يا كحك العيد| طقس مصري أصيل يعود لعصر الفراعنة.. أشهر مظاهر الاحتفال بالعيد صنعة قدماء المصريين واستخدمه الفاطميون لهدف سياسي.. (أصل القصة)
لا تخلو مناسبة للمصريين من الطقوس والعادات الفريدة التي تخصهم دون عن باقي الدول، فالمصريين يقدسون الاحتفالات منذ عهد الفراعنة ويتفننون في ابتكار طرق خاصة لاحتفالاتهم، فتجد طقوس خاصة برمضان، وأخرى بالعيد، وجميع المناسبات.، وترتبط الكحك بمظاهرالاحتفال بعيد الفطر المبارك.
اقرأ أيضًا:
وفي الأيام الأخيرة من شهر رمضان تحرص الأسرة المصرية على شراء كعك عيد الفطر المبارك، أو صناعته في المنزل، حيث يعتبر واحد من أهم طقوسه، ويرجع أصل الاحتفال بصناعة الكعك إلى قدماء المصريين، حتى أن كلمة “كعك” مشتقة من الكلمة المصرية “كحك”، وقد انتقلت إلى الانجليزية لتصبح “Cake”.
ويعتبر الكحك علامة المميزة للاحتفال بعيد الفطر في الوطن العربي، على الرغم من اختلاف الثقافات بين الدول، وطرق الاحتفال إلا أن الكعك طقس أساسي للجميع، باختلاف مسمياته بين المسلمين في دول الوطن العربي، كحك في مصر، أو معمول في دول الخليج العربي، هو طقس مميز للاحتفال بعيد الفطر المبارك.
أصل صناعة الكحك يعود لعصر الفراعنة
القدماء المصريين برعوا في جميع في الصناعة في الكثير من جوانب الحياة، كما برعوا في مظاهر الاحتفال المختلفة، والتي جاء منها «الكحك»، الذي ظهر في عهد الملك رمسيس الثالث، فتم اكتشاف أول صورة شكل الفرن الملكي في إحدى الغرف الجانبية من مقبرة الملك، وكان يظهر إلى جانبه صورة للكعك منقوشًا عليه رسم إله الشمس «آتون»، حيث يقدمون الكعك قربانًا للإله.
تطورات صناعة الكعك
داوم المصريون القدماء على صناعة الكعك، حتى مع دخول العصر الفاطمي، وأنشأت الدولة دار تشبه الوزارة مخصصة لصناعة الكعك، تُسمى “الفطرة”، كانت تعمل تلك الدار بـ 100 عامل، يقومون بصنع أشكال وأنواع مختلفة من كعك العيد، وكانت هذه الدار تبدأ عملها من منتصف شهر رجب الهجري، وتقوم الدار بتوزيع الكعك على العامة من الشعب، قبل يوم العيد بيوم واحد، ومعها قوالب مكتوب عليها عبارات تهنئة بالعيد منها « كل هنيئًا، كل واشكر، بالشكر تدوم النعم».
وتعود عادة صنع الكعك فى الاعياد والمناسبات إلى عصر الفراعنة، حيث كان يعد الكعك على أشكال دائرية وتقدَم في الأعياد أو عند زيارة الموتى والقبور ، كما يعد كعك العيد من مظاهر الفرح والاحتفال عند المصريين. و يطلق عليه أيضا كعك العيد في بلدان أخرى مثل الجزائر .
عرف كعك العيد منذ ايام الفراعنة و كانت زوجات الملوك في مصر القديمة اعتدن تقديم الكعك برسمة قرص الشمس إلى الكهنة في المعابد والقائمين على حراسة هرم خوفو، وذلك وقت تعامد الشمس على حجرة الملك خوفو، وكان الكعك يصنع وقتئذ من الدقيق والعسل.
ونقش المصريين على جدران المعابد طريقة إعداد الكعك بطريقة لا تختلف كثيرًا عن طريقة إعداده الآن، وتنوعت أشكال الكعك ما بين أشكال هندسية أو طيور أو زهور ووصل عدد الأشكال لـ 100 شكل، وكان يحشي بالتمر أو الفواكه المجففة وعلى الأخص النبق والزبيب، وفقًا لكتاب ”لغز الحضارة المصرية” للدكتور سيد كريم.
وفى عهد الدولة الاخشيدية كان أبو بكر المادرانى وزير الدولة يصنع الكحك فى أعياد الفطر ويحشوه بالدنانير الذهبية وكان يطلق عليه حينها “أفطن إليه” أى انتبه للمفاجأة.
وفى العهد الفاطمى كان الخليفة يخصص حوالى 20 ألف دينار لعمل كحك عيد الفطر وتتفرغ المصانع من منتصف شهر رجب لصناعة الكحك، وكان الخليفة يتولى مهمة توزيع الكحك على الرعايا وكان حجم الكحك فى حجم رغيف الخبز، وكان الشعب يقف أمام أبواب القصر ينتظر نصيب كل فرد فى العيد وأصبحت عادة سنوية فى هذه الفترة وكان يكتب على الكحك عبارة كل واشكر مولاك .
وحرص الفاطميون على الإبداع في تلك العادة لكسب ولاء ومحبة المصريين، لذلك أنفقوا أمولًا طائلة حيث تم تخصيص إدارة حكومية أطلق عليها “دار الفطرة” ورصدوا لها مبلغ 20 ألف دينار، وعهدوا لها بـ 100 صانع كعك، يبدأ عملهم من منتصف رجب وحتى العيد، وكان الخليفة يشرف بنفسه على صناعته وتوزيعه على المصريين، وكان الفاطميون يحرصون على إعداد سماط (طاولة ضخمة) طولها 1350 متر، ويوضع عليها 60 نوع من الكعك ومشتقاتها، وكان الخليفة يصلي الفجر ويقف في الشباك وأمر بدخول عامة الناس، فيأكلون منه ويحملون منه إلى ديارهم.
وكانت تنقش على الكعك عبارة ” تسلم ايدك يا حافظة” نسبة إلى أشهر صانعة للكعك في هذا العصر، وكان هذا بمثابة “علامة تجارية في هذا العصر “وكان صفوة ضيوف الخليفة فقط هم من يستطيعون الحصول على هذا الكعك.
مع تطور التكنولوجيا، ظهرت أطعمه مختلفة من الكعك، إلا انه مازال يحتفظ بشكله التقليدي المميزة، وبات هناك الكثير من المصانع والأفران تتنافس على تقديمة بأطعمة مختلفة، ومازالت بعض البيوت المصرية تحتفظ بفرحة صناعته في المنزل في الأيام العشر الأخيرة في رمضان، ولمة العائلة والأطفال.
موضوعات ذات صلة: