ألقى وزير الخارجية سامح شكرى كلمته فى اجتماع برلين المنعقد، الأربعاء، وذلك للتباحث حول الأوضاع فى ليبيا والعمل بكل المساعى على تحقيق استقرارها وتحقيق السيادة الليبية.. وجاءت كلمه الوزير كالتالى:
معالي الوزير/ هايكو ماس، وزير خارجية ألمانيا الاتحادية الصديقة
الزميلات والزملاء أصحاب المعالي وزراء الخارجية،
في البداية أتوجه بالشكر لحكومة ألمانيا الاتحادية على الدعوة لهذا الاجتماع الهام في تلك المرحلة المفصلية من الأزمة الليبية، وأرحب بوجود دولة الرئيس/ عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، متمنياً له وللمجلس الرئاسي بقيادة الدكتور محمد المنفي التوفيق والسداد في مهمته في خدمة مصالح الشعب الليبي الشقيق وتحقيق تطلعاته نحو مستقبل أفضل. كما أرحب بالأخت العزيزة معالي الوزير نجلاء المنقوش.
السيدات والسادة،
يأتي اجتماعنا اليوم بعد ثمانية عشر شهراً من قمة برلين حول ليبيا في يناير من العام الماضي حين تعهدنا سوياً على حماية سيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية، والتزمنا بدعم جهود الأمم المتحدة لإطلاق عملية سياسية شاملة ومستدامة بقيادة وملكية ليبية خالصة تنهى الصراع وتعيد الأمن والاستقرار الذي ينشده الشعب الليبي أجمع. وتعهدنا في هذا المحفل الدولي الهام ألا ندعم الصراع المسلح، وأن نحترم سيادة ليبيا وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولعلي أذكر في هذا السياق أن مصر في هذا التوقيت منذ عام مضى، وجهت رسالة واضحة إلى كافة أطراف الصراع الليبي مفادها أن الوقت قد حان للبدء في إجراءات محددة للوصول إلى حل سياسي للأزمة الليبية. وقد حذرت مصر من تبعات استمرار الصراع المسلح على الأمن القومي الليبي خاصة، وعلى دول جوارها العربي والإفريقي عامةً، وأنها قد تضطر لاتخاذ إجراءات، في حالة أي تجاوز للخط الأحمر (سرت/الجفرة)، لحماية أمنها القومي وحفظ ميزان القوة في حالة الإخلال به، وقد كان لهذا الموقف أثره الواضح، ولازال، على مختلف الأطراف للانخراط بجدية في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، وها نحن اليوم نجتمع لنشهد أن الوضع في ليبيا يسير نحو التحسن.
السيدات والسادة،
شهدت ليبيا منذ لقائنا الأول إيجابيات عديدة أهمها إعادة الزخم السياسي لحلحلة الأزمة الليبية، وتنامى الوعي العام الليبي في اتجاه عدم جدوى الاحتكام للسلاح كوسيلة لحسم التباين السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين مكونات الشعب الليبي الواحد. ومن هذا المنطلق نجحت الجهود الدولية في تثبيت وقف إطلاق النار على محاور القتال، وهو ما مكن الأمم المتحدة –بدعم الدول الفاعلة- من إعادة إطلاق المسار السياسي من خلال منتدى الحوار السياسي الليبي الذي تمخض عنه إقرار خارطة طريق، ندعم تنفيذها بالكامل، وصولاً لعقد الانتخابات العامة في 24 ديسمبر من العام الجاري.
وفي هذا الصدد، لا تفوتني الإشادة بالدور المحوري والجهود المكثفة لدول الجوار الليبي، كما أثمن جهود المنظمات الإقليمية وبخاصة جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي في دعم المسار الأممي الرامي لتعزيز الحل السياسي ومتابعة السير قدماً نحو تنفيذ خارطة الطريق.
واليوم يحدونا أمل كبير بأن يعمل المجتمع الدولي جنباً إلى جنب مع المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية على تنفيذ الاستحقاق الانتخابي الذي طال انتظاره، كونه الأولوية الأولى في برنامج عمل السلطة التنفيذية المؤقتة، وينبغي أن تتضافر كافة الجهود لضمان حتمية إجراء هذا الاستحقاق في موعده وتذليل أي عقبات قد تحول دون تحقيق ذلك خاصة وأن أي تسويف في مسألة إجراء الانتخابات في موعدها سيكون له تداعيات سلبية على ما تحقق من تقدم في ليبيا خلال الأشهر الماضية بما قد يعيد حالة التوتر والتصعيد مرة أخري.
ومن هنا، فإنني أدعو كافة الأطراف إلى الاضطلاع بمسئولياتها القومية وإعلاء مصلحة الوطن على ما سواها من مصالح شخصية أو فئوية، وإلي تقديم المصلحة العليا لليبيا، والإسراع في إنهاء كافة الترتيبات اللازمة لضمان الوفاء بتنفيذ هذا الاستحقاق في موعده المحدد.
السيدات والسادة الوزراء
لعلكم تتابعون معنا ارتفاع أصوات الليبيين المطالبة بضرورة مغادرة جميع القوات الأجنبية والعناصر المسلحة الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، وإنني لعلى يقين من أنكم تدركون أهمية التطبيق الكامل لاتفاق جنيف لوقف إطلاق النار وقرار مجلس الأمن رقم 2570 بما فيه من نص صريح على مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة من كامل التراب الليبي دون مماطلة، وأنه ليدعو للقلق ما لمسناه خلال المداولات من محاولات للتنصل من هذا الالتزام الواضح والذي أقره مجلس الأمن.
وفي هذا الصدد، فإنني أعبر عن ارتياحي البالغ للمواقف الواضحة والشجاعة الصادرة من داخل السلطة التنفيذية الجديدة ومن أبناء الشعب الليبي الواعين لخطورة استمرار تواجد القوات الأجنبية والمرتزقة على سيادة ليبيا وأمنها واستقلالها الوطني ووحدة أراضيها. وأثمن في هذا السياق التوافق الدولي الكبير وغير المسبوق الداعي للخروج الكامل والفوري لكافة القوات الأجنبية من الأراضي الليبية في أسرع الآجال دون أي تأخير، على نحو يسمح لليبيين بأن يعبروا عن خياراتهم وأن يعتمدوا مشروعهم السياسي بعيداً عن تأثير القوات الأجنبية والميليشيات المسلحة.
كما أعبر عن خالص التقدير للجهود الدافعة نحو وضع أطر زمنية واضحة لانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا بشكل متزامن ومتوازن وسريع قبيل الانتخابات لإعطاء الزخم المطلوب لانعقادها وفقاً للإرادة الحرة للشعب الليبي.
السيدات والسادة،
من المهم أن تكون الرسالة السياسية التي تصدر عن اجتماعنا هذا رسالة واضحة لا لبس فيها، وربما يكون الأهم أن تكون هناك آليات وضمانات لتنفيذ ما نتفق عليه حتى لا نعود إلى الوراء كما حدث في مراحل عديدة سابقة، ولعل الخطوة الأولى هو أن يتم إحاطة مجلس الأمن الدولي بما اتفقنا عليه وأن نسهم جميعاً في مساعدة الشعب الليبي بشكل عملي لوضع ما اتفق عليه في حوار تونس وفي إطار اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 موضع التنفيذ دون أي تأخير.
ختاماً، دعوني أعيد التأكيد على أن مصر كانت وستظل دائماً داعمة ومساندة للشعب الليبي الشقيق وتطلعاته المشروعة في بناء مستقبل أفضل واستعادة الأمن والاستقرار والسيادة، وأجدد في هذا السياق الدعوة إلى كافة الأطراف الفاعلة داخل ليبيا وخارجها لإعلاء مصلحة الليبيين، والتصرف بمسؤولية وبمنطق رشيد، والكف عن العبث بالمقدرات الليبية بما يخرج ليبيا من أزمتها ويرفع المعاناة عن أشقائنا هناك .
السيدات والسادة، أكرر الشكر والتقدير للسيد رئيس الجلسة والزميلات والزملاء الحضور.