادة الفرص الصناعية من خلال دعم الصناعات المتوسطة وصغيرة الحجم من خلال تقديم منح وحوافز استثمارية، خاصة في تلك الفترة الحرجة لجذب مزيد من الاستثمارات الضخمه في قطاع الصناعة حتى تساهم فى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من أجل زيادة الاستثمارات وتحقيق التوازن فى مؤشرات الاقتصاد الكلي.
الدكتور سيد خضر: جهود جبارة من الدولة لتحقيق التوازن
وفي هذا السياق قال الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر إن الدولة المصرية تسعى إلى تحقيق التوازن فى معدل التضخم خاصة أنه فى حالة الزيادة والانخفاض يمثل ذلك خطر على الاقتصاد بشكل عام، لكن الحكومة من خلال تنفيذ العديد من المشروعات القومية فى العديد من القطاعات تسعى إلى زيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي وكذلك زيادة الصادرات أيضا للعمل على ثبات الأسعار.
موضوعات ذات صلة:
الحكاية يستعرض مع خبراء اقتصاد حلول إنهاء أزمة النقد الأجنبي في مصر.. ونظام المقايضة بين مؤيد ومعارض
بعد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ودول خليجية.. ماذا يعني قرار رفع سعر الفائدة؟