مانشيت الحكاية

مصر تستثمر في مستقبل الطاقة| بعد رحلة وطفرة الغاز الطبيعي من الاستيراد للتصدير.. مشروعات عملاقة تضع القاهرة بصدارة دول العالم في إنتاج الهيدروجين الأخضر

يتجه العالم نحو استخدام الطاقة النظيفة، للحفاظ على البيئة بعد التأثيرات الكارثية التي سببتها التغيرات المناخية على البيئة، ومن أهم بدائل الطاقة النظيفة الهيدروجين الأخضر، لذلك تسعى معظم دول العالم لإنتاجه ومن بينها مصر، التي أطلقت مؤخرا كثر من مشروع عملاق لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

وتناقش قمة المناخ COP27 المنعقدة بمدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء، عدد من الموضوعات الهامة المتعلقة بظاهرة التغيرات المناخية وتداعياتها التي تهدد مستقبل البشر وكوكب الأرض، ومن بينها البحث عن إنتاج الهيدروجين الأخضر.

 

ما هو الهيدروجين الأخضر؟

يعد الهيدروجين الأخضر وقودا خاليا من الكربون على عكس الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، ومصدر إنتاجه هو الماء، وتشهد عمليات الإنتاج فصل جزيئاته عن نظيرتها من الأوكسجين في الماء، بواسطة كهرباء يتم توليدها من مصادر طاقة متجددة، ويحظى باهتمام عالمي في العقد الأخير باعتباره مصدراً واعدا للطاقة في المستقبل القريب.

ويعد الهيدروجين الأخضر المنتج من الطاقة النظيفة المستخدم على نطاق واسع بحلول عام 2030، قادرا على إنقاذ العالم من الوقود الأحفوري الذي يعتمد على الفحم والنفط عادة.

 

فوائد الهيدروجين الأخضر

انخفاض أسعار الطاقة الكهربائية النظيفة بدون انبعاثات، مع وجود الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أو في المناطق الغنية بالشمس، والتي يعد توليد الكهرباء فيها أرخص بكثير من الكهرباء القائمة على الوقود الأحفوري، حيث تقترب أسعار الهيدروجين الأخضر الناتج عن التحليل الكهربائي بقدر كبير من أسعار الهيدروجين الرمادي الذي يتم إنتاجه باستخدام الوقود الهيدروكربوني.

استخدام الهيدروجين الأخضر يودي إلى القضاء على الانبعاثات الكربونية ولكن لن يؤدي التوسع في توليد الطاقة المتجددة وحدها لذلك، ويمكن للهيدروجين الأخضر زيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة، حيث يمكن تخزينه لفترات أطول، ويمكن نقله لأماكن لا يوجد بها إمكانية توليد طاقة متجددة، كما يمكن لباقة متنوعة من القطاعات الصناعية والتطبيقات استخدامه.

ويمكن للهيدروجين القضاء على الانبعاثات الكربونية في العديد من القطاعات بصورة أكبر من مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.

إنتاج الطاقة في الوقت الحالي يساهم بـ 40٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالمياً، لكن هذا الرقم سينخفض مع استمرار نمو وانتشار الطاقة المتجددة، أما القطاعات الأخرى مجتمعة مثل الصناعة والنقل، فتساهم بنسبة 55٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم.

الهيدروجين الأخضر والمنتجات الأخرى المشتقة منه توفر إمكانات هائلة للتخلص من الانبعاثات الكربونية في جميع القطاعات.

 

مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر

عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الثلاثاء 16 نوفمبر 2022، اجتماعا مع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والمهندس محمد يحيى زكي، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لمتابعة مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر على مستوى الجمهورية.

وتم في هذا الإطار استعراض مستجدات التعاون مع الخبرات الدولية في مجال توليد طاقة الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة المتجددة، والشركات العالمية ذات الخبرة في هذا المجال، وذلك في إطار الاستراتيجية القومية التي تهدف إلى تعظيم مشاركة الطاقة النظيفة في مزيج القدرات الكهربائية للدولة للوصول إلى نسبة 42%، في ضوء ما تزخر به مصر من إمكانات من الطاقة النظيفة المتمثلة في الرياح والطاقة شمسية.

ووجه الرئيس بتعزيز الجهود في هذا الإطار في ضوء الاهتمام العالمي المتنامي بمشروعات الهيدروجين الأخضر باعتباره مصدراً واعداً للطاقة في المستقبل القريب، وبما يصب في صالح الجهود التي تقوم بها مصر لتصبح ممراً لعبور الطاقة النظيفة، ومن ثم مركزاً محورياً للربط الكهربائي بين أوروبا والدول العربية والأفريقية، كما وجه السيد الرئيس أيضاً بضرورة تعظيم المكونات المحلية لمنظومة إنتاج الهيدروجين الأخضر، خاصةً أجهزة التحليل الكهربائي التي تعتبر عماد هذه الصناعة.

وطالب الرئيس السيسي، بالاستمرار في تعزيز الجهود القائمة لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مجال إنتاج الطاقة النظيفة، خاصةً الهيدروجين الأخضر وتطبيقاته الصناعية المختلفة، وذلك لتعظيم الاستفادة من الموقع الاستراتيجي والحيوي للقناة، بما يساهم في أن تصبح من المناطق الرائدة والجاذبة على مستوى العالم في هذه الصناعة البازغة، وكذا تحويلها إلى مركز لوجستي عالمي لتموين السفن بالوقود الأخضر.

 

7 مذكرات تفاهم لتعزيز الهيدروجين الأخضر

وفي نهاية أغسطس الماضي، شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بمقر مجلس الوزراء في مدينة العلمين الجديدة، مراسم توقيع 7 مذكرات تفاهم جديدة؛ لتنفيذ مشروعات إنشاء مجمعات صناعية بهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر داخل المنطقة الصناعية في العين السخنة.

 

مجمع صناعي في السخنة لإنتاج الوقود الأخضر

ومن ضمن تلك التوقيعات، قامت شركة “أكتيس” البريطانية بإنشاء مجمع صناعي لإنتاج الوقود الأخضر من الهيدروجين والأمونيا الخضراء، بطاقة إنتاجية تبلغ 200 ألف طن سنوياً، حيث سيتم إنتاج 50 ألف طن من الوقود الأخضر في المرحلة التجريبية حينها، و150 ألف طن في المرحلة الأولى من المشروع، حيث يقع المشروع على مساحة 2 مليون متر مربع، بالمنطقة الصناعية في السخنة، وتعد شركة “Actis” البريطانية إحدى الأذرع الاستثمارية للحكومة البريطانية العاملة في مجال الطاقة والبنية التحتية.

 

خفض الانبعاثات الكربونية

يعد الهيدروجين الأخضر هو البديل الأهم الذي سيوفي كل متطلبات العالم من الطاقة، حيث أنه لا يتسبب في انبعاثات ملوثة سواء خلال إنتاجه أو خلال استخدامه كوقود في تطبيقات متنوعة في الحياة العملية، من بينها استخداماته في قطاع النقل وتوليد الطاقة الكهربائية وفي الصناعة وفي الاستخدامات المنزلية والتجارية كالطهي والتدفئة.

ومنذ يومين فقط، بحث وزير البترول والثروة المعدنية المهندس طارق الملا مع وزير البيئة والعمل المناخي الأسترالي ريس ويتبي سبل زيادة التعاون المشترك في مجال التعدين ومشروعات التحول الطاقي وخفض الانبعاثات وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وذلك ضمن فعاليات الدورة 27 لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27 بشرم الشيخ.

 

الغاز الطبيعي بقمة المناخ

وقالت مفوضة الاتحاد الأوروبي – في كلمتها خلال فعاليات يوم الطاقة، اليوم الثلاثاء، ضمن فعاليات مؤتمر المناخ (COP27)، بحضور وزير الكهرباء والطاقة المتجددة الدكتور محمد شاكر – إنه “يتعين علينا الالتزام بتقديم تعويضات للمشكلات التي سببتها التغيرات المناخية”.

وأضافت أن الاتحاد الأوروبي يركز على حل أزمة الغاز الطبيعي من خلال التحول إلى الطاقة المتجددة لتحقيق الكثير من التقدم في أوروبا، مشددة على ضرورة ان تصبح حوالي 45% من الطاقة في أوروبا طاقة متجددة .

وفيما يتعلق بالغاز الطبيعي، شهد المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، السبت الماضي، توقيع 7 مذكرات تفاهم واتفاقيات بين قطاع البترول والغاز وعدد من الشركات العالمية فى مجال الاستدامة وخفض الانبعاثات، وذلك في إطار قمة المناخ cop27، المنعقدة فى شرم الشيخ.

وأكد المهندس طارق الملا، أن مذكرات التفاهم تأتي امتدادا لجهود بدأتها الوزارة لتعزيز قدرات صناعة البترول والغاز المصرية وإمكانياتها في مجال خفض الكربون والاستدامة البيئية للمشروعات والاستفادة من أفضل الخبرات والممارسات التي تقدمها الشركات العالمية في هذا المجال.

 

رحلة مصر من الاستيراد للاكتفاء الذاتي

كانت مصر تستورد غازا طبيعيا بقيمة 3 مليارات دولار سنويا، ولكن بعد ظهور بعض الاكتشافات تمت تقليل الكميات المستوردة من الغاز الطبيعي حتى 2018، وتم بعد هذا توفير حوالي 90% من احتياجاتنا، وتم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي للدولة في عام 2019 من الإنتاج المصري، وحاليا يوجد فائض للتصدير، حوالي 4 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي.

وأولت القيادة السياسية اهتمامًا كبيرًا للمشروعات البترولية وبالتخطيط الجيد من قبل وزارة البترول، استطاعت خلال الـ 8 سنوات الماضية تحويل إنتاج الغاز الطبيعي من -11 لـ +25 .

وبدأت مصر رحلة الاكتفاء الذاتي في 2018 ومن ثم التصدير، وبالفعل الأمر كان بمثابة ملحمة لتتحول مصر في هذه الفترة الوجيزة من الاستيراد إلى التصدير، في عام 2018 ـ 2019 بدأنا بحقل ظهر ووصلت استثماراته لحوالي 15.6 مليار دولار في أول مشروع تم تنفيذه في 28 شهرًا، وكان من المفترض تنفيذه في مدة لا تقل عن 3 سنوات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى