ماذا تريد روسيا من أوكرانيا؟
بدأت روسيا، صباح اليوم، عملية عسكرية واسعة النطاق في أوكرانيا من خلال هجمات برية وبحرية وغارات جوية، ودخلت مركبات عسكرية روسية من عدة اتجاهات، من بينها شبه جزيرة القرم، ومن بيلاروسيا إلى الشمال.
وضربت الصواريخ الروسية كروز وصواريخ باليستية المقار العسكرية والمطارات، ومن بينها مطار كييف الدولي، ومطار إيفانو فرانكيفسك، الواقع في غرب البلاد.
وقالت وزارة الدفاع في موسكو، إن القوات الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا نفذت هجوما مضادا بنيران مساندة من روسيا.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن التوغل في أوكرانيا، محذرا من أي تدخل سيؤدي إلى رد فعل “فوري” لم يسبق له مثيل في التاريخ.
وكان الرئيس الروسي اعترف باستقلال المنطقتين الأوكرانيتين اللتين يسيطر عليهما انفصاليون مدعومون من روسيا، كما زعم أن أوكرانيا ليس لها تاريخ بوصفها بلدا حقيقيا، واتهم السلطات الأوكرانية بالفساد دون أن يقدم أدلة على ذلك.
أسباب الغزو الروسي على أوكرانيا
جاء الغزو الروسي على أوكرانيا، أن بدأت روسيا في نقل أعداد هائلة من قوات جيشها إلى المناطق القريبة من الحدود الأوكرانية.
في مطلع التسعينات انهار الاتحاد السوفييتي، كانت أوكرانيا، الجمهورية السوفيتية وقتها، تملك ثالث أكبر ترسانة أسلحة نووية في العالم.
وسعت الولايات المتحدة وروسيا، لنزع الأسلحة النووية الأوكرانية، وتخلّت كييف عن مئات الروؤس النووية إلى روسيا، مقابل ضمانات أمنية بعدم الهجوم عليها.
وفي 2014، بدأت روسيا في ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية، ودعمت حركة التمرد التي يقودها الانفصاليون في إقليم دونباس شرق أوكرانيا، وأدى هذا الصراع إلى مقتل 14 ألف شخص حتى الآن.
وفي هذ الوقت كان الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما متردداً في تصعيد التوترات مع روسيا، وتباطأ في اتخاذ إجراءات دبلوماسية بالتنسيق مع أوروبا، ولم يتم تقديم أسلحة هجومية لأوكرانيا بشكل فوري.
وبعد مرور الوقت، ومع انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، الناتو، والذي وصفه الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه لن يحدث في المستقبل القريب، يمثل خطاً أحمر بالنسبة للرئيس الروسي بوتين، ما يعني أن أي هجوم عسكري روسي على أوكرانيا يعني وضع موسكو في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، والدول الـ27 الأعضاء في الحلف.
حاول بوتين اختبار الولايات المتحدة والغرب في الأزمة الأوكرانية مراراً، الأولى في ربيع 2021، عندما حشد بعض القوات والعتاد العسكري على الحدود، وأدى ذلك إلى انتباه الولايات المتحدة، والتي سعت لإجراء مباحثات بين بوتين وبايدن، وبعد ذلك بأيام سحبت روسيا قواتها.
وفي نفس الوقت، فإن نظرة بوتين إلى الولايات المتحدة تغيرت كثيراً، وخاصة بعد الانسحاب العسكري الفوضوي الأمريكي من أفغانستان، والاضطرابات التي تعانيها أمريكا على الصعيد الداخلي، في أعقاب الاستقطاب الذي شهدته بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو ما تراه موسكو على أنها مؤشرات للضعف الأمريكي.
ويرى بوتين الغرب في حالة انقسام شديد بشأن دور الولايات المتحدة في العالم، ولا يزال بايدن يحاول إعادة توحيد التحالف عبر الأطلسي، بعد حالة انعدام الثقة التي تراكمت خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وأدت بعض أخطاء بايدن الدبلوماسية إلى نفور الشركاء الأوروبيين، وتحديداً الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، واتفاق الغواصة النووية الذي طرحه بايدن مع بريطانيا وأستراليا، وكان مفاجأة بالنسبة لفرنسا.
وفي 15 فبراير الحالي، وصل عدد القوات الروسية إلى 100 ألف، قال الرئيس بوتين إنه سيكون هناك انسحاب جزئي للقوات الروسية، قبل أن يخرج ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف الناتو، ويصرح: “لا يوجد انسحاب للقوات الروسية أنهم يستمرون في تحريك القوات إلى الأمام وإلى الخلف”.
وصرح الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي لبي بي سي قائلا: “إننا، بكل صراحة، نتفاعل مع الواقع الذي أمامنا، ونحن لم نر بعد أي انسحاب للقوات”.
ويوم الأحد الماضي، أعلنت وزارة الدفاع في بيلاروسيا أن القوات الروسية البالغ قوامها 30000 جندي والمتمركزة في البلاد سوف تمكث هناك، رغم أنه كان من المقرر أن تعود إلى قواعدها في أعقاب انتهاء تدريبها العسكري.
ووفقا للتقديرات الأمريكية، عدد القوات الروسية في المنطقة يزيد عن 150000 جندي، بما في ذلك القوات الانفصالية في منطقتي دونيتسك ولوهانسك.
وحث الرئيس الأوكراني الشعب في رسالة بالفيديو على عدم الذعر، قائلا إنهم مستعدون لأي شيء وسيخرجون منتصرين.
وقال إن بوتين يريد تدمير أوكرانيا، مشيرا إلى أن الجيش، وجهاز الأمن والدفاع بأكمله احتشدوا وجاهزون للمقاومة، ويمكن لأوكرانيا الاعتماد على دعم حلفائها الدوليين.