قمة المناخ تحذر من غرق عدة مدن وإفريقيا أول الضحايا.. خارطة طريق وتوصيات من قمة جلاسكو لمواجهة تحديات الانبعاثات الكربونية.. تمويل تطوير البنية التحتية والانتقال لاقتصاد أكثر إخضرارًا
شهد افتتاح قمة المناخ في مدينة غلاسكو الاسكتلندية، تحذيرات شديدة اللهجة من قادة العالم، مؤكدين أن القمة تشكل الفرصة الأخيرة لإنقاذ العالم من هذه الظاهرة المدمرة التي ستغرق مدنا بأكملها.
ويجتمع ممثلو 200 دولة في مدينة غلاسكو الأستكنلدية على مدار أسبوعين لخوض مفاوضات بشأن خفض الانبعاثات التي تؤدي في نهاية المطاف إلى التغير المناخي، الظاهرة التي جعلت الكوارث الطبيعية أكثر خطورة في السنوات الأخيرة.
تتصدر المطالب بدعم الدول الإفريقية والنامية لمواجهة تداعيات تغير المناخ أجندة قمة غلاسكو “كوب 26″، باعتبار إفريقيا المتضرر الأول من هذه الظاهرة رغم مساهمتها الضئيلة في حدوثها.
وتولي مصر خلال مشاركتها في قمة غلاسكو أهمية خاصة لطرح مطالب الدول الإفريقية، وهو ما تضمنته كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الاثنين، وخلال مباحثاته مع قادة الدول المشاركين.
مخاطر المناخ بإفريقيا
وذكرت تقارير ودراسات حكومية مصرية أن إفريقيا أول ضحايا تداعيات التغير المناخي، رغم أنها القارة الأقل انبعاثا لغاز ثاني أكسيد الكربون، الناتج عن الأنشطة الصناعية والمتقدمة، ولفتت التقارير إلى أن تداعيات تغير المناخ في إفريقيا تتمثل في تعرضها لمخاطر التأثير علي الموارد المائية، وتفاقم ظاهرة النزوح الداخلي، وتزايد الاحتقان بين الرعاة والمزارعين علي خطوط السافانا، ليصل إلى صراعات مسلحة في السودان ونيجيريا ومالي.
وتشير الدراسات حول تداعيات تغير المناخ إلى أن دولا مثل غينيا وغامببيا ونيجيريا وتوغو وبنين والكونغو، وكذلك تونس وتنزانيا، وجزر القمر معرضة لأخطار كبيرة مع حلول 2050، بسبب تآكل السواحل وارتفاع مستوى سطح البحر، محذرة من أن التغير المناخي يُهدد التراث الثقافي الإنساني في دول إفريقية مثل السودان التي صارعت في 2020 لإنقاذ آثارها في منطقة البجراوية، وأوصت الدراسات بضرورة رصد التمويلات اللازمة للحد من آثار المناخ الضارة في إفريقيا، ومنحها النصيب العادل من هذه التمويلات المقدّرة بنحو 100 مليار دولار، وهو ما تناقشه قمة غلاسكو.
مشاركة مصر
وركز الرئيس السيسي خلال مشاركته قمة غلاسكو على الموضوعات التي تهم الدول النامية بشكل عام والإفريقية على وجه الخصوص، ومن النقاط محل الاهتمام بالنسبة لمصر التزام الدول الصناعية بتعهداتها في إطار اتفاقية باريس، والتأكيد على تطلع مصر لاستضافة الدورة المقبلة لقمة تغير المناخ 2022.
وتسعى مصر خلال قمة “كوب 26” إلى إطلاق المبادرة الإفريقية للتكيف مع تغير المناخ، والهادفة لتمكين الدول الإفريقية من الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ إجراءات التكيف والتخفيف من آثار المناخ، ويبحث المشاركون الأربعاء 3 نوفمبر التقدم في تمويل مكافحة التغير المناخي، خاصة تدفق الأموال من الدول الغنية المسؤولة عن النسبة الأكبر من الانبعاثات الكربونية إلى الدول النامية المتضررة.
كلمة رئيس وزراء بريطانيا
وقال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الذي يستضيف قمة “كوب 26” إن ساعة نهاية العالم تدق، فالمحركات والمضخات التي نضخ من خلالها الكربون في الهواء تتسب في أضرار كبيرة للكوكب وزيادة درجات الحرارة في الأرض بسرعة كبيرة، وأضاف: “استمعنا إلى العلماء وعلينا ألا نتجاهلهم. مع ارتفاع درجة الحرارة أكثر من درجتين مئويتين نخاطر بالإنتاج الغذائي والجراد سيجتاحنا، وإذا ارتفعت درجة الحرارة بأكثر من 3 درجات مئوية فقد تتزيد أعداد الأعاصير والفيضانات والجفاف وموجات الحر”.
وتابع: “إذا ارتفعت درجات الحرارة بأكثر من 4 درجات مئوية قد تغيب مدن بأكملها مثل الإسكندرية وشنغهاي وميامي وغيرها من المدن التي ستضيع تحت أمواج البحر، كلما فشلنا في أخذ التدابير المناسبة ساء الوضع وكان علينا دفع الثمن باهظا.. إن الإنسانية استهلكت وقتها وحان الوقت للتصدي للتغير المناخي، لقد اقتربنا من نهاية العالم كما نعرفه وعلينا التصرف بسرعة”، مشيرا إلى أن الدول الصناعية كانت غير مدركة للمشكلة وعلينا واجب التغيير.
كلمة الأمين العام للأمم المتحدة
وبدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن السنوات الست التي أعقبت اتفاقية باريس للمناخ هي التي شهدت أعلى درجات الحرارة في التاريخ، وأضاف غوتيريش في قمة “كوب 26” أن الاعتماد على الوقود الأحفوري يدفع البشرية للهاوية.
وتابع: “حان الوقت لكي ننهي الاعتماد على الكربون والاعتماد على الطبيعة لإخفاء نفاياتنا. كوكبنا يتغير من المحيطات إلى الجبال إلى الظواهر الطبيعية المتطرفة”،ودعا إلى الاستثمار في الاقتصاد الذي يؤدي إلى صفر الانبعاثات، مشيرا إلى أن مقترحات الدول بشأن الحياد الكربوني مهمة للغاية، لافتا إلى أن الفشل في مواجهة التغير المناخي سيشكل حكما بالموت على سكان الأرض.
خارطة طريق وتوصيات من قمة جلاسكو
ووضعت قمة المناخ في جلاسكو باسكتلندا خارطة واضحة، لمواجهة تحديات المناخ ومواجهة الصعاب التي يتعرض لها الكوكب والبشر، ولا سيما في الدول النامية التي تحتاج لدعم ومساندة كبيرة وتوفير نحو 100 مليار دولار لذلك، ووفاء الدول العظمى بتعهداتها السابقة في هذا الاطار .
وقال الموقع الرسمي لقمة المناخ cop 26 ” إنه لتحقيق أهدافنا المناخية، سوف تحتاج كل شركة وكل شركة مالية وكل بنك وشركة تأمين ومستثمر إلى التغيير”، كما تحتاج البلدان إلى إدارة التأثيرات المتزايدة لتغير المناخ على حياة مواطنيها وهم بحاجة إلى التمويل للقيام بذلك، ويتطلب حجم وسرعة التغييرات التي نحتاج إلى إجرائها جميع أشكال التمويل.
وأشارت القمة إلى أن التمويل العام لتطوير البنية التحتية ضرورة” فنحن بحاجة إلى الانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضرارًا وأكثر قدرة على التكيف مع تغير المناخ”، وكذلك التمويل الخاص لتمويل التكنولوجيا والابتكار، وللمساعدة في تحويل مليارات الأموال العامة إلى تريليونات من إجمالي الاستثمار في المناخ.
دعم البلدان النامية لمواجهات تحديات المناخ
وحول البلدان النامية ذكرت القمة أن البلدان النامية على وجه الخصوص بحاجة إلى الدعم، ويجب على البلدان المتقدمة أن تفي بوعدها بتعبئة 100 مليار دولار كل عام لتمويل المناخ لدعم البلدان النامية” يجب أن يشمل ذلك بناء أسواق جديدة للتكيف والتخفيف وتحسين الكمية والنوعية والوصول إلى التمويل لدعم المجتمعات في جميع أنحاء العالم لاتخاذ إجراءات بشأن المناخ المتغير”.
وأشارت إلى أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقدر أنه تم تعبئة 79.6 مليار دولار من تمويل المناخ في عام 2019، تضاعف المملكة المتحدة التزامنا بالتمويل الدولي للمناخ لمساعدة الدول النامية بمبلغ 11.6 مليار جنيه إسترليني على مدى السنوات الخمس المقبلة حتى عام 2025/2026″ نريد أن يحذو أكبر عدد ممكن من البلدان زمام المبادرة وزيادة التزاماتهم حتى عام 2025.
وأوضحت أنه قبل مؤتمر COP2، طلب الرئيس المعين للقمة ألوك شارما من جوناثان ويلكينسون، وزير البيئة وتغير المناخ الكندي، ويوشين فلاسبارث، وزير الدولة الألماني بوزارة البيئة وحماية الطبيعة والسلامة النووية، العمل معًا لوضع خطة تسليم. 100 مليار دولار، لتوضيح كيف ومتى ستفي البلدان المتقدمة بوعودها، نُشر هذا في 25 أكتوبر 2021 ، جنبًا إلى جنب مع تقرير فني من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كما نشرت الرئاسة قائمة بالتزامات البلدان المتقدمة.
توصيات قمة جلاسكو
وأشارت إلى أنه يجب أن نعمل على إطلاق العنان لتريليونات التمويل الخاص اللازمة لدفعنا نحو صافي الصفر بحلول منتصف القرن. ، وللقيام بذلك ، يجب أن يأخذ كل قرار مالي المناخ في الاعتبار: وهذا يشمل جميع قرارات الاستثمار الخاص ، ولكن أيضًا جميع قرارات الإنفاق التي تتخذها البلدان والمؤسسات المالية الدولية أثناء طرحها حزم التحفيز لإعادة بناء الاقتصادات من الوباء.
كما يجب أن تتحلى الشركات بالشفافية بشأن المخاطر والفرص التي يفرضها تغير المناخ ، والتحول إلى اقتصاد صافي الصفر على أعمالها، وتحتاج البنوك المركزية والهيئات التنظيمية إلى التأكد من أن أنظمتنا المالية يمكنها تحمل آثار تغير المناخ ودعم الانتقال إلى صافي الصفر.
وأشارت إلى أنه يتعين على البنوك وشركات التأمين والمستثمرين والشركات المالية الأخرى الالتزام بضمان توافق استثماراتهم وإقراضهم مع صافي الصفر.
لافته إلى أنه في الاجتماع الوزاري للمناخ والتنمية، الذي عقدته رئاسة المملكة المتحدة COP26 في 31 مارس 2021، أقر المشاركون بالحاجة الملحة لتبسيط الوصول إلى التمويل المتعلق بالمناخ، مع زيادة العمل الفردي والجماعي المطلوب قبل وبعد COP26.
كما تم الإعلان عن فريق العمل المعني بالحصول على تمويل المناخ استجابة لدعوات لتقديم دعم متماسك وفعال لجهود البلدان النامية لإزالة الكربون من اقتصاداتها، والتكيف مع تغير المناخ، وإنشاء مسارات نمو أخضر.
وبصفتهما الرئيسان المشاركان الأوليان، التزمت المملكة المتحدة وفيجي بالعمل مع الشركاء لإطلاق فريق العمل، بما في ذلك بوتان وبليز وملاوي ورواندا والسنغال وألمانيا والسويد والولايات المتحدة الأمريكية والصندوق الأخضر للمناخ والبنك الدولي كأعضاء في التوجيه. لجنة.
وذكرت القمة أن التوصل إلى اتفاق في المفاوضات هومسؤوليتنا الرسمية بصفتنا وسيساعد القيام بذلك على تحقيق أهدافنا ، ويظهر للجميع أن العالم ينتقل إلى اقتصاد مرن، لافتة إلى أن تركيز المفاوضات ينصب على وضع اللمسات الأخيرة على القواعد اللازمة لتنفيذ اتفاقية باريس، والتي تسمى “كتاب قواعد باريس”.
وأشارت إلى ” يجب علينا أن نعثر على حل لأسواق الكربون، من خلال إنشاء نظام قوي لأرصدة الكربون التي تدعم الانتقال إلى صافي الصفر ، وحل قضايا الشفافية من خلال وضع نظام عالمي يشجع جميع الدول على الوفاء بالتزاماتها. والتوسط في اتفاق يقود طموح الحكومات على مدى السنوات القادمة للحفاظ على 1.5 درجة على قيد الحياة”.
وقالت إن مفاوضات الأمم المتحدة مبنية على الإجماع، وسيعتمد التوصل إلى اتفاق على عدم ترك أي قضية خلف الركب والتأكد من أن صوت الجميع مسموع” وهذا هو السبب في أننا نعمل بجد لإزالة الحواجز التي تمنع الجميع من المشاركة في COP26 وتأييد أصوات المجتمعات المعرضة لتغير المناخ، بما في ذلك الشعوب الأصلية والمجتمعات التي تتصارع مع الانتقال من الأنشطة عالية الكربون.
وأضافت القمة مع ذلك، فإن وضع اللمسات الأخيرة على كتاب قواعد باريس بمفرده لن يحقق صافي صفر، هذا العقد حاسم ونحن بحاجة إلى تحويل الطموح إلى عمل.
وتحتاج الحكومات والشركات والمجتمع المدني (يطلق عليها أحيانًا “الجهات الفاعلة غير الحكومية”) إلى العمل معًا لتغيير الطرق التي نوفر بها الطاقة لمنازلنا وأعمالنا، وننمي طعامنا، ونطور البنية التحتية، وننقل أنفسنا والسلع من حولنا.
وأشارت إلى أن هذا هو السبب في أن رئاسة المملكة المتحدة COP26 تعمل مع البلدان والشركاء بما في ذلك أبطال الأمم المتحدة رفيعو المستوى بشأن العمل المناخي من خلال الالتزام بالعمل معًا بهذه الطريقة، فإننا نرسي الأسس لإحراز تقدم أسرع في العقد القادم.