مشروع قانون تجريم الانتحار| العقوبة تصل للإيداع في مصحة 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه.. وخبراء طب نفسي: فكرة الانتحار مرض يحتاج دعم وعلاج وليس عقاب
كتبت – منى سرحان:
تكررت حالات الانتحار في مصر مؤخرا، مع اختلاف الأسباب والدوافع، وهو ما تسبب في حالة من الجدل في المجتمع المصري حول كيفية التعامل مع حالات الانتحار، حتى وصل الأمر لتقديم أحد نواب البرلمان مشروع قانون يقضي بتجريم الانتحار والشروع فيه.
اقرأ أيضًا:
مُعلمة المنصورة بعد انتشار فيديو الرقص: بفكر في الانتحار زي بسنت فتاة الغربية .. فيديو
وانتشر في الآونة الأخيرة هذا النوع من الوقائع، وقد ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي في انتشارها وجعلها قضية الساعة، فلا تمضي أيام قليلة إلا ونتفاجأ بواقعة انتحار، معظمها تتحقق بالوفاة والبعض ينجو منها، وهو ما دفع المختصين لمحاولة دراسة أسباب هذه “الظاهرة” إن جاز التعبير، ودوافعها وطرح حلول للتخلص منها، ذلك بالإضافة إلى كيفية دعم هؤلاء الأشخاص الذين يعتبرون ضحايا، يستحقون الدعم والتوجيه.
حالات انتحار شهدتها مصر مؤخرًا
وكان آخر حالات الانتحار التي تسببت في صدمة في المجتمع المصري مؤخرا، واقعة انتحار “بسنت خالد” بنت محافظة الغربية إثر تعرضها لابتزاز من شابين في مركز كفر الزيات، بعد تلفيق صور مفبركة لها وحاولوا ابتزازها فأقدمت على الانتحار.
كما أقدم شاب يعمل بإحدى الشركات الأجنبية على الانتحار من داخل مقر شركته بالتجمع الخامس، بسبب خصم المدير له 4 أيام لدخوله المتكرر للحمام على فترات طويلة مع التوبيخ له أمام زملائه، مما أثر على نفسية الموظف وأقدم على الانتحار من داخل مقر الشركة.
كما تم تداول مقطع فيديو مؤخرا، ظهر فيه طالب بكلية الطب أثناء التخلص من حياته إثر إلقاء نفسه من الطابق الرابع، من أعلى مبنى كلية الطب داخل إحدى الجامعات الخاصة بمدينة 6 أكتوبر.
مشروع قانون يقضي بتجريم الانتحار
تقدم النائب أحمد مهني، عضو مجلس النواب، باقتراح بقانون بشأن تجريم جريمة الانتحار والشروع فيه، لافتا إلى أن الشروع في الانتحار جريمة في بعض التشريعات يعاقب عليها والبعض الآخر لا يعاقب عليه.
وقال أحمد مهني: إن القانون المصري لا يجرم الانتحار أو الشروع فيه، وإنما يجرم التحريض على الانتحار باعتبارها أفعال تبث روح التشاؤم والانهزام في نفوس المصريين، كما أنها تحسن وتبسط فكرة الانتحار أو الموت وكأنها أمر بسيط يحق لأي شخص بكل بساطة أن يفكر في الموت أو الانتحار، وهو ما يكون معاقب عليه قانونًا طبقا لنص المادة 177 من قانون العقوبات، لقيام المحرض بتحسين أمر يعد جناية في القانون، وهو التحريض على الانتحار، كما يجب محاسبة كل من يبث أخبارًا أو شائعات من شأنها بث روح الإحباط والتشاؤم لدى المصريين، حتى نحد بقدر الإمكان من هذه الظاهرة الغريبة.
وأضاف: لذلك فإن جريمة الانتحار من الجرائم الخاصة ذات الظروف والملابسات الخاصة، فلابد من علاج الشخص الذي يحاول الانتحار نفسيًا لعدم إقدامه على تكرار ذلك مستقبلا وإيجاد العقوبة الرادعة لمن يحرض على الانتحار وإزهاق النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق وفقا لما تشرعه القوانين للمحافظة على الحياة ، متابعا: فى ظل انتشار وقائع الانتحار بات من الأهمية بمكان تجريم وقائع الشروع فى الانتحار وهذا ما نحاول فعله من خلال مشروع القانون المطروح.
عقوبة الإقدام على الانتحار
وتابع مهني: “بالطبع العقوبة لن تكون الحبس كون من أقدم على الانتحار ليس مجرما بطبعه، وإنما أقبل على الانتحار نتاج خلل نفسي أو مجتمعي، يستلزم العلاج وليس الحبس أو السجن”، واقترح عضو مجلس النواب، أن تضاف مادة إلى قانون العقوبات تنص على أن كل من شرع في الانتحار أن أتى فعلاً من الأفعال التي قد تؤدي إلى وفاته يعاقب، وتكون العقوبة بالإيداع في إحدى المصحات التي تنشأ لهذا الغرض بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزراء الصحة والداخلية التضامن الاجتماعي، ليعالج فيها طبيا ونفسيا واجتماعيا.
كما أقرت التعديلات وفقا للمشروع المقدم من النائب أحمد مهنى ألا أن تقل مدة بقاء المحكوم عليه بالمصحة عن ثلاثة أشهر ولا أن تزيد على ثلاث سنوات، ما لم يقرر القاضي غير ذلك ويكون الإفراج عن المودع بقرار من اللجنة المختصة بالإشراف على المودعين بالمصحة، وفى حالة العود تكون العقوبة الغرامة التى لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه، ولا يجوز الحكم بالإيداع إذا ارتكب الشروع فى الانتحار مرة أخرى بعد الحكم عليه بتدبير الإيداع المشار إليه، ولا يعتبر شروعاً الانتحار مجرد العزم على ارتكابها ولا الأعمال التحضيرية لذلك.
د/ لميس مكاوي: لا يمكن تطبيق القانون على مريض نفسي
ومن جانبها قالت الدكتورة لميس مكاوي مدرب الطب السلوكي والأعصاب جامعة عين شمس، إنه لا يمكن تطبيق القانون على مريض نفسي، حيث أن الشخص الذي يقدم على الانتحار في أحيان كثيرة يكون يعاني من مرض نفسي، وبموجب القانون فهو معفي من الأحكام القضائية.
وأضافت خلال تصريحات خاصة لموقع “الحكاية” أنه يمكن تطبيقها على من يقدم على مثل هذه الأفعال على سبيل التهديد، لافتة إلى أنه في الطب النفسي من يقدم على الانتحار لا يهدد، فالشخص الذي يكرر تهديده لا يقدم على الانتحار، فالمريض النفسي يقدم على الانتحار في لحظة يتخذ القرار وينهي حياته.
كما أشارت إلى أن مثل هذه القوانين يمكن أن تحد من فكرة الانتحار عند الأسوياء الذين يدعون المرض النفسي، لانه في حالة تكرار محاولات الانتحار لا تدخل ضمن إطار المرض النفسي.
د/ محمد هاني: الأولى مساعدتهم وتقديم الدعم النفسي
وفي سياق متصل قال د محمد هاني استشاري الصحه النفسية، إن هذه القانون لن يكون له فائدة، لافتا إلى أن الشخص الذي يصل لفكرة الانتحار، لابد أنه مر بضغوط نفسية كبيرة انتهت به للإقدام على الانتحار، والأولى دعمه نفسيا، مؤكدا على ضرورة مساعدة وتقديم الدعم النفسي لكل إنسان مكتئب، غير قادر على الاستمتاع بحياتة بشكل صحيح.
وقدم دكتور محمد خلال تصريحاته لموقع الحكاية، بعض الحلول التي يمكن أن تحد من هذه الظاهرة، وتساعد هؤلاء الأشخاص على تجاوز الضغوط التي يواجهونها بدلا من معاقبتهم، قائلا: “الأولى توفير دورات نفسية يحضرها عدد كبير كي يتعلمون كيفية تفريغ شحناتهم السلبية بطريقة صحيحة، وكيفية التغلب علي الضغوط النفسية في حياتهم”.
رضوى غريب: مواجهة التحرش والتسول أهم من معاقبة المريض النفسي
فيما استنكرت الأستاذة رضوي غريب باحثة العلوم السلوكية وعلم النفس، التفكير في معاقبة شخص لدية خلل في هرمونات المخ، شخص غير سوي أقدم على محاولة الانتحار نتيجة اكتئاب حاد أو انفصام أو هلاوس سمعية وبصرية.
وأوضحت الأستاذة رضوى غريب خلال تصريحات خاصر لموقع “الحكاية”، أن مَن يُقدم على الانتحار شخص غير سوي، لا يُسأل عن أفعاله، ففي غالب الأحيان يعاني هذه الشخص من اختلال في كيميا المخ، يعاني على إثرها من أمراض نفسية كثيرة تدفعة لأذية نفسه.
وأضافت: “في حال إقرار القانون وتطبيقه، وإيداع الشخص الذي يقدم على الانتحار مصحة نفسية، لابد من التعامل معه من باب أنه مريض يحتاج علاج، ولابد من توافر مؤسسات وكوادر مؤهلة للتعامل مع مثل هؤلاء المرضى، وهو ما لا يتوافر حاليا مع الأسف لدينا”.
وأشارت إلى أنه في حال اللجوء للأساليب الشائعة من العلاج بالمدئات التي تؤدي للإدمان في أحيان كثيرة، ينتهي المطاف بالمريض إلى الانتحار، مطالبة بالتركيز على سن قوانين لمواجهة ظواهر خطيرة مثل التحرش والتسول، أما الشخص الذي يقدم على الانتحار فهو مريض يحتاج دعم من أهله والمحيطين به والمجتمع أيضًا.
موضوعات ذات صلة:
“حق بسنت لازم يرجع” تفاصيل انتحار فتاة مقابل ابتزاز شاب لها بكفر الزيات