مركز دراسات مستقبل وطن يرصد ملامح تأثر مصر بأزمة الغذاء العالمية
رصد مركز مستقبل وطن للدراسات السياسية والاستراتيجية، برئاسة النائب محمد الجارحي، الأمين العام المساعد، أمين شباب الجمهورية بالحزب، في تقرير له أوضاع أحوال الأمن الغذائي المصري، في ضوء أزمة الغذاء العالمية الراهنة والذي حمل (المؤشرات والجهود والآفاق).
ورصد الجزء الثاني من التقرير، والذي حمل عنوان “ملامح تأثر مصر بأزمة الغذاء العالمية”، انتشار حالة من الذعر في الشارع المصري في ظل الحديث العالمي عن أزمة غذاء عالمية، حيث تعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم وبحجم سنوي يزيد على 13 مليون طن سنويًا، تشكل أكثر من ثلثي احتياجاتها من هذه السلعة الحيوية والاستراتيجية، وكذلك تحتاج مصر لاستيراد أكثر من ثلثي احتياجاتها من زيت عباد الشمس وزيوت نباتية أخرى.
وبالتالي في ظل التوتر العسكري في منطقة أوكرانيا والدول المحيطة التي تعتمد عليها مصر في سد فجوة استهلاك القمح محليًا، تستورد حوالي 60% من مشترياتها من القمح من روسيا، وحوالي 26% من أوكرانيا؛ أي أن واردات مصر من القمح من البلدين تشكل حوالي 86% من احتياجاتها من واردات القمح، الذي يعد مصدر الغذاء الرئيس لكافة المواطنين والمقيمين.
وفي هذا الإطار تشكل روسيا وأوكرانيا مصدرًا لنحو 85% من كميات القمح المستوردة، وبالنسبة للزيوت النباتية، فإن حجم الاستيراد من البلدين المذكورين يزيد على 70% من احتياجات السوق المصرية، ومع اندلاع الحرب وانقطاع طرق الشحن عبر موانئ البحر الأسود الروسية والأوكرانية ووضع الحكومة الأوكرانية قيودًا على صادرات الأغذية، تواجه الحكومة المصرية تحديًا كبيرًا يتمثل في إيجاد بدائل لاستيرادها بسرعة من دول أخرى، لأن الاحتياطات الموجودة في المخازن لا تكفي لأكثر من أربعة أشهر.
وأمام هذا الوضع يبدو أن توفير بديل للسلع الغذائية الأوكرانية والروسية بالسرعة المطلوبة ليس سهلًا في الوقت الحالي، في ظل التسارع العالمي على المُصدِّرين الآخرين للقمح والزيوت النباتية، لاسيما وأن روسيا وأوكرانيا، تسهمان بنحو 29% من صادرات القمح العالمية، و19% من إمدادات الذرة في العالم، و80% من صادرات زيت دوار الشمس.
وأشار التقرير إلى اتجاه المستوردين إلى إيجاد أسواق بديلة مثل دول الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة وأستراليا والأرجنتين، وهو الأمر الذي اضطر الهيئة العامة المصرية للسلع التموينية إلى إلغاء مناقصة دولية ثانية لشراء القمح؛ بسبب قلة العروض وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق. وقد قفز سعر طن القمح إلى أكثر من 410 دولارات – مؤخرًا- مقابل أقل من 260 دولار قبل أقل من ستة أشهر، ومن شأن هذا الارتفاع أن يكلف ميزانية الدولة المصرية نحو مليار دولار إضافية خلال النصف الأول من السنة الجارية.
وبالتالي نقص المعروض السلعي من الأغذية وارتفاع أسعارها وأسعار التأمين والنقل من جهة أخرى، تسبب في مخاوف من تراجع نسبة الأمن الغاذئي المصري، خاصة وأن مضاعفة الأسعار العالمية تؤدي إلى السحب من الاحتياطات الأجنبية بشكل أكبر، في ظل معاناة مصر من عجز تجاري مزمن، وينطوي هذا الوضع على مخاطر متزايدة على الأصعدة السياسية والاجتماعية في بلد كمصر يعتمد بشكل كبير على استيراد القمح والأغذية الأخرى لسد احتياجاته المتزايدة في ظل ضخامة التعداد السكاني الذي تجاوز 103 مليون نسمة.
وقد تمثل المؤشر الأبرز في تأثر مصر بأزمة سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار العالمية للغذاء في ارتفاع معدل تضخم بند الطعام والمشروبات في فبراير 2022، بمعدل 20.1%، مقارنة بشهر فبراير 2021، و5.3% مقارنة بشهر يناير 2022.
وهو ما لاقى استجابة من الدولة في إطلاق العديد من حملات التوعية بترشيد الاستهلاك، وكذلك إطلاق المئات من الحملات الرقابية على الأسواق، ودعم المعروض السلعي عبر حزمة من المعارض السلعية التي تعرض السلع بأسعار تنافسية مقارنة بأسعار التجار العادية .