مصطفى سيد يكتب.. مهلًا يا شهر الصيام فمازلنا بحاجة إليك!
بين الحين والأخر نحتاج جميعًا لأشياء تُعيد لروحنا حياتها من جديد وسط الصخب الذي يملأ حياتنا، فنبحث دومًا بطبيعتنا البشرية عن الهروب من هذا الكم من مرهقات الحياة؛ باحثين عن تجميع فُتات نفوسنا.
ويشاء الله -عز وجل- أن يأتي شهر البركة والخير والغفران، في الوقت الذي نحتاجه جميعًا، وكأنه جاء هداية من الله لنفوس عباده؛ يهدي به العاصي، ويستقبل به التائبين، ويربط على قلوب من أرهقتهم الحياة.
نعيش فيه حالة من الشعور بالسكينة والطمأنينة لا توصف، وكأننا كالأطفال العائدون للمنزل بعد فترة غياب، أجواء روحانية وشعائر إسلامية جميلة تملئ الشوارع والميادين، أصوات مكبرات المساجد قبل الآذان وفي صلاة التراويح، عزومات الفطار ولمة العيلة والأصدقاء.
يعُم الخير كل الأرجاء، والجميع هنا في حضرة الله متضرعون، ساجدون، راكعون، يدعون الله أن يجمع بينهم وبين أحلامهم وشتات أمورهم، وأن يهدي قلوبهم للطريق المستقيم الذي لا يحيد.
ووسط هذه الأجواء الجميلة وكعادة كل جميل تمر الأيام سريعًا ويوم بعد يوم نجد الشهر قد أوشك على الرحيل، وحينها نشعر بحزن في قلوبنا على قرب فراق أقرب شهور السنة لنا جميعًا.
وحينها نقف مع أنفسنا لنتسأل.. هل نجحنا في استغلال ما مضى من رمضان في إصلاح فساد نفوسنا؟.. هل قومنا بترك عادات سيئة وعهدنا الله على بداية عهد جديد في علاقتنا به؟.. أم مرت تلك الأيام ونحن مازالنا نصارع في الحياة ولم نحقق شيئًا قط؟.
في الحقيقة رمضان هذا العام مر سريعًا، فلا أظن أن أحدًا يصدق أننا سنبدأ للتو في العشر الأواخر، ولكن لابد أن نستيقظ سريعًا لنلحق بقطار رمضان قبل أن يفوت.
فلنعقد العزم على استغلال العشر الأواخر من شهر رمضان في طلب المدد والعون من الله، وأن نعاهده على إصلاح نفوسنا وبداية عهد جديد في علاقتنا به -سبحانه وتعالى-.
وإلى رمضان الضيف الخفيف الذي جاء بالأمس وسيرحل سريعًا، مهلًا.. مهلًا يا رمضان فمازالت القلوب بحاجة إليك.. مهلًا فمازالنا نحتاج أن نعيش في أجوائك الجميلة.. فلا تتركنا إلا بعد أن تصلح لنا قلوبنا وشتات أنفسنا.
وليكن بيننا وبينك عهدًا حتى نلقاك العام المقبل يا شهر الرحمة والغفران.