مانشيت الحكاية

مصر تمد جسور التعاون بين 3 قارات| مشروعات الربط الكهربائي وتصدير الغاز تجعل القاهرة قبلة الطاقة في الشرق الأوسط.. وخبير اقتصادي يُعدد المزايا الاقتصادية والسياسية

يواصل قطاع الطاقة في تنفيذ استرتيجيته المتكاملة لتحقيق رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة، حيث ساهمت الجهود المبذولة في تزقيع اتفاقيات عديدة مع شركات عالمية للبحث عن البترول والغاز باستثمارات حدها الأدنى 16 مليار دولار وجذب شركات عالمية جديدة للعمل في قطاع البترول المصري، بالإضافة إلى جهود الربط الكهربائي مع دول الجوار بالقارات الثلاث.

اقرأ أيضًا:

حصاد2021| تحقيق حلم تحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة.. القاهرة تغير خريطة الغاز في العالم وتقطع الطريق على الطامعين

واستطاعت مصر خلال السنوات القليلة الماضية، تعظيم استثماراتها فى مجال الطاقة من خلال إنشاء مشروعات الربط مع الدول العربية سواء مشروعات الربط الكهربائى أو مشروعات تصدير الغاز الطبيعى إلى دول لبنان وسوريا والعراق.

يأتى هذا فى الوقت الذى ارتفعت فيه صادرات مصر من الغاز الطبيعى خلال الربع المالى الثالث من العام 2021 بسبب زيادة صادرات الغاز المُسال من مصنع إسالة دمياط بعد إعادة تشغيله منتصف مارس الماضى، وبحسب الخبراء والمُحللين، فإن مشروعات الربط ستجعل من مصر قبلة الطاقة فى منطقة الشرق الأوسط.

خط الغاز العربي

وسيتم تصدير الغاز من خط الغاز العربى إلى لبنان والأردن وسوريا وحتى العراق، وتم تنفيذ هذا الخط على ثلاث مراحل، كالتالي:

المرحلة الأولى من العريش إلى العقبة بطول ٢٦٥ كيلو مترًا، وقدرة تشغيل ١٠ مليارات متر مكعب سنويًا، وتم البدء بتوريد الغاز الطبيعى من مصر إلى الأردن بموجب هذه المرحلة فى عام ٢٠٠٣.

المرحلة الثانية فقد امتدت من العقبة إلى منطقة رحاب فى شمال الأردن بطول ٣٩٣ كيلو مترًا، وتم البدء فى توريد الغاز الطبيعى إلى شمال الأردن فى عام ٢٠٠٨.

وتم الانتهاء من تنفيذ الجزء الجنوبى من المرحلة الثالثة لخط الغاز العربى داخل الأراضى السورية والممتدة من الحدود الأردنية السورية إلى مدينة حمص بطول ٣٢٠ كيلو مترًا، وتم البدء بتصدير الغاز الطبيعى المصرى إلى لبنان عبر الأردن فى شهر نوفمبر ٢٠٠٩، إلى أن توقفت فى عام ٢٠١١، ومن المتوقع إعادة تصدير الغاز المصرى إلى لبنان خلال العام ٢٠٢٢.

مشروعات الربط الكهربائي

أما على مستوى الربط الكهربائى، فإن مصر توسعت فى الربط الكهربائى، فبعد الأردن وليبيا والسودان، من المتوقع الانتهاء من الربط الكهربائى مع السعودية خلال العام ٢٠٢٣، وسيتم توسعة خطوط الربط لتصل إلى ٨ دول بعد الطفرة الكبيرة فى مجال إنتاج وتوليد الكهرباء من مصادر متعددة. وبحسب وزارة الكهرباء، فإن مصر تعمل بشكل مكثف للانتهاء من خط الربط الكهربائى مع قبرص واليونان لربط الشبكة المصرية مع الشبكة الأوروبية الموحدة.

أبو بكر الديب: مصر أصبحب مصدرا مهما لتصدير الكهرباء والطاقة لأوروبا

قال الدكتور أبو بكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، خلال تصريحات لموقع الحكاية ان القمم الثلاثية التي عقدت قبل أشهر بين مصر واليونان وقبرص فتحت الباب لكي تصبح مصر مصدرا مهما لتصدير الكهرباء والطاقة لأوروبا المتعطشة للطاقة، والتحول لمركز إقليمي لتصدير الطاقة.

وأضاف: “تجري القاهرة منذ فترة مفاوضات مع الدول الأوروبية والأفريقية لبيع الفائض عن الاحتياطي الاستراتيجي من الكهرباء، الذي يقدر بنحو 25 % من إجمالي إنتاج مصر، خصوصاً في ظل التوسع في الاعتماد الطاقة الجديدة والمتجددة كبديل استراتيجي للطاقة التقليدية، وبعد أيام من توقيع القاهرة اتفاقية للربط الكهربائي مع الرياض، وقعت مع اليونان وقبرص  اتفاقيتي لتنفيذ خطة لمد كابل تحت سطح البحر يربط بين شبكتي الكهرباء في البلدين”.

خطط الربط الكهربائي تجعل مصر والرياض مراكز للطاقة في الشرق الأوسط

وتابع: “خطط القاهرة للربط الكهربائي سيجعل منها ومن الرياض مركزين اقليميين للطاقة بالشرق الأوسط، ما يمهد لربط شبكات كهرباء الخليج العربي بأوروبا وبالتالي تحقيق تنمية هائلة بدول الشرق الأوسط وتوفير ملايين من فرص العمل ببلدانه المختلفة، حيث تسعى أثينا لربط شبكتها الكهربائية بالقاهرة، لانخفاض تكلفة الطاقة من حقول الطاقة الشمسية وذلك في الوقت الذي تعتزم فيه اليونان وقبرص تشييد خط للربط بين أوروبا وآسيا، وهو أطول وأعمق كابل كهرباء عابر للبحر المتوسط، بتكلفة تقدر بنحو 900 مليون دولار، كما ربطت اليونان خلال الصيف الماضي جزيرة كريت بشبكة الكهرباء في شبه جزيرة بيلوبونيز عبر كابل تحت سطح البحر، في خطوة رئيسية لخفض اعتماد البلاد على الوقود الأحفوري المستورد وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة”.

وأوضح الكتور أبو بكر لـ “الحكاية” أن مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية وخروجه إلي النور، يحقق 10 مزايا للبلدين وللبلدان المجاورة، مضيفا أن من هذه الفوائد، هو تحول القاهرة والرياض الي مركزين عالميين للطاقة لتبادل التيار الكهربائي بين دول أفريقيا وأوروبا وآسيا، ما يعمل علي توفير عملات صعبة ومكاسب اقتصادية وسياسية تجنيها مصر والسعودية خلال السنوات القليلة المقبلة حيث أن مشروع الربط الكهربائى بين مصر والسعودية سيتيح لمصر إمكانية الربط الكهربائى مع دول الخليج، والاستفادة من الاحتياطى اليومى بالشبكة القومية للكهرباء والتى تصل إلى 21 ألف ميجا وات.

واستطرد: “سيتم توقيع العقود بين الجانبين لبدء تنفيذ المشروع بقدرة 3 آلاف ميجا وات، كما سيتم البدء فى أعمال إنشاء الخطوط فور توقيع العقود مباشرة بإجمالى استثمارات 1.6 مليار دولار، وتتحمل كل دولة قيمة الأعمال التى تتم على أراضيها ويهدف المشروع لتبادل 3000 ميجاوات، حسب أوقات الذروة فى كلا البلدين، ويتكون المشروع ﻣﻦ 3 ﺣﺰﻡ، تشمل ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﺤطتى ﻣﺤﻮﻻﺕ ﻟﻠﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﺮﺩﺩ – ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ، ﺟﻬﺪ 500 ﻛﻴﻠﻮﻓﻮﻟﺖ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺪﺭ، ﻭﻣﺤﻄﺔ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﺨﻂ ﺍﻟﻬﻮﺍﺋﻰ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﺎﺑﻞ ﺍﻟﺒﺤﺮﻯ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﺒﻖ ﺑﺎﻷﺭﺍﺿﻰ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ”.

الربط الكهربائي مع الأردن وليبيا

أكد الديب أن مصر ترتبط مع كل من الأردن وليبيا ويتم حالياً إعداد دراسة جدوى لزيادة سعة خط الربط الكهربائى مع الأردن لتصل إلى 2000 ميجاوات بدلاً من 450 ميجاوات حاليا، وقد تم انشاء مشروع الربط الكهربائي بين مصر وليبيا عام 2002، وتقوم مصر من خلاله بتصدير الكهرباء بقدرات تقارب الـ40 ميجا وات، وتبلغ قيمة الكيلو وات 11 سنتا.

وأشار إلى أن مشروعات الربط الكهربائى تحقق عائد مادى كبير بالعملة الصعبة تعود بالنفع على الاقتصاد المصرى والسعودي و تساهم فى انخفاض أسعار شرائح الكهرباء بعد أن يصبح البلدان مصدرا مشعا بالطاقة بين قارات العالم القديم، إذ تمتد من السودان جنوب حتى قبرص واليونان شمالا، ومن ليبيا غربا والأردن شرقا مع مخطط للوصول إلى العراق ويصبح لهما دورا مهما في ربط شبكات دول أوروبا والمشرق العربي والمغرب العربي وشمال أفريقيا.

وأوضح أن تلك الخطوة هي بداية مشروع عملاق سيحول البلدان لمركز إقليمي ودولي لتبادل الطاقة الكهربائية بين الدول العربية وإفريقيا وأوربا والتي من المقرر أن تكتمل بحلول عام 2035 ويهدف المشروع إلى إنشاء بنية أساسية لتجارة الكهرباء بين الدول العربية وإنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء بين دول قارات العالم أوروبا وأفريقيا وآسيا.

إنجازات مشروعات الربط الكهربائي

قال الدكتور أبو بكر الديب أن مصر بدأت تفعيل تفعيل مذكرة التفاهم للربط للكهربائى الأوروبي – الأفريقي مع قبرص واليونان، بقدرة 2000 ميجاوات باستثمارات مبدئية بلغت 4 مليارات دولار لربط مصر بالشبكة الكهربائية الأوروبية ويساهم فى الحد من الانبعاثات الكربونية، ويوفر فوائد اجتماعية واقتصادية كبيرة تصل إلى 10 مليارات يورو وذلك ضمن خطة مصر الاستراتيجية لتحقيق التنمية الاقتصادية وتأمين الطاقة وتحويل مصر إلى مركز إقليمي لتبادل الطاقة بين دول العالم.

وأضاف: كما تنفذ مصر أيضا مشروع الربط الكهربائي مع السودان، وقدرة المرحلة الأولى 300 ميجا وات ويمثل نقطة انطلاق للربط بين مصر وأفريقيا قدرة المرحلة الأولى من مشروع الربط 300 ميجا وات ويدرس الجانبان المصري والسوداني التوسع في المشروع ليصل إلى 3 آلاف ميجا وات فى المرحلة الثانية من المشروع ويضم خط الربط 300 برج على الأراضي المصرية.

وأوضح أن المشروع سيعمل علي تقليل القدرة الاحتياطية المركبة في كل شبكة وتخفيض الاستثمارات الرأسمالية اللازمة لتلبية الطلب وتقليل كلفة إنتاج الطاقة ما ينعكس إيجاباً على أسعار بيع الطاقة الكهربائية للمستهلكين والسماح بتصدير أو استيراد الطاقة الفائضة بحسب وقت الذروة في كل دولة والتقليل من مخاطر توقف الطاقة المنتجة من محطات الطاقة المتجددة مشيرا الي أن الدول العربية بدأت بربط شبكاتها الكهربائية منذ أوائل الخمسينيات.

إمكانيات مصر في توليد الكهرباء

وأكد الدكتور أبو بكر على أن مصر تمتلك مصر إمكانيات هائلة تجعلها قادرة على توليد % 53 من إجمالى الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2035، مشيرا إلى أن الطاقة النظيفة هي  الطاقة التي لا تلوّث الغلاف الجوي مثل الكهرباء أو الطاقة النووية على خلاف الفحم والنفط التي تعمل على تلويث الغلاف الجوي وغالباً ما تكون هذه الطاقة نوع من أنواع الطاقة المتجددة والانبعاثات الصفرية (مصادر الطاقة المتجددة) أو الطاقة التي يتم توفيرها من خلال مقاييس كفاءة استخدام الطاقة.

وأوضح أنه من أمثلة الطاقة النظيفة (الطاقة الشمسية) حيث يتم جمع هذه الطاقة وتحويلها باستخدام عدة طرق مثل الحمام الشمسي المستخدم في المنازل، وقوة الرياح وتعمل قوة على تحريك الغلاف الجوي من خلال الاختلاف في درجة الحرارة على سطح الأرض عند تعرضها للشمس ويمكن استخدام الطاقة الناتجة من الرياح لضخ المياه أو توليد الكهرباء.

مصر رمانة الميزان في الصناعات البترولية

واختتم الدكتور أبو بكر حديثه قائلا بأن مصر أصبحت قبلة ورمانة الميزان في الصناعات البترولية حيث بلغت صادرات قطاع البترول إلى 13 مليار دولار العام الماضي كما شهدت مصر نهضة تنموية كبرى عبر تنفيذ مشروعات عملاقة ومن هذا المنطلق استضافت مصر هذا المعرض الذي يعد أكبر وأهم تجمع دولى وإقليمى لصناعة البترول والغاز فى منطقتى شمال إفريقيا والبحر المتوسط.

معرض إيجيبس 2022

ويأتي ذلك بالتزامن مع افتتاح مؤتمر ومعرض مصر الدولى للبترول «إيجيبس ٢٠٢٢» فى دورته الخامسة، بمشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وعدد من وزراء البترول والطاقة ورؤساء الشركات المحلية والعالمية للبترول والغاز، ويمثل المؤتمر فرصة لتدشين حوار استراتيجي بين المشاركين ورسم خارطة طريق لقطاع البترول والغاز لتحقيق مستقبل مستدام فضلا عن تبادل الأفكار والرؤى حول تحقيق نظام بيئي أفضل.

صادرات مصر البترولية

كشفت بيانات وزارة البترول، أن صادرات مصر من الغاز الطبيعى المُسال خلال الربع الثالث من العام ٢٠٢١، ارتفعت بنسبة ٩٠٠٪ لتصل إلى مليون طن، فيما وصلت صادرات مصر من الغاز الطبيعى أكثر من ١.٤ مليون طن خلال الربع الثانى من العام ٢٠٢١.

ووصل إجمالى عدد شحنات الغاز الطبيعى المحملة من مجمع دمياط منذ معاودة تشغيله أوائل العام ٢٠٢١، إلى ١٢ شحنة بإجمالى ٠.٩٣ مليون طن؛ وجرى تصدير ٩ شحنات منها لعدة أسواق بآسيا قادتها الهند، وباكستان والباقى تصدر لإسبانيا وبلجيكا والكويت، بواقع شحنة لكل منها.

ووفقًا للوزارة، فإن أبرز أسباب ارتفاع الصادرات تعود إلى الاتفاقيات التى وقعتها الوزارة والتى بلغت قيمتها أكثر من ١٧ مليار دولار خلال السنوات السبع الماضية، ووقعت الوزارة ٩٩ اتفاقية مع شركات عالمية للبحث والاستكشاف عن الغاز الطبيعى خلال الفترة الماضية.

كما تم تنفيذ ٣٠ مشروعا لتنمية حقول الغاز الطبيعى بإجمالى استثمارات تصل إلى ٥٢٠ مليار جنيه، وساهم ذلك فى تحقيق مصر فائض فى ميزان المدفوعات البترولى بما يُعادل نحو ٩.٩ مليار جنيه لأول مرة منذ سنوات طويلة خلال العام ٢٠١٨/ ٢٠١٩، وفى العام ٢٠٢٠/ ٢٠٢١ وصل الفائض فى ميزان المدفوعات إلى ٩.٥ مليار جنيه.

موضوعات ذات صلة:

أم الدنيا تُنير العالم| مصر تتحول لمحور عالمي للطاقة في 3 قارات.. مشروعات الربط الكهربائي مع أوروبا وإفريقيا وعدد من الدول العربية تدخل حيز التنفيذ

الطقس البارد وإمدادات الطاقة| القارة العجوز بين سندان أسعار الغاز ومطرقة الثلوج.. وفوضى في سوق الوقود عالميًا مع زيادة الطلب

مصر تحقق نموًا بنحو 900% في صادرات الغاز.. المعدل الأعلى عالميًا خلال الربع الثالث من عام 2021

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى