مقالات

أيمن عدلي يكتب :العندليب وكوكب الشرق بين التقليد والسخرية .. هل أصبح الفن استهزاء بالرموز

لقطات

في وقت أصبحت فيه “الكوميديا” تقترب من العبث، تزايدت مشاهد التقليد الساخر التي تتناول رموز الفن المصري بأشكال لا تمت للفن الأصيل بصلة، وفي مقدمة هذه الرموز يأتي كوكب الشرق، أم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، اللذان صنعا مجد الأغنية العربية وتركا بصمة لا تنسى في وجداننا العربي .

حيث شاهدت عدة حلقات من مسرح مصر، قُدمت خلالها مشاهد يُفترض أنها “تقليد” لهذه الشخصيات، لكنها لم تكن سوى سخرية واستهزاء، تؤديها أسماء لا أذكرها ولا أعتقد أن عليها أن تبقى في الذاكرة.

التقليد، كفن، هو احتفاء بالشخصية وبتأثيرها على الجمهور، يتطلب احترامًا وفهمًا عميقين لما قدمته تلك الرموز من إبداع وإحساس، لكن ما شهدناه هنا هو استسهال وإساءة، حيث تُختزل شخصية أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ في مشاهد هزلية تفتقر لأي عمق أو احترام، وقد تكون هذه الظاهرة مؤشراً على حالة تدهور الفهم للتراث الفني المصري، أو ربما دليلًا على انفصال جيل جديد عن تلك القيم التي صنعها رموزنا، وحوّلت الفن إلى مرآة عاكسة للمشاعر والثقافة.

ما يزيد الأمر إيلامًا أن الجمهور يضحك ويصفق، وكأن المسألة لا تتعلق برموز تعد جزءًا من هويتنا ، هذا الجمهور الذي قد لا يعي تمامًا تأثير هذه الشخصيات على الإرث الثقافي المصري، يُقابل تلك الإهانات بصيحات الضحك والتصفيق، مما يزيد من حدة التساؤلات: كيف نقيم تراثنا؟ وهل باتت قيمة الفن تُقاس بالقدرة على إثارة الضحك، حتى لو جاء ذلك على حساب كرامة رموزنا؟

إنها رسالة لكل من يحب هذا الوطن، ويشعر بقيمة أم كلثوم وعبد الحليم وكل من ساهم في تشكيل وجدان مصر الفني والثقافي، لا يمكننا أن نقبل أن يكون الضحك على حساب رموزنا وقيمنا. علينا أن نرفع الصوت ونقول: “كفانا هدمًا لقاماتنا، كفانا إساءة لتراثنا”.

واسمحي لي يا أم كلثوم أن أقول: “آسفين يا كوكب الشرق”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى