توافق الرؤى وتلاقي الأهداف شعار العلاقات المصرية السعودية| السيسي وبن سلمان يبحثان أبرز الملفات على الساحتين الدولية والإقليمية.. دلالات توقيت زيارة ولي العهد السعودي
استهل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ثاني جولاته الخارجية منذ جائحة كورونا بزيارة القاهرة؛ حيث تشمل الجولة كل من مصر والأردن وتركيا ويلتقى بزعماء الدول الثلاث، ووصل الأمير محمد بن سلمان إلى الأراضي المصرية أمس الاثنين وكان في استقباله الرئيس عبدالفتاح السيسي بمطار القاهرة الدولي.
اقرأ أيضًا:
السفارة السعودية تحتفي بزيارة بن سلمان للقاهرة: ولي العهد في بلده الثاني مصر.. فيديو
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بقصر الاتحادية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي عهد المملكة العربية السعودية، وتم بحث أبرز الملفات على الساحتين الدولية والإقليمية
وصرح السفير بسام راضى، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس رحب بالأمير محمد بن سلمان، ضيفاً عزيزاً في بلده الثاني مصر، طالباً نقل تحياته إلى أخيه الملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، ومتمنياً له دوام الصحة والعافية.
وأكد الرئيس السيسي الحرص على الاستمرار في تعزيز التشاور والتنسيق مع شقيقيه الملك ولي العهد تجاه مختلف القضايا محل الاهتمام المشترك، وكذلك موضوعات التعاون الثنائي، وذلك في إطار العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين مصر والسعودية، والتي تعكس الإرادة السياسية المشتركة ووحدة المصير، مشيدا بالتطور الكبير والنوعي الذي شهدته العلاقات المصرية السعودية في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، والنمو الملحوظ في معدل التبادل التجاري وحجم الاستثمارات، مشيراً سيادته إلى الحرص المشترك للمضي قدماً نحو مزيد من تعميق وتطوير تلك العلاقات.
وعلى الجانب الآخر نقل الأمير محمد بن سلمان إلى الرئيس تحيات أخيه العاهل السعودي، مؤكداً أن زيارته الحالية لمصر تأتي تعزيزاً لمسيرة العلاقات المتميزة التي تربط البلدين الشقيقين واستمرار وتيرة التشاور والتنسيق الدوري والمكثف بين مصر والسعودية حول القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك، بما يعكس التزام البلدين بتعميق التحالف الاستراتيجي الراسخ بينهما، ويعزز من وحدة الصف العربي والإسلامي المشترك في مواجهة مختلف التحديات التي تتعرض لها المنطقة في الوقت الراهن، موضحاً تطلعه لأن تضيف هذه الزيارة قوة دفع إضافية إلى الروابط المتينة والممتدة التي تجمع بين الدولتين على المستويين الرسمي والشعبي.
كما أكد ولي العهد السعودي أهمية استمرار التنسيق والتشاور المكثف وتبادل وجهات النظر بين مصر والسعودية للتصدي لما تواجهه الأمة العربية من تحديات وأزمات، والوقوف أمام التدخلات في الشئون الداخلية للدول العربية على نحو يستهدف زعزعة أمن المنطقة وشعوبها، مشيداً في هذا الإطار بدور مصر المحوري والراسخ كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في المنطقة.
وتناول اللقاء سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، لاسيما على الصعيدين الاقتصادي والاستثماري، وتدشين المزيد من المشروعات المشتركة في ضوء ما يتوافر لدى الجانبين من فرص استثمارية واعدة، فضلاً عن الاستغلال الأمثل لجميع المجالات المتاحة لتعزيز التكامل بينهما.
كما تطرق اللقاء إلى عدد من أبرز الملفات المطروحة على الساحتين الدولية والإقليمية، حيث عكست المناقشات تفاهماً متبادلاً على مواصلة بذل الجهود المشتركة للتصدي للمخاطر التي تهدد أمن واستقرار دول وشعوب المنطقة، حيث شدد الرئيس في هذا الإطار على التزام مصر بموقفها الثابت تجاه أمن الخليج كامتداد للأمن القومي المصري ورفض أية ممارسات تسعى إلى زعزعة استقراره.
كما توافق الجانبان على أهمية القمة المرتقبة التي سوف تستضيفها المملكة العربية السعودية الشقيقة بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق والولايات المتحدة الأمريكية.
دلالات زيارة محمد بن سلمان لمصر
قال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر أسامة بن أحمد نقلى، إن زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولى العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، لمصر، فى هذا التوقيت، تعكس عمق ومتانة العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين وحجم التعاون القائم بينهما، فى ظل الروابط الأخوية التى تجمعهما على المستويين القيادى والشعبي.وفق بيان للسفارة السعودية.
وقال السفير أسامة نقلى إن اللقاء الأخوى الذى بجمع ولى العهد وشقيقه الرئيس السيسى يبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية واستدامة الشراكة بين البلدين فى كافة مجالات التعاون الثنائى، بما يحقق المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة، فضلاً عن تكثيف التشاور والتنسيق حيال عدد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية فى ضوء التحديات الراهنة، وما تستدعيه من ضرورة تضافر الجهود بين المملكة ومصر.
ونوه نقلى بالشراكة الاستراتيجية التى وصلت إليها العلاقات السعودية – المصرية فى ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولى العهد، وشقيقهما الرئيس عبدالفتاح السيسى لتشهد طفرة غير مسبوقة فى كافة مجالات التعاون.
واختتم نقلى قائلاً: “أثق فى خروج اللقاء بين سمو ولى العهد وفخامة الرئيس السيسى بنتائج مثمرة تفتح أبواب الخير والبركة بما يحقق تطلعات الشعبين الشقيقين، ويخدم قضايا الأمتين العربية والإسلامية والأمن والسلم الدوليين.”
توقيت مهم لزيارة ولي العهد السعودي
تحمل جولة الأمير محمد بن سلمان أهمية خاصة بالنسبة لتنسيق المواقف العربية تجاه قضايا المنطقة والقضايا الدولية، حيث تأتى قبيل أقل من شهر على قمة جدة المنتظرة فى 16 يوليو المقبل مع الرئيس الأمريكى جو بايدن، التى دعا إليها العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز وتضم قادة دول مجلس التعاون الخليجى الست، والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، والرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمي.
وسيبحث ولى العهد السعودى خلال جولته مع قادة الدول الثلاث عددا من القضايا الإقليمية والدولية وفى مقدمها الجهود المبذولة على صعيد إنهاء الحرب فى اليمن وانعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على المنطقة وتعزيز العلاقات فى شتى المجالات بين هذه الدول والمملكة، والسعى لصياغة تحالف إقليمى ذات أبعاد سياسية وأمنية واقتصادية لتنسيق المواقف وتوحيد الرؤى وتعزيز التكامل بما يسهم فى دعم الأمن والاستقرار فى المنطقة، ومواجهة التحديات التى تواجهها.
العلاقات المصرية السعودية
وشهدت السنوات القليلة الماضية زخماً كبيرًا في علاقات البلدين على المستويين الرسمي والشعبي، وصولاً إلى الشراكة الاستراتيجية، عبر إبرام نحو 70 اتفاقية و”بروتوكول” ومذكرة تفاهم بين المؤسسات الحكومية في الدولتين الشقيقتين.
وفي هذا السياق، تلعب اللجنة المصرية السعودية المشتركة دوراً لافتاً وفعالاً في تعميق وتجذير هذا التعاون، من خلال سلسلة الاجتماعات واللقاءات التي دارت بين القاهرة والرياض طيلة الفترة الماضية، وكان آخرها الدورة السابعة عشرة للجنة التي احتضنتها القاهرة في يونيو 2021م، ثم الاجتماع التالي بالرياض في مارس 2022م، لمتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن هذه الدورة، برئاسة وزيري التجارة في البلدين.
مذكرات تفاهم
أسفرت هذه الاجتماعات المتتالية عن اتفاقات ومذكرات تفاهم لم تتوقف فقط عند القطاع الاقتصادي والاستثماري الذي يشهد تناميًا غير مسبوق بين البلدين خلال السنوات القليلة الماضية، لكنها طالت العديد من المجالات الأخرى، مثل الإعلام، والزراعة والغذاء والدواء وقطاع الاتصالات والتعاون الجمركي والبيئة والقضاء ومكافحة الفساد، وغيرها.
وفي قطاع الزراعة والتجارة البينية، تكللت جهود الدولتين بالاتفاق على تسهيل حركة التصدير والتبادل التجاري لشحنات الفواكه والخضراوات، وتبادل كافة الإخطارات والمعلومات والتشريعات الخاصة بقواعد الاستيراد والتصدير وقواعد الفحص الخاصة بالحجر الزراعي، وكذا استثمار الفرص المختلفة للتعاون المشترك في قطاع التمور في مصر.
كما توصلت اللجنة المشتركة، عبر اجتماعاتها بين القاهرة والرياض، إلى الصيغة النهائية لمشروع مذكرة تفاهم بغية تعزيز التعاون في مجال تنمية حركة التجارة البينية بين البلدين، وتم الاتفاق على عقد الاجتماع الرابع للجنة الفنية للمواصفات والمقاييس لمناقشة الموضوعات الفنية ذات الاهتمام المشترك خاصة في مجال الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة. وذلك فضلا عن اتفاقية التعاون الجمركي بين البلدين في إبريل 2020م، بهدف تيسير حركة التجارة بين البلدين وتحقيق التعاون المشترك في مجال الرقابة والتفتيش الجمركي.
وفي سياق تقوية هذه العلاقات التجارية، تمت دعوة الجانب السعودي لزيارة منشآت تصدير الأسماك البحرية والمزارع السمكية، والاطلاع على الوضع الصحي للمنشآت المصرية العاملة في مجال الطيور الحية، والتي تم اعتمادها من المنظمة العالمية لصحة الحيوان كمنشآت خالية من إنفلونزا الطيور، والوقوف على المستجدات الخاصة بإجراءات إعادة تصدير الخيول إلى المملكة.
التعليم والتدريب
في مجال التعليم والتدريب الفني والمهني، توصلت اللجان المتخصصة بالفعل إلى الصيغة التنفيذية لبرنامج التعاون في مجال التدريب التقني والمهني الموقع بين البلدين، مع السعي لإنشاء برامج تعاون مشتركة بين الجامعات المصرية ونظيرتها السعودية.
وفي هذا الإطار، تعد جامعة الملك سلمان الدولية، التي تأسست في العام 2020م، إحدى مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لتنمية شبه جزيرة سيناء، وهي أحد أهم المشروعات الرائدة التي تجسد عمق التعاون بين البلدين في مجال التعليم، خاصة أنها واحدة من جامعات الجيل الرابع الذكية، التي تقدم تجربة جامعية فريدة من نوعها يمتزج فيها التعلم باستخدام أحدث التقنيات، والخبرة التطبيقية، والمعارف النظرية، وخدمة المجتمع، وتنمية البيئة.
الثقافة والإعلام
اتفقت الهيئة الوطنية للإعلام وهيئة الإذاعة والتليفزيون السعودية، في ديسمبر 2021م، على تعزيز التعاون المشترك في مختلف مجالات العمل الإعلامي؛ من حيث التعاون في تطوير المحتوى وفى المجال الهندسي وتكنولوجيا الاتصال، وكذا في المجال الإخباري والانتاج البرامجي المشترك والتدريب.
كما اتفقتا على ضرورة تفعيل بروتوكولات التعاون الموقعة بين البلدين، والعمل على تكثيف التعاون الإعلامي بما يحقق مردودًا إيجابيًا على الجانب المهني والاقتصادي معاً، فضلا عن تنمية التعاون القائم بين وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية ووكالة الأنباء السعودية.
وثقافياً، تعاون البلدان في تسجيل ملف الخط العربي لإدراجه ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، خلال شهر ديسمبر 2021م.
القضاء ومكافحة الفساد
وقّع مجلس الدولة المصري وديوان المظالم السعودي، في نوفمبر 2021، مذكرة تفاهم تستهدف تعزيز التعاون بينهما وتبادل الخبرات في مجالات القضاء الإداري، كما وقعت الدولتان، في ديسمبر 2021، مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الفساد وتبادل الخبرات والمعلومات المتعلقة بجرائم الفساد.
الربط الكهربائي
أبرز المجالات التي شهدت مؤخرًا تعاوناً مثمرًا بين البلدين، هو مجال الربط الكهربائي، حيث وقع البلدان، في أكتوبر 2021، بروتوكول البدء في مشروع الربط الكهربائي، بهدف تعزيز موثوقية الشبكات الكهربائية الوطنية في البلدين، ودعم استقرارها والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة فيها ومن فروقات التوقيت في ذروة أحمالها الكهربائية.
الدعم الفني ونقل الخبرات
كما شهدت العديد من القطاعات والمجالات الأخرى اتفاقات وبروتوكولات لتعميق التعاون بين البلدين بشأنها، ففي قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة، اتفقا البلدان على سرعة التوصل إلى الصيغة النهائية لمشروع مذكرة التفاهم بين الجانبين في مجال الدعم الفني ونقل الخبرات، وتعزيز التعاون المشترك في مجال تنمية وتطوير قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة.
التعدين والصحة والاتصالات
اتفق البلدان على تعزيز التعاون المشترك في مجال النفط والبتروكيماويات، وتقديم فرص الاستثمار المتاحة بقطاع التعدين، فضلا عن تعزيز التعاون العلمي الجيولوجي. أما في مجال الصحة، فهناك اتفاق على تفعيل العمل بين وزارتي الصحة السعودية والمصرية لتبادل الخبرات بين الجانبين.
وفي مجال الاتصالات، جرى الاتفاق على استكمال إجراءات تفعيل التعاون المشترك في مجال الذكاء الاصطناعي والاعتراف المتبادل للتوقيع الإلكتروني بين البلدين.
وفي مجال المعارض، جرى الاتفاق على تذليل كافة العقبات التي تواجه إقامة المعارض والمؤتمرات في كلا البلدين، ودعوة الجانب السعودي للمشاركة بشكل دوري وسنوي بفعاليات معرض القاهرة الدولي، وكذا مشاركة مصر في معرض جدة الدولي.
موضوعات ذات صلة:
ننشر البيان الختامي لزيارة محمد بن سلمان لمصر ولقائه بالرئيس السيسي
الرئيس السيسي يشيد بالعلاقات المصرية السعودية
الرئيس السيسى يؤكد للأمير محمد بن سلمان تضامن مصر مع السعودية حكومة وشعبًا