حسناً فعل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام باتخاذ عدد من القرارات المهمة بعد انتشار ظاهرة بيع الهواء وما يحدث في عدد كبير من البرامج خاصة ظاهرة وأسلوب تقديم البرامج التليفزيونية المثيرة للجدل التى اصبحت محور حديث الشارع المصري والإعلام المهني، حيث تتزايد المخاوف بشأن تأثيرها على المشاهدين والشباب .
وبينما يفترض أن تكون البرامج التليفزيونية وسيلة لتثقيف الناس وتقديم معلومات موثوقة،أصبحت البرامج التليفزيونية ساحة مفتوحة لجذب المشاهدين بأي وسيلة، حتى لو كانت هذه الوسائل تتنافى مع قيم المجتمع وأخلاقياته ، إحدى أبرز الأمثلة على ذلك مؤخراً هي استضافة الإعلامية ياسمين الخطيب لشخصية معروفة بارتكاب أفعال غير أخلاقية تتعارض مع ثقافة وقيم المجتمع ، هذه الخطوة أثارت موجة واسعة من الانتقادات حول المسؤولية المهنية والأخلاقية للإعلام ودوره في بناء المجتمع وهو ما استدعى تحركاً قوياً من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ونقابة الإعلاميين ضد هذه الممارسات التى تضر بالأمن الاجتماعي المصري.
إن ظاهرة “بيع الهواء” والاعتماد على الشخصيات المثيرة للجدل لجذب نسب مشاهدة أعلى تضع علامة استفهام كبيرة حول التوجه الإعلامي السائد ، فهل أصبح الهدف الأساسي للبرامج هو فقط تحقيق مكاسب مالية واستقطاب الإعلانات، حتى لو كان ذلك على حساب القيم المجتمعية والوطنية؟ إذا كان الأمر كذلك، فإننا نواجه أزمة حقيقية في مفهوم الإعلام ودوره في الحياة العامة.
الوطنية والضمير المهني في مواجهة الانحدار الإعلامي
يتحتم على الإعلاميين تذكر مسؤولياتهم تجاه الوطن والمجتمع، وأن يستحضروا دائماً مفهوم الوطنية والضمير المهني في عالم أصبح فيه الإعلام مؤثراً قوياً على العقول، حيث يحمل الإعلاميون على عاتقهم مسؤولية الحفاظ على قيم المجتمع ومبادئه، بدلاً من الترويج لتصرفات وأشخاص يفتقرون للأخلاق ويتنافون مع الأعراف.
إن عرض شخصيات مثيرة للجدل على الشاشة ليس إلا خطوة نحو تدمير القيم وإضعاف النسيج الاجتماعي ، فالإعلام ليس منصة للترويج للأفعال غير الأخلاقية أو العنف، بل يجب أن يكون حصناً حصيناً يواجه كل ما يضر بالصالح العام.
ميثاق الشرف الإعلامي كخط الدفاع الأول :
ميثاق الشرف الإعلامي هو المعيار الذي يجب أن يستند إليه كل إعلامي في عمله ،فما الغرض من هذا الميثاق إذا لم يُلتزم به، وإذا لم يضع ضوابط تضمن أن يكون الإعلام مرآة صادقة للمجتمع وأداة للبناء لا للهدم؟
إن الإعلام القائم على القيم الوطنية لا يسمح بتحويل الشاشة إلى مساحة للفضائح أو السلوكيات غير الأخلاقية، بل يسعى لنشر الوعي وتعزيز الروح الإيجابية التي تخدم المجتمع. الإعلام ليس تجارة خالصة، بل هو رسالة؛ رسالة تتطلب نزاهة واحتراماً لمشاعر الجمهور وحرصاً على مصلحتهم.
إعادة النظر في المسؤولية الإعلامية: نحو إعلام يخدم الصالح العام
في النهاية نحن بحاجة إلى إعادة النظر في ما يُعرض على شاشاتنا، وإلى وقفة صادقة من الإعلاميين والمسؤولين للعودة إلى المسار الصحيح. إن الإعلام الذي لا يحترم القيم والأخلاق يسهم في تدمير المجتمع بدلاً من بنائه، ويفقد الجمهور ثقته واحترامه.
وآن الأوان لنحترم ميثاق الشرف الإعلامي وأن نعيد للإعلام مكانته كمرشد وناصح يخدم الصالح العام، بدلاً من تحويله إلى ساحة للتجارة المثيرة للجدل، فالمجتمع والوطن يستحقان إعلاماً حقيقياً يقوم بدوره على أكمل وجه.