قال أبوبكر الديب الخبير الاقتصادي ومستشار المركز العربي للدراسات إنه لم يكد اقتصاد العالم والفقراء بالدول المختلفة تنفس الصعداء من فيروس كورونا (COVID-19) وهي الأزمة التي لم يشهد لها العالم مثيلا في العقود الأخيرة والتي أدخلت حوالي 49 مليون شخص إلى دائرة الفقر المدقع خلال عام 2020حتي اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية والتي تهدد الاقتصاد العالمي بشكل خطير وتنذر بفقدانه تريليون دولار هذا العام، ورفعت أسعار كل شئ كالطاقة “النفط والغاز والفحم” والمعادن “كالذهب والفضة والنحاس” والحبوب “كالقمح والذرة” وأحدثت اضطرابا في أسواق المال والتجارة الدولية، وسارعت البنوك المركزية لرفع الفائدة علي نهج الفيدرالي الأمريكي، ما رفع أسعار الدولار أمام العملات الوطنية.
وطالب الديب بحماية الفقراء من خلال دعم السلع الغذائية وتوسيع إجراءات الحماية الاجتماعية دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وضبط الاستيراد ودعم الساحة والاستثمار لتوفير فرص عمل ودعم الزراعي لتحقيق أو الاقتراب من الاكتفاء الذاتي للسلع الغذائية.
واوضح أن دول العالم اتخذت اجراءات لحماية مواطنيها من تداعيات ارتفاع الاسعار والدولار الأمريكي وقدمت البنوك المركزية سيولة إضافية للنظام المالي، بما في ذلك عن طريق عمليات السوق المفتوحة، وسط تخوفات كبيرة من المواطنين من استمرار تداعيات الحرب على حياتهم.
واشار الخبير الاقتصادي في تصريحه لـ “الحكاية”، الي اتخاذ الحكومة المصرية مجموعة من الإجراءات الكبيرة لضبط السوق وتقليل الارتفاع المبالغ فيه في الأسعار.
وفي هذا المجال وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحكومة المصرية بالإعداد الفوري لحزمة من الإجراءات المالية والحماية الاجتماعية لتخفيف آثار التداعيات الاقتصادية العالمية على المواطن المصري.. وفي إطار ذلك جاء افتتاح مشروع مصر المستقبل للإنتاج الزراعي وعلي الحكومة أن تعمل على مد شبكة الحماية للمواطنين المستحقين ومنهم العمالة غير المنتظمة وتسعى لخفض معدلات الفقر في مصر، وحماية الطبقات الفقيرة وتمكينها اقتصاديا ومساعدتها على الاندماج في العملية الإنتاجية وصرف دعم مالي مباشر للعائلات الأكثر احتياجا، وتعزيز خدمات الرعاية الصحية، وتصميم برامج تعليمية محددة للمتسربين من التعليم، مرتبطة ببرامج تدريب مهني، وإكسابهم مهارات جديدة، تساعدهم على الاندماج في سوق العمل، وإجراء ربط حقيقي لقواعد بيانات برامج الدعم المختلفة التي تشرف عليها وزارات عدة في إطار السياسة الجديدة وتحقيق حلم الرئيس برفع الصادرات المصرية لـ 100 مليار دولار.
وقال إنه عند النظر لأبرز المؤشرات النهائية لمشروع موازنة العام المالي 2022 – 2023، نجد محاولات حكومية مشكورة للاعتناء بمحدودي الدخل، مثل خفض العجز الكلي إلى نحو 3.6% من الناتج المحلي، والاستمرار في تحقيق فائض أولي قدره 1.5 % من الناتج المحلي، وخفض نسبة دين أجهزة الموازنة العامة إلى الناتج المحلي إلى حوالي 80.5 %، إلى جانب ارتفاع معدل نمو الإيرادات إلى حوالي 17% لتصل إلى قرابة تريليون و447 مليار جنيه، وكذا زيادة المصروفات بمعدل نمو 16% ليصل إلى حوالي 2 تريليون و7 مليار جنيه، بما فيها 365 مليار جنيه مخصصات للاستثمار، و400 مليار جنيه لبند الأجور، و323 مليار جنيه لمنظومة الدعم.
وفي هذا الإطار، دعا الديب الحكومة للبحث عن آليات جديدة لحماية الفقراء واستخدام الموارد المالية بشكل أفضل والوصول بالدعم إلى الفئات المستحقة بالفعل لتخفيف حدة الفقر وتراجع عدد الفقراء خلال السنوات المقبلة من أجل تحقيق أهداف العدالة الإجتماعية.
وقد قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصـري خلال أقل من شهرين رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع ٣٠٠ نقطة أساس ١٠٠ ثم ٢٠٠ على الترتيب،
واكد انه علي مدار الفترة الماضية نجح برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في تحقيق العديد من المكتسبات وعلي رأسها رفع كفاءة مؤشرات الاقتصاد الكلي لمصر وهو ما مهد الطريق لمواجهة أي تحديات واضطرابات اقتصادية قد تطرأ نتيجة لعوامل خارجية بالأساس، حيث كان لمكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادي بالغ الأثر في حماية الاقتصاد من التقلبات المفرطة والأزمات، كما ساعدت الإصلاحات الهيكلية التي تبناها كل من البنك المركزي والحكومة المصرية في تقديم إجراءات إقتصادية وحزم تحفيز إستثنائية علي مدار العامين الماضيين بهدف توفير الدعم للمواطنين وتخفيف العبء عليهم خلال أزمة فيروس كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وخلال الفترة الأخيرة، بدأت الضغوط التضخمية العالمية في الظهور من جديد بعد بوادر تعافي الاقتصاد العالمي من الاضطرابات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد، وذلك بسبب تطورات الصراع الروسي الأوكراني حيث ارتفعت المخاطر المتعلقة بالاقتصاد العالمي نتيجة هذا الصراع. ويأتي علي رأس تلك الضغوط الارتفاع الملحوظ في الأسعار العالمية للسلع الأساسية، واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن، بالإضافة إلى تقلبات الأسواق المالية في الدول الناشئة؛ مما أدى إلي ضغوط تضخمية محلية وزيادة الضغط علي الميزان الخارجي.
وحرصا من البنك المركزي على الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي ومكتسباته، فإن البنك المركزي يؤمن بأهمية مرونة سعر الصرف لتكون بمثابة أداة لامتصاص الصدمات والحفاظ على القدرة التنافسية لمصر.
وتابع: “أعتقد أن هناك حاجة للمزيد من الإجراءات الاقتصادية التي تقوم الدولة المصرية خلال الفترة المقبلة بسبب الأحداث العالمية من الحرب الروسية الاوكرانية وضغطها بشدة علي الاقتصاد الدول وارتفاع اسعار السلع وكذلك رفع الاحتياطي الفيدرالي الامريكي أسعار الفائدة مرتين ووعده برفعا ٥ مرات اخري”.