منوعات

فضل شهر رجب.. أعمال مستحبة أوصى بها النبي

شهر رجب هو السابع في ترتيب الشهور الهجريّة، وأطلق العرب عليه هذا الاسم منذ عام 412 ميلاديّ، وقيل إن سبب تسميته بهذا الاسم أنّه كان تعظيما العرب له في الجاهلية، فقد امتنعوا فيه عن القتال وعدّوه من الأشهر الحرم، وكان هذا الشهر في الجاهلية مناسبةً تقام فيه الأسواق للتجارة وتعقد المجالس الأدبية في تحدّيات الشعر، وتبادل المنافع.

وفي الإسلام تم تحريم خوض المعارك، في هذا الشهر واستفاد به المسلمون من أداء مناسك العمرة والوصول إلى بيت الله الحرام بأمنٍ وأمان، وقال تعالى في سورة التوبة: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.

فضل شهر رجب وأعمال محببه خلاله

لشهر رجب فضل كبير علينا، فلم يرد في السنّة النبوية الشريفة عن فضل خاص لهذا الشهر، ولم يكن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يخصصه بشيءٍ من الأعمال، ولعلّ الفضيلة التي ترافق هذا الشهر وتميّزه عن غيره كونه من الأشهر الحرم، فقد روى أبو بكرة نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ، مُضَرَ الذي بيْنَ جُمادَى، وشَعْبانَ“،[3] وممّا يشاع بين المسلمين من الأعمال المستحبّة في هذا الشهر فهي أحاديث ضعيفة ولا تقوم بها حجة ولا يصحّ العمل بها كما أخبر أهل العلم والاختصاص، ومن هذه الأعمال نذكر لكم ما يأتي:

الدعاء عند دخول شهر رجب

فقد ورد في الحديث الضعيف عن أن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “كانَ رسولُ اللَّهِ إذا دخلَ رجَبٌ قالَ اللَّهمَّ بارِك لنا في رَجبٍ وشعبانَ وبلِّغنا رمضانَ“.

 

العمرة في شهر رجب

إنّ العمرة في شهر رجب كغيرها في أوقات السنة كافّة، ولم يخصص الدّين الإسلاميّ العمرة في هذا الشهر بأجر أكبر كما يعتقد البعض، وقد روى في ذلك عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- في الصحيح من الحديث: “دَخَلْتُ أنَا وعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ المَسْجِدَ، فَإِذَا عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنْهمَا جَالِسٌ إلى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وإذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ في المَسْجِدِ صَلَاةَ الضُّحَى، قالَ: فَسَأَلْنَاهُ عن صَلَاتِهِمْ، فَقالَ: بِدْعَةٌ. ثُمَّ قالَ له: كَمِ اعْتَمَرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَ: أرْبَعًا، إحْدَاهُنَّ في رَجَبٍ، فَكَرِهْنَا أنْ نَرُدَّ عليه. قالَ: وسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ في الحُجْرَةِ، فَقالَ عُرْوَةُ: يا أُمَّاهُ، يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، ألَا تَسْمَعِينَ ما يقولُ أبو عبدِ الرَّحْمَنِ؟ قالَتْ: ما يقولُ؟ قالَ: يقولُ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اعْتَمَرَ أرْبَعَ عُمَرَاتٍ، إحْدَاهُنَّ في رَجَبٍ، قالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أبَا عبدِ الرَّحْمَنِ، ما اعْتَمَرَ عُمْرَةً إلَّا وهو شَاهِدُهُ، وما اعْتَمَرَ في رَجَبٍ قَطُّ“.[6]

الصيام في شهر رجب

كذلك شريعة الدين الإسلامي لم تخصّ الصيام في شهر رجب بشيء، وقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: “كل حديث في ذكر صيام رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى”.

صلاة الرغائب في شهر رجب
وهو مذهب الصوفية في صلاة 12 ركعة في أول ليلة جمعة من شهر رجب بين صلاة المغرب وصلاة العشاء، وقد قال فيها الإمام ابن تيمية رحمه الله: “هذه الصلاة لم يصلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أئمة المسلمين ولا رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف ولا الأئمة ولا ذكروا لهذه الليلة فضيلة تخصها والحديث المروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بذلك ولهذا قال المحققون إنها مكروهة غير مستحبة”، كذلك قال ابن رجب -رحمه الله- مبينًا كونها من البدع: “فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به والأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب وباطل لا تصح وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء”.

الزكاة في رجب

كذلك لم يرد أي تخصيص لفضل الزكاة في شهر رجب عن سائر الشهور، قال ابن العطار: “وما يفعله الناس في هذه الأزمان من إخراج زكاة أموالهم في رجب دون غيره من الأزمان لا أصل له بل حكم الشرع أنه يجب إخراج زكاة الأموال عند حولان حولها بشرطه سواء كان رجبا أو غيره”.

ذبيحة العتيرة في شهر رجب

وهو ما فعله الناس في الجاهلية، فقد كانوا يظنون أنّهم يتقربون إلى الخالق سبحانه بذبحهم لذبيحةٍ يسمونها العتيرة، وذهب عامّة الفقهاء إلى إبطال هذه السنّة التي لم ترد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وعدم مشروعيتها، وقال الحسن البصري في ذلك: “ليس في الإسلام عتيرة إنما كانت العتيرة في الجاهلية كان أحدهم يصوم رجب ويعتر فيه”.

الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج

كذلك من فضل شهر رجب والأعمال المستحبة فيها الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج وهو من الأمور المبتدعة التي لم ترد عن الرسول الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- ولم يفعلها أصحابه من بعده.

صيام شهر رجب

كذلك الخوض في بيان فضل شهر رجب والاعمال المستحبة فيها يدفع إلى الحديث عن صيام شهر رجب، فهنالك من الناس من يقوم بصيام شهر رجب كاملاً أو بعضًا منه، وهذا الأمر مكروه كما بيّنه أهل العلم، لأنّ صيامه من سنن الجاهلية، وقد نهى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن صيام رجب، إلّا في الأيّام المسنونة صيامها، كالاثنين والخميس، وثلاثة أيام من كلّ شهر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى