شاركت د.هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية بفعاليات جلسة “تجارب تنموية فى مواجهة الفقر” المنعقدة خلال فعاليات منتدى شباب العالم 2022 فى نسخته الرابعة، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى.
وخلال مشاركتها قالت د.هالة السعيد إن المنتدى أصبح منصة دولية هامة يتطلع الجميع للالتقاء بها، وحول مؤشرات الفقر، أوضحت السعيد أنه بالنظر إلى الإطار الحاكم لعملية التنمية على مستوى العالم وكيفية النظر إلى قضية الفقر، فإن الأجندات الدولية الأممية ومنها أجندة التنمية المستدامة 2030، والأجندة الأفريقية 2063 وأجندة مصر 2030 كذلك والتى تمثل النسخة الوطنية من الأهداف الأممية والتى تتفق كذلك مع الأجندة الأفريقية 2063، موضحة أن كل تلك الأجندات التنموية تتفق على أهمية قضية الفقر وابعاده فى التأثير على معدلات التنمية وبالتالى القضاء على الفقر بجميع اشكاله.
وأوضحت السعيد تعريف الفقر ونظرة العالم له وما هو التطور الذى حدث على مفهومه، متابعه أن الفقر قديمًا كان يتم قياسه بمستوى دخل الفرد، ثم ومع تطور المؤشرات وتطور التعريفات المختلفة، بدأ يتم النظر إلى مستويات المعيشة وإلى أبعاد مختلفة في قياس مستوى الفقر حيث يتم النظر إلى مؤشرات التعليم والصحة وكذلك الخدمات الأساسية التي يتمتع بها الفرد في كل دولة وهذا ما أطلقت عليه الأمم المتحدة مؤشر الفقر متعدد الأبعاد.
وأوضحت السعيد أنه عند النظر إلى مؤشر التعليم فيتم متابعة نسب التسرب من التعليم ونسب الملتحقين في سنوات التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، مضيفه أنه على ومستويات الصحة يتم النظر إلى مستوى الخدمات الصحية والتغذية، وفيما يخص مستوى المعيشة والخدمات التي يحصل عليها المواطن فيتم النظر إلى الخدمات الأساسية كخدمات الصرف الصحي والحصول على مياه نظيفة والكهرباء وشبكة الطرق التي يتمتع بها المواطنون، موضحة أن كل هذا بالإضافة إلى متوسط دخل الفرد بما يكون مفهوم مؤشر الفقر متعدد الأبعاد.
وتناولت السعيد الحديث حول ما تم بعد جائحة كوفيد 19 فيما يخص تلك المؤشرات ومدى تأثير الجائحة على معدلات الفقر، موضحة أن الجائحة تمثل أكبر أزمة اقتصادية مرت على العالم في القرن الحديث، موضحة أن الأزمات السابقة كالكساد الكبير كانت إما ترتبط بقطاع معين أو ترتبط بمناطق ما كأزمات اّسيا وأمريكا اللاتينية، متابعه أن أزمة كوفيد بدأت بأزمة صحية فأثرت على الإنسانية وبالتالي تداعياتها انتشرت من منطقة إلى مناطق أخرى لتؤثر على كل جوانب الاقتصاد مما أدى إلى تدهور شديد في حركة التجارة يقدر بـحوالي من 40 إلى 70%، فضلًا عن الانخفاض الشديد في معدلات الاستثمار أدت إلى اضطرابات في أسواق العمل.
وتابعت السعيد الحديث حول تداعيات الأزمة، مشيرة إلى اضطرابات حركة التعلم، موضحة أن نسبة الأفراد الذين حدث لديهم اضطراب في المنظومة التعليمية تقدر بـقرابة المليار شخص على مستوى العالم خلال 3 سنوات منذ عام 2020حتى نهاية عام 2022، متابعه بالحديث حول التأثير على متوسطات البطالة حيث هناك أكثر من 255 مليون وظيفة سيتم فقدها بنهاية هذا العام، بالإضافة إلى دخول 250 مليون مواطن بنهاية عام 2022 في مستويات الفقر (تحت خط الفقر).
وحول تعامل الدول مع الأزمة أوضحت السعيد أنه ليس هناك نظام تعامل موحد مع الزمة حيث أن كل دولة تعاملت مع الزمة وفقًا لدرجة تقدمها الاقتصادي وإمكانياتها وكذلك الهيكل الديموغرافي والتركيبة السكانية بها، لذا كان هناك تباين شديد في تعامل الدول مع الأزمة، مضيفه أن حالة عدم اليقين التي ترتبط كذلك بالأزمة الصحية وبالسلالات التي تتحور للفيروس تؤثر بشكل كبير على الأزمة.
واستعرضت السعيد التجربة التنموية المصرية، مؤكده أن مصر تنتهج منهج مهم جدًا وهو الحق في التنمية كحق اصيل من حقوق الإنسان، موضحة أن هذا المبدأ الذي قامت عليه رؤية مصر 2030 التي أطلقها سيادة رئيس الجمهورية في 2016، والتي راعت أن تحقيق التنمية الاقتصادية يأتي مع مراعاة البعد الاجتماعي ومراعاة الفراد الأقل حظًا، وإدماج الفئات ذوي الهمم كذلك، فضلًا عن مراعاة البعد البيئي لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وبالتالي الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة في الحفاظ على مواردهم الطبيعية.
وأكدت السعيد أن كل تلك الاعتبارات تم تأكيدها كذلك في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان والتي أطلقها سيادة الرئيس مطلع عام 2021، والتي أكدت على الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية كذلك، وحق الإنسان والمرأة والطفل وذوي الهمم في كل المنظومة.
وتابعت السعيد أنه بحلول الجائحة كان هناك توجه استراتيجي وجه به سيادة الرئيس يتمثل في التوازن الشديد بين الحفاظ على صحة المواطن وهو أولوية للجميع من خلال أخذ الإجراءات الاحترازية وفي الوقت ذاته استمرار عجلة النشاط الاقتصادي وهو توجه استراتيجي حاكم في التجربة التنموية المصرية، مضيفه أنه كان هناك تعامل سريع جدًا مع الأزمة حيث تم البدء بمساندة سريعة للقطاعات التي تضررت من الأزمة، حيث توقف عدد من القطاعات نتيجة توقف حركة النشاط الاقتصادي، كالسياحة والطيران، وأخري قطاعات تضررت بشكل جزئي كالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، موضحة أنه كان هناك مساندة من قِبل السياسات المالية التي دعمت تلك القطاعات من خلال تأجيل المدفوعات السيادية لهم مع التسهيلات في سداد تلك الاستحقاقات والمدفوعات، أيضًا السياسة النقدية من خلال إعادة جدولة بعض الديون وإعطاء عدد من القروض الميسرة لتشغيل والحفاظ على الكيانات.
وتابعت السعيد أن المحور الثانى الذى تم العمل عليه هو إعادة ترتيب الأولويات، حيث دفعت الجائحة العالم أجمع على إعادة ترتيب أولوياته موضحة أنه كان من المهم التوجه فى استثمارات الدولة نحو القطاعات الأولى كالصحة والتعليم، بالإضافة إلى القطاعات التي لديها مرونة والقدرة على التكيف مع الأزمات كقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والزراعة، موضحة أن الدولة ضخت استثمارات فى تلك القطاعات تقارب 300% في ذلك الوقت.
وأضافت السعيد أن المحور الثالث تمثل في مساندة الفئات: المواطن المصري، موضحة أن الدولة تقدمت لأول مره بمنحة رئاسية للعمالة غير المنتظمة، حصل عليها ما يقرب من 6 مليون مواطن من تلك العمالة، لمدة 6 أشهر، فضلًا عن زيادة المعاشات، والأجور والمرتبات، مؤكدة أن مصر قامت بكل تلك الإجراءات في وقت اتخذت في كل الدول إجراءات تقفية حيث أن الحفاظ على الكيانات الاقتصادية والمؤسسات والعمالة هي أمن قومي بالنسبة لمصر، وهو السلام والمان الاجتماعي التي تحرص مصر للحفاظ عليه.
وتابعت السعيد أن تلك الإجراءات مثلت الخطة قصيرة الأجل التى تعالمت بها الدولة مع الجائحة بشكل سريع، متابعه انه فيما يخص المحور متوسط الأجل فتمثل في الإسراع بتحسين جودة الحياة فى الريف المصرى والإسراع بتطبيق مبادرة حياة كريمة وهي تطبيق فعلي لمؤشر الفقر متعدد الأبعاد بل وتتعدي المؤشر في تحسين جودة الحياة، موضحة أنه بالحديث على الخدمات التي تقدم في قرى الريف المصري فيه اكثر من 58 مليون مواطن في 4500 قرية، من خدمات بنية أساسية من صرف صحي ومياه شرب وكهرباء شبكة طرق، فضلًا عن الخدمات الصحية والتعليمية وسكن لائق، فضلًا عن تنمية بشرية وتدريب مهني وفرص عمل، بما يضمن استدامة كل جهود التنمية بتوفير فرص عمل في تلك القرى، وذلك باستثمارات تصل ما بين 45 إلى 50 مليار دولار يتم ضخها في هذه المبادرة.
وأوضحت السعيد أنه من ضمن المؤشرات الإيجابية المهمة في خطط التنمية المصرية، وزيادة أعداد الأطفال المقيدين في التعليم وفي نسب الانتقال إلى مراحل التعليم الأعلى، مشيرة إلى انخفاض مؤشرات الفقر في المرحلة التمهيدية التي تم البدء بها في مبادرة حياة كريمة والتي كانت تضم 375 قرية، إلى ما بين 10 إلى 14% في تلك القرى.
واستعرضت السعيد التجربة المصرية الرائدة في تطوير المناطق العشوائية وغير الاّمنة، مشيرة إلى توفير كل الخدمات الأساسية في أكثر من 357 منطقة غير اّمنة، بهدف خلق مواطن صحي يستطيع التعامل مع المجتمع، مضيفه أن مصر هي الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وعربيًا التي اتخذت تدابير تراعي احتياجات المرأة في ظل الجائحة.
كما تطرقت د. هالة السعيد بالحديث حول القضية السكانية وارتباطها بمؤشرات الفقر وارتباط الفقر بزيادة عدد السكان، مشيرة على التجربة التنموية المهمة التي سيعلنها سيادة الرئيس في غضون أيام، وهي تنمية الأسرة المصرية والتي تهدف إلى ضبط معدلات النمو السكاني المتسارعة، بالإضافة إلى الارتقاء بخصائص السكان من خلال الاستثمار في تمكين المرأة، التغذية، إتاحة خدمات صحة المرأة، متابعه انه بالحديث عن الفقر وارتباطه بالقضية السكانية فإن 48% من الأسر التي تتكون من 6 إلى 7 أفراد هم من الفقراء، و80% من الأسر التي يعيش بها 10 أفراد أو أكثر من الفقراء، بما يؤكد الارتباط الوثيق بين الفقر والقضية السكانية، متابعه أن تمكين المرأة وإتاحة الخدمات الخاصة بصحتها والتغذية والمحور التوعوي والثقافي والتعليم تأتي من أهم المحاور التي تضمن الارتقاء بخصائص السكان مع الحفاظ على معدلات مناسبة من الزيادة السكانية.
واختتمت السعيد حوارها برسالة للشباب موضحة أن بالرغم من كل الجهود التنموية التي تقوم بها الدولة، إلا أن الفقر الأهم هو فقر القدرات، قائلة إن التعليم والتدريب المستمر لا يتوقف عند سن معين، والدولة المصرية تتيح مجموعة كبيرة جدًا من البرامج التدريبية والتعليمية في المجالات كافة، مشيرة إلى الأكاديمية الوطنية التي أنشأها السيد الرئيس لتدريب وتأهيل الشباب على القيادة، وإعطاء الشباب مهارات مختلفة بالإضافة إلى أن هناك عدد كبير من المؤسسات التي تؤهل الشباب على عدد كبير من البرامج، متابعه أنه كلما زادت القدرات كلما زادت فرص الفرد للاختيار، مضيفه أن منتدى شباب العالم يمثل منصة مهمة لبناء القدرات، ومع وجود القيادة التنفيذية والسياسية كلها مع الشباب المصري سواء على مستوى المنتدى الدولي أو المحلي فإن الهدف الرئيسي من ذلك بناء القدرات وبناء الشخصية الواعية والقادرة على التعامل مع كل التحديات .