شاركت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية نيابة عنها الدكتور جميل حلمي، مساعد الوزيرة لشئون متابعة خطة التنمية المستدامة، في افتتاح المؤتمر العالمي الثامن للبرلمانيين الشباب ” البرلمانيين الشباب من أجل العمل المناخي” ، الذي يستضيفه مجلس النواب، ويعقد برعاية رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، بمدينة شرم الشيخ.
وخلال كلمة الدكتورة هالة السعيد، التي ألقاها نيابة عنها الدكتور جميل حلمي، أشارت السعيد إلى إطلاق مصر استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030 في فبراير 2016 لتكون الإطار المنظم لمنظومة التخطيط في مصر، وبحيث تكون الضمانة الأكيدة لدمج أبعاد التنمية الاستدامة “الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية” في كافة الخطط والبرامج والمشروعات في شكلٍ مترابط ومتكاملٍ.
فعلى صعيد البعد الاقتصادي
أوضحت السعيد أن الدولة المصرية قامت بتنفيذ برنامجاً وطنياً للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، بهدف تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة والدين العام وتوفير المناخ المواتِ للاستثمار الخاص ودفع عجلة النمو الاقتصادي، بما لا يؤثر على محدودي الدخل من خلال تقوية شبكات الأمان الاجتماعي، كما يركز برنامج الإصلاحات الهيكلية الذي يستهدف قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات، على إحداث نقلة نوعية في هذه القطاعات وزيادة تنافسيتها من خلال تبني المعايير البيئية، وعلى الصعيد الاجتماعي، تبنت مصر حزمة من المبادرات والبرامج الهادفة إلى دعم الفئات الأكثر احتياجاً وتحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة، أهمها برنامج تكافل وكرامة الذي يستفيد منه 4 مليون أسرة، وبرنامج دعم الغذاء الذي يستفيد منه حوالي 70% من المواطنين، والمشروع القومي للأسر ة المصرية، والمشروع القومي لتطوير الريف المصري “حياة كريمة”، فضلاً عن إطلاق “دليل خطة التنمية المستدامة المستجيبة للنوع الاجتماعي”، وهو الدليل الأول من نوعه الذي يضع إطاراً متكاملاً وقابلاً للتطبيق لدمج الفئات الاجتماعية (المرأة، الطفل، ذوي الاحتياجات الخاصة) في الخطط والبرامج التنموية، من خلال تحديد احتياجات هذه الفئات، ورصد الفجوات التنموية بينها، وبالتالي توجيه الإنفاق العام لتلبية هذه الفجوات.
وفي هذا السياق، أشارت السعيد إلى تبني الحكومة تنفيذ العديد من المشروعات القومية الخضراء التي تتوزع على القطاعات التنموية المتنوعة: ففي قطاع الزراعة والري: قامت الحكومة بتنفيذ المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع والذي يستهدف تبطين ترع بأطوال 20 ألف كم بهدف ترشيد استهلاك المياه بحوالي 10%، ومشروع الري الحديث الذي يهدف لترشيد استهلاك المياه بنسبة 40%، ومشروع حماية الشواطئ المصرية الذي يستهدف حماية ترع بأطوال 500 كم، تم الانتهاء من 210 كم وجاري العمل في تطوير 50كم، فضلاً عن استهداف مضاعفة نسبة مساحة الزراعة العضوية لتصل 7%، كما قامت مصر بإطلاق “استراتيجية الموارد المائية 2050″، بهدف تحقيق الأمن المائي لمصر من خلال تحقيق إدارة مستدامة للموارد المائية، من بين محاورها الاستراتيجية التكيف مع التغيرات المناخية، من خلال تحديد المناطق المعرضة لخطر الغمر وتنفيذ أعمال الحماية اللازمة لها، والحفاظ على نظم الحماية الطبيعية ضد ارتفاع سطح البحر، واستنباط سلالات جديدة من المحاصيل تتحمل الحرارة العالية والملوحة والجفاف.
وأضافت السعيد أنه نظراً لاهتمام الدولة بالبعد البيئي كأحد أهم أبعاد التنمية المستدامة، تستهدف رؤية مصر 2030 “أن يكون البعد البيئي محوراً أساسياً في كافة القطاعات التنموية”.، ومن هذا المنطلق، أطلقت الحكومة المصرية أول دليل لمعايير الاستدامة البيئية: الإطار الاستراتيجي للتعافي الأخضر، لتكون مصر من أوائل الدول على مستوى المنطقة التي تقوم بتخضير خطتها الاستثمارية، حيث وضعت الدولة هدفاً استراتيجياً يتمثل في زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء من 15% من الاستثمارات العامة في عام 20/2021 إلى 30% عام 21/2022 ثم 40% عام 22/2023 لتصل بحلول عام 2025 إلى 50%.
وأوضحت السعيد أنه في قطاع مياه الشرب والصرف الصحي: تتبني الحكومة استراتيجية لتحلية مياه البحر بتكلفة تتجاوز 134 مليار جنيه خلال الفترة (2020-2050)، والتوسع في إنشاء محطات معالجة الصرف الصحي الثلاثية، وقد تم في هذا السياق، مضاعفة طاقة هذه المحطات خلال الأربع سنوات الماضية، وفي قطاع الطاقة: وطبقاً لما هو محدد في استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة حتى عام 2035، فقد وضعت الحكومة المصرية أهدافاً للطاقة المتجددة بحيث تبلغ 42% من مزيج الطاقة الكهربائية بحلول 2035، لذا قامت بتنفيذ العديد من المشروعات يذكر منها “مجمع بنبان للطاقة الشمسية” ، الذي شارك 32 مستثمراً دولياً ومحلياً في بناء المجمع الذي يعد أكبر محطة شمسية في العالم، وبقدرة إجمالية 1465 ميجاوات، واسهم في توفير أكثر من 10 آلاف وظيفة مؤقتة ودائمة في أثناء مدة تنفيذ المشروع وتشغيله، وفي قطاع النقل: بدأت الحكومة في إنشاء وتطوير 87 محطة ضمن شبكة مترو الأنفاق بأطوال حوالي 113 كم، وإنشاء 72 محطة ضمن شبكة القطارات السريعة والجر الكهربائي بأطوال أكثر من 2000 كم، وكهربة إشارات السكك الحديدية بأطوال حوالي 2.5 ألف كم.
وأكدت السعيد أن مصر تدرك جيداً أنها من أكبر الدول عرضةً لآثار التغيرات المناخية رغم أنها من أقل الدول المتسببة في التلوث عالمياً، لذا فقد اتخذت خطوات جادة وطموحة في موجهة تغير المناخ، لعل من أهمها إطلاق “الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050” والتي تتبنى رؤية مفادها “التصدي بفاعلية لآثار وتداعيات تغير المناخ بما يساهم في تحسين جودة الحياة للمواطن المصري، وتحقيق التنمية المستدامة، والنمو الاقتصادي المستدام، والحفاظ على الموارد الطبيعية والنظم البيئية، مع تعزيز ريادة مصر على الصعيد الدولي في مجال تغير المناخ”.
وأوضحت السعيد أن الحكومة أقرت مؤخراً مجموعةً من الحوافز لتشجيع الاستثمار الخاص في المجالات الخضراء، ومنها إنتاج وتخزين وتصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، وصناعة المركبات الكهربائية والصناعات المغذية لها والبنية التحتية اللازمة مثل محطات الشحن، وصناعة البدائل الآمنة الصديقة للبيئة للمنتجات البلاستيكية أحادية الاستخدام وأنشطة الإدارة المتكاملة للمخلفات، كما أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية مؤخراً ائتلاف شركاء التحول الأخضر، الذي يضم أبرز شركات القطاع الخاص المصري في مجالات الطاقة، والنقل، وإعادة تدوير الطاقة والمخلفات، والتنمية العقارية والتمويل المستدام، والعمل الأهلي، مع استهداف توسيع قاعدة العضوية في الائتلاف إلى أكبر عدد ممكن من الشركات المصرية التي تتبني التحول الأخضر وتلتزم بقياس وإدارة بصمتها الكربونية.
وتناولت السعيد بالحديث إطلاق مصر سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار، مما جعلها أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إصدار هذا النوع من السندات، وذلك لتمويل مشروعات خضراء صديقة للبيئة، وتحقيق خطة التنمية المستدامة في مجالات النقل النظيف والطاقة المتجددة والحد من التلوث والسيطرة عليه والتكيف مع تغير المناخ ورفع كفاءة الطاقة، والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي.
وأشارت السعيد إلى الجهود التي يقوم بها “صندوق مصر السيادي” في مجال تغير المناخ، من خلال الاستثمار في عدد من المشروعات الخضراء، من بينها إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، بالشراكة مع عدد من الشركات العالمية المتخصصة، ومشروع إنتاج عربات القطارات لدعم جهود النقل المستدام، وكذلك مشروعات تحلية المياه.
وسلطت السعيد الضوء على المشروع القومي لتطوير القرى المصرية “حياة كريمة” حيث تتبنى الحكومة نموذج “القرية الخضراء”، وتستهدف أن يكون النموذج المصري في تنمية الريف نموذجاً رائداً على المستوى الدولي، حيث تبلغ نسبة الاستثمارات الخضراء الموجهة لمشروع “حياة كريمة” 30% من جملة الاستثمارات، ففي المرحلة الأولى (التي يستفيد منها 17 مليون مواطن) جاري العمل في 3200 كم من تبطين الترع، وإنشاء 174 محطة معالجة صرف صحي، وإنشاء 326 محطة مياه، وخدمة 1.2 مليون مبنى بشبكة الألياف الضوئية، وخدمة 4.1 مليون مبنى بالغاز الطبيعي، وإنشاء 594 كوبري مشاه، وغيرها من المستهدفات، كما تؤكد الحكومة على أهمية مراعاة معايير البناء الأخضر في كافة المباني والمنشآت الحكومية.