ماذا بعد رفع المركزي الفائدة 3%؟| خبراء اقتصاد يؤكدون: الدولار يستقر مقابل الجنيه وأسعار السلع تنخفض.. الحكومة وهؤلاء أبرز الخاسرين من القرار
أسفر اجتماع لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصـري، أمس الخميس 22 ديسمبر 2022، عن عدة قرارات أهمها، رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بنسبة 3% إلى 16.25% و17.25%و16.75%، على الترتيب، رفع سعر الائتمان والخصم عند 16.75%، وبهذا القرار يكون البنك المركزي رفع سعر الفائدة بواقع 8% خلال العام الجاري.
أسباب رفع البنك المركزي سعر الفائدة
كشف البنك المركزي المصري أسباب رفع الفائدة 3%، خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية اليوم الخميس 22 ديسمبر 2022، قائلا إنه على الصعيد العالمي، تراجعت توقعات الأسعار العالمية للسلع الأساسية بشكل طفيف مقارنة بالتوقعات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق، كما اتجهت الأوضاع المالية العالمية نحو الاستقرار، مع إشارة العديد من البنوك المركزية في الخارج إلى احتمال وصول معدلات التضخم إلى ذروتها وبدء مسارها النزولي، ومع ذلك، لا زالت العديد من العوامل تساهم في استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بتوقعات الأسعار العالمية للسلع الأساسية.
وأضاف: تتمثل أهم تلك العوامل في التباطؤ المتوقع في النشاط الاقتصادي العالمي، وتخفيف الإجراءات الاحترازية المتعلقة بوباء كورونا في الصين، واستمرار حالة عدم اليقين جراء الأزمة الروسية الأوكرانية وتأثيرها على التوقعات المتعلقة بسلاسل التوريد العالمية.
تأثير قرار المركزي على الجنيه والدولار والأسعار
أكد خبراء الاقتصاد على أن قرار البنك المركزي المصري برفع سعر الفائدة، جاء بعيدا عن توقعات الاقتصاديين، ولكن لصالح الجنيه المصري ويدعمه أمام الدولار، كما يدعم خفض معدلات التضخم المرتفعة وهذا هو الهدف الأساسي من رفع الفائدة من قبل البنك المركزي المصري.
وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر: يأتي قرار البنك المركزي المصري برفع سعر الفائدة إلى ٣% قرار غير متوقع، ولكن أرى أنه من أجل الحفاظ على معدلات الاستثمارات الحالية وكذلك جذب مزيد من الاستثمارات الضخمة خلال الفترة القادمة، خاصة أن الاقتصاد المصري أصبح يسير بخطى ثابتة رغم تلك التوترات السائدة والاستمرار في تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي، وكذلك تنفيذ المشروعات القومية العملاقة خلال الفترة الماضية، ومدى تأثير تلك المشروعات على تحسن أداء المؤشرات الاقتصادية الداخلية، ومدى تهيئة البيئة والمناخ المناسب لجذب مزيد من الاستثمارات الضخمة ، حتى نستطيع العبور من تلك الاختلالات الخارجية والأزمات المستمرة والنهوض بالاقتصاد المصري.
سيد خضر: المركزي رفع الفائدة للحفاظ على أداء الجنيه أمام العملات الأجنبية
وأضاف الدكتور سيد خضر في تصريح خاص لموقع الحكاية: فبالتالي المركزي المصري، يسعى إلى اتخاذ خطوات من أجل التحوط للحفاظ على أدا ء الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية المختلفة، والحفاظ على الاستمرار في جذب مزيد من الاستثمارات، خلال الفترة المقبلة، فبالتالي مع زيادة حدة التضخم في السوق، يسعى البنك المركزي المصري لتحقيق التوازن في معدل التضخم خلال الفترة المقبلة.
خضر: لابد أن تحمي الدولة المواطنين من جشع التجار
وتابع: لذلك لابد من إحكام عملية التحكم في مستوى الأسعار وارتفاعها، بما في ذلك التحكم في مستوى معدل التضخم، كما تعتبر المسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف من بينها أجهزة الدولة المعنية برسم السياسة النقدية المناسبة الكفيلة بكبح جماح التضخم المدمر، وكذلك الرقابة الصارمة على الأسواق، والعمل على زيادة أماكن المنافذ الخاصة بكل قطاعات الدولة وتوفير كافة السلع لكل مكان في مصر، لمحاربة مستغلى الأسواق ومنع الاحتكار، من خلال أماكن المنافذ الخاصة بوزارة التموين، والقوات المسلحة، لأنها تعرض السلع بأسعار مخفضة لتكون طوق الأمل وطوق النجاة لمحدودي الدخل لمواجهة موجه الغلاء القاسي ومدى زيادة حجم الضغوطات على الأسر المصرية.
اقتصادي: قرار المركزي جاء لكبح التضخم
وفي ذات السياق، قال الخبير الاقتصادي خالد الشافعي: أعتقد أن اتجاه البنك المركزي المصري لرفع سعر الفائدة بنسبة 3%، لمجابهة التضخم وموجة ارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية، للحد من القوة الشرائية، ولجذب مزيد من الاستثمارات في أدوات الدين لما لها من مغريات بسبب ارتفاع الفائدة عليها، وبالتالي الحصول على العملة الأجنبية، من خلال استثمار الأفراد والمؤسسات العالمية، في أدوات الدين المصرية، بناء على هذا الرفع، مضيفًا: “كلما زادت أسعار الفائدة، كلما انكمش الاستثمار”.
الشافعي: ارتفاع الأسعار يرجع لممارسات التجار
وأضاف في تصريح خاص لموقع الحكاية: بخصوص ارتفاع الأسعار فهي لا يحركها الموجة التضخمية ولا القوة الشرائية، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في جشع التجار، وعدم وجود رقابة فعلية وحقيقة على هؤلاء التجار وعدم وجود آلية للحد من هذه الارتفاعات وعدم ترك الميدان للتجار يتلاعبون بالأسعار كما يروق لهم.
وتابع: يوميا يتفاجأ المواطنون بارتفاع جديد لنفس السلع، دون وجود سبب مقنع، لذلك يجب على الدولة والأجهزة الرقابية الحد من هذه الارتفاعات، وفي حالة وجود ارتفاع في سعر سلعة ما، يجب أن تكون مقننة أو مبررة على الأقل، لا أن تكون نتاج احتكار أو بشكل عشوائي لتحقيق مكاسب تجار بعينهم على حساب الوطن والمواطن.
واستطرد في تصريحه لـ الحكاية قائلا: آن الأوان أن تأخذ الدولة خطوات جادة للحد من ارتفاع الأسعار العشوائي، وتحجيم ممارسات التجار الاحتكارية، لذلك يجب إيقاف كل تلك التجاوزات في حق الوطن.
واختتم حديثه قائلا: رفع سعر الفائدة سيؤدي لتقليل القوة الشرائية، وأعتقد أن الغالبية العظمى سيتجهون نحو الشهادات والودائع، والبعض من الاستثمارات الأجنبية ستتجه نحو الاستثمار في أدوات الدين.
الديب: 5 فوائد و3 تحديات لقرار المركزي
ومن جانبه، قال أبوبكر الديب الخبير الاقتصادي إن قرار البنك المركزي برفع الفائدة بواقع 300 نقطة أساس جاء كما توقعنا، مضيفا انها تحقق ٥ فوائد أهمها كبح جماح التضخم، والحفاظ على ما تبقي من الأموال الساخنة وضبط السياسة المالية من خلال تقليص حجم الكتلة النقدية داخل الأسواق وبالتالي يتراجع الاستهلاك وتعيد ضبط الأسواق وبرمجة القوة الشرائية بناء على السيولة المتوفرة.
الديب: الودائع المصرفية إحدى أشكال الاستثمار
وأوضح أبو بكر الديب في تصريحات خاصة لموقع الحكاية أن القرار يعني أن الودائع المصرفية أصبحت من إحدى أشكال الاستثمار للأفراد والمؤسسات من خلال وضعها داخل حسابات مصرفية وتقاضي فوائد عليها بشكل شهري أو ربع سنوي أو سنوي طبقا للفائدة الجديدة وكلما ارتفع سعر الفائدة الذي يضعه البنك المركزي تزيد نسبة الفائدة بشكل تلقائي على القروض القائمة والجديدة بالعملات المقومة بعملة المركزي أو المرتبطة بها، لكن وحسب أبوبكر الديب فإنه في المقابل هناك مخاطر عدة تتمثل في ركود الأسواق وتراجع معدل النمو وتضرر البورصة والاستثمار والصناعة حيث تتراجع وفرة السيولة داخل الأسواق.
اقتصادي: قرار رفع الفائدة يتواكب مع البنوك العالمية
وأشار إلى أن قرار رفع سعر الفائدة مهم للغاية لأنه يتواكب مع اتجاه البنوك المركزية العالمية لاتخاذ سياسة نقدية متشددة برفع أسعار فائدتها في ظل موجة التضخم المتسارعة بسبب وضع الاقتصاد العالمي وحالة الارتداد في سلاسل الإمدادات والأزمة الأوكرانية والتي تتعقد أكثر وأدت إلى مزيد من التسارع نتيجة تباطؤ في توريد الحبوب وزيادة أسعار الطاقة بصفة عامة.
وأضاف أبوبكر الديب لـ الحكاية ان لجنة السياسة النقدية في اجتماعها اليوم الخميس رفعت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 300 نقطة أساس، مؤكدا ان لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري كانت قد قررت في اجتماع استثنائي في أكتوبر الماضي رفع سعر الفائدة على الجنيه بمقدار 200 نقطة أساس حيث تم رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي ليصل إلى 13,25% و14,25% و13,75%، على الترتيب.
الخاسرون من قرار رفع سعر الفائدة
أجمع خبراء الاقتصاد على أن الحكومة والمستثمرين في الذهب، أبرز الخاسرين من قرار رفع الفائدة، نستعرض معكم التفاصيل فيما يلي:
الحكومة:
تعد الحكومة من أبرز الخاسرين من رفع سعر الفائدة، حيث من المتوقع أن ينعكس سلبا على مستهدفات الحكومة لخفض عجز الموازنة إضافة لارتفاع فوائد الديون.
أصحاب القروض الشخصية:
يعد أصحاب القروض أبرز الخاسرين، حيث أن هذا النوع من القروض هو عبارة عن قروض استهلاكية لا تدر عائدا ماليا على العميل، وبالتالي كلما كانت التكلفة أعلى على زات على العميل، وقد يؤدي رفع سعر الفائدة على العملاء من الأفراد العزوف عن هذا النوع من القروض من أجل تمويل شراء السلع أو الحصول على الخدمات المختلفة، ولكن من ناحية أخرى تقييد القطاع الاستهلاكي يساهم في السيطرة على الضغوط التضخمية الذي يعد أحد أهم مستهدفات المركزي وهي السيطرة على زيادة الأسعار وتحقيق الاستقرار.
المستثمرون في الذهب وتجار الذهب:
من المتوقع أن يتضرر قطاعي الذهب والعقارات من بعض الأموال التي قد تعود إلى البنوك مع زيادة أسعار الفائدة، بحثا عن عائد أكبر وآمن ودون مخاطرة في الجهاز المصرفي.
المصنعون ومقدمو الخدمات:
المصنعون ومقدمو الخدمات أحد أبرز الفئات المتضررة من رفع سعر الفائدة، والذي قد يقيدهم خلال الفترة المقبلة على تنفيذ التوسعات أو المشروعات الجديدة التي يرغبون في تنفيذها باعتبار الفائدة المرتفعة كان أحد أهم العوائق التي تحول دون ذلك.ورفع الفائدة يقيد رغبة المستثمرين في العودة مجددا للاقتراض بشكل قوي من أجل التوسعات والمشروعات الجديدة، وأيضا زيادة التكاليف التمويلية وهو ما ينعكس في النهاية وبالتالي انعكاس ذلك على صافي أرباحهم ويقلل من خلق فرص العمل.
مستثمرو البورصة:
من المتوقع أن ينعكس رفع أسعار الفائدة أصحاب الأموال والخبرة في مجال أسواق المال على تقليل الإقبال على البورصة المصرية، وتقليل ضخ استثمارات جديدة، مع اتجاه المستثمرين للاستثمارات ذات العائد الثابت في البنوك.
الباحثون عن وظائف:
مع تراجع معدلات الاقتراض المتوقع خلال الفترة المقبلة، بسبب رفع أسعار الفائدة على الإقراض سيتجه المستثمرون إلى إرجاء تنفيذ استثمارات جديدة سواء مشروعات جديدة أو توسعات للمشروعات القائمة، وهو ما يساهم مع الوقت، في عدم توافر فرص عمل جديدة.