23 يوليو.. حكاية ثورة أعادت مصر إلى هويتها وغيرت وجه الحياة بأكملها
هبت رياح ثورة الثالث والعشرين من يوليو لعام 1952، كى تدخل الدولة المصرية في عهد جديد، بملامح جديدة، حيث غيرت نظام الحكم وبنيته ووجوهه، حتى تمكنت من هدم أسس الحكم الملكي.
اقرأ أيضا:-
الملك سلمان يهنئ السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو
عبد الحكيم عبد الناصر: ثورة 23 يوليو حدث سيبقى خالد الدهر
وقد أصبح الكل سواسية، وعادت مصر لأحضان أبنائها، وبدأ المصريون مع عهد استشرفوا فيه مستقبلًا يُبنى بسواعد أبنائه، ويستفيدون من خيرات بلدهم، بعد أن كان الغالبية العظمى منهم يقتاتون التراب ويلتحفون الفقر.
وقد عززت الدور التاريخي للجيش المصري في الوقوف إلى جوار بلده وشعبه، فهكذا يكون التاريخ حين يرصد ويتابع ليس عليه إلا أن يقف احترامًا للدور الذي تقوم به قواتنا المسلحة وقت المحن، ولا سيما ما قامت به في ذلك الظرف العصيب والدقيق من تاريخ مصر.
القضاء على الفساد
ونجحت ثورة 23 يوليو في مساعيها للقضاء على الفساد والظلم الذي استشرى في البلاد، وأطاحت بالحكم الملكي، وضع أبناء تلك المرحلة من الضباط الأحرار، عدة مبادئ من شأنها غيرت وجه مصر، وعملت منذ الوهلة الأولى لضرورة أن يستفيد المصريون من مكتسبات بلدهم ومقدراتها.
وقبل 23 يوليو 1952 كانت مصر بمثابة الوسية التي يتحكم فيها مجموعة من المحسوبين على المستعمر البريطاني من جانب، وآخرين للنظام الملكي من حاشيته من جانب آخر، ولم يكن للمصريين من مقدرات بلدهم إلا الفتات الذي لا يملأ بطونهم وأولادهم.
وقد حرصت ثورة يوليو على تأسيس نظام قوامه العدالة الاجتماعية، ووضعت عددًا من المبادئ لعل أبرزها، القضاء على الإقطاع، القضاء على الاستعمار، القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم، إقامة جيش وطني قوي، إقامة عدالة اجتماعية، إقامة حياة ديمقراطية سليمة، ولعل أن مضمون هذه المبادئ يشير إلى أن ثمة خلل في كل تلك الملفات التي أضحت أطروحة لدى الضباط الأحرار ولا بد من إعادتها لنصابها الصحيح.
الإنجازات السياسية
أما الإنجازات السياسية، فإنه يعزى لثورة 23 يوليو، عددًا كبيرا من الإنجازات في هذا الشأن لعل أبرزها يتمثل في السيطرة على الحكم وسقوط الحكم الملكي، ونجاحها كذلك في استرداد الكرامة والاستقلال والحرية المفقودة على أيدي المستعمر المعتدي، وإجبار الملك على التنازل عن العرش ثم الرحيل عن مصر إلى إيطاليا، وتبعات ذلك من إلغاء النظام الملكي وقيام الجمهورية.
ولم يكن ذلك الاحتلال البريطاني الذي ظل جاثمًا على صدور المصريين لعشرات السنين، إلا أن تكتب له النهاية أيضًا وتعيش مصر أخيرًا عهد التحرير من قبضة المحتل، لما في ذلك من تحرير للقرار المصري، وبينما كان توقيع اتفاقية الجلاء بعد أربعة وسبعين عاما من الاحتلال يمثل لحظة تاريخية تظل ملصقة بالأذهان، إلا أن القرار التاريخي بتأميم شركة قناة السويس لا يقل عنه أهمية أيضًا.
إعادة الروح المصرية
وعملت الثورة في مصر على إعادة الروح المصرية إلى بلادنا متمثلة في عودة الهوية المصرية، المفقودة حينها، وركزت على أن ذلك لن يتأتى سوى من خلال المراكز الثقافية، فأنشأت الثورة الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقصور الثقافة، والمراكز الثقافية، لتحقيق توزيع ديموقراطي للثقافة وتعويض مناطق طال حرمانها من ثمرات الإبداع وهو ما يعد من أهم وأبرز إنجازاتها الثقافية.
وأنشأت الثورة كذلك أكاديمية تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والباليه والأوبرا والموسيقى والفنون الشعبية، ناهيك عن رعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية، وكذلك سمحت بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل بعد أن كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية.
التعليم
وكان التعليم في العهد الملكي قاصرًا على أبناء طبقة بعينها، ولم يكن لجميع المصريين الاستفادة من هذا الحق، إلا أن تلك الحقبة كان لها أن تطوى مع ثورة 23 يوليو التي ستظل لها الفضل دائمًا وأبدًا في عودة الحق لأهله، لا سيما فيما يخص ملف التعليم الذي كان عدد غفير من المصريين في حرمان دائم منه، لكن قرار مجانية التعليم يظل علامة محفورة في أذهان المصريين مهما مرت السنين، لاسيما وأنها قررت مجانية التعليم العام وأضافت مجانية التعليم العالي، بل وضاعفت من ميزانية التعليم العالي.
ولم تكتف بذلك وحسب، بل عملت الثورة كذلك على مضاعفة عدد الجامعات، وأضافت عشر جامعات أُنشئت في جميع أنحاء البلاد بدلا من ثلاث جامعات فقط، وأنشأت مراكز البحث العلمي وتطوير المستشفيات التعليمية، وبدأ عهد جديد من تطوير التعليم في مصر لاسيما بعد إرسال العديد من البعثات الخارجية، ما انعكس إيجابًا على تحقيق التنمية في البلاد واضحت من الدول التنموية في غضون سنين قليلة.
القضاء على الاقطاع
وفيما يخص الإقطاع تعد الثورة العصر الذهبي للطبقة العاملة المطحونة الذين عانوا أشد المعاناة من الظلم وفقدان مبدأ العدالة الاجتماعية، وأسفرت الثورة عن توجهها الاجتماعي وحسها الشعبي مبكرا عندما أصدرت قانون الملكية يوم 9 سبتمبر 1952، حيث قضت على الإقطاع واستأصلت وأنزلت الملكيات الزراعية من عرشها، وحررت الفلاح بإصدار قانون الإصلاح الزراعي.
الصناعة
كذلك جاء ملف تمصير وتأميم التجارة والصناعة الذي استأثر بها الأجانب، أحد أهم الملفات التي نجحت ثورة يوليو في تحقيقها، وتبعها القضاء على السيطرة الرأسمالية في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي، وقضت كذلك على معاملة العمال كسلع تباع وتشترى ويخضع ثمنها للمضاربة في سوق العمل، وعززت ثورة يوليو المنتج المحلي المصري بتدشين مئات المصانع والشركات في مختلف التخصصات وكان للمنتج المصري بريقه في معظم أسواق العالم، ثم جاء إنشاء السد العالي ليكون تاجًا لكل المصريين وثمرة من ثمار يوليو.
موضوعات ذات صلة:
الملك سلمان يهنئ السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو
عبد الحكيم عبد الناصر: ثورة 23 يوليو حدث سيبقى خالد الدهر