تمر اليوم الذكرى الرابعة والستين على وفاة الفنان الكبير سراج منير، الذى رحل عن عالمنا بشكل مفاجئ في مثل هذا اليوم عام 1957 عن عمر 53 عامًا، عاش أغلبها للفن وقدم خلالها عددًا من الأعمال الفنية التي خلدت اسمه في سجلات الرواد رغم حياته القصيرة.
كانت دراسة الطب في السنوات الأولى من القرن العشرين، حلمًا يراود الذوات، ويسعى كل منهم أن يلتحق نجله بمدرسة للطب، وكان المقتدر منهم يحرص على إرسال نجله إلى تعلم الطب في الخارج، وهو ما فعله الفنان الراحل سراج منير الذي سافر إلى ألمانيا لدراسة الطب، لكنه سرعان ما تخلى عن حلم والده، لتحقيق حلمه بدراسة التمثيل.
حياة سراج منير كانت تشبه الفيلم السينمائى بما تحويه من مفارقات وإثارة وكوميديا ورومانسية ومأساة، حيث سافر سراج لدراسة الطب فى ألمانيا، ولكنه عشق الفن بعد أن اتخذ منه وسيلة لكسب المال لإعانته على دراسته، وسرعان ما ترك الطب وتفرغ للفن وشارك فى عدد من الأفلام الألمانية الصامتة، وتنقل بين استوديوهات برلين، حتى التقى بالمخرج محمد كريم.
ومع بدء الحرب العالمية الثانية، قرر سراج منير العودة إلى القاهرة والتحق بمسرح رمسيس، وبعد فترة انتقل إلى الفرقة الحكومية، حتى جاءته أول فرصة فى السينما، فأسند له دوراً فى فيلم “زينب” عام 1930م، لتتوالى أعماله بعد ذلك.
انضم سراج منير لفرقة نجيب الريحانى، وكان عضواً بارزاً فيها، وأصبح بطل الفرقة بعد وفاة الريحانى، وتنوع سراج منير وأجاد أدوار الشخصية الجادة الشريرة وكذلك الشخصيات الكوميدية فى عدد من الأعمال الفنية وأشهرها فيلم عنتر ولبلب.
وفى عام 1934 وأثناء تصوير فيلم (ابن الشعب) تعرف سراج منير على حب عمره الفنانة ميمى شكيب وأحبها وأراد زواجها ولكن أسرته اعترضت، وبعد سنوات جمعتهما فرقة الريحانى التى عملا بها وتجدد الحب بينهما وتزوجا وعاشا قصة من أكبر قصص الحب والزواج حتى رحيله بعد 10 سنوات من هذا الزواج.
وفي الوقت الذي تدهورت فيه صناعة السينما وفقدت سمعتها وهبطت فيها مواضيع الأفلام، خاض سراج منير مجال الإنتاج السينمائى ، وكان هدفه أن يرقى بصناعة السينما، واختار قصة وطنية تصور حقبة من تاريخ مصر ساد فيها الفساد والرشوة ، ووضع أغلب أمواله فى إنتاج فيلم “حكم قراقوش” عام 1953، وتكلف إنتاجه أربعين ألف جنيه ، ولكن لم تتجاوز إيراداته عشرة آلاف جنيه، فاضطر سراج منير أن يرهن الفيلا التي بناها لتكون عش الزوجية مع زوجته الفنانة ميمي شكيب.
وكانت الخسارة و الصدمة التى تعرض لها سراج منير بسبب فيلم حكم قراقوش سبباً فى إصابته بالذبحة الصدرية التى أدت لوفاته، بشكل مفاجيء حيث كان موته صدمة وفاجعة كبرى لأحبابه وأصدقائه وجمهوره.
وصاحب موت سراج منير المفاجئ عدد من الوقائع الغريبة التى حدثت قبل وفاته وذكرها المقربون منه تؤكد أنه كان يشعر بقرب موته، وتنبأ به.
وكان سراج منير مصابًا بداء فى القلب، ولكنه كان يعيش حياته بشكل طبيعى ولا تبدو عليه أي مظاهر للمرض وكان يقول دائماً ” أنا زى البمب”
ولكن قبل وفاة سراج منير مات صديق له مريض بالقلب دون سابق إنذار أو تعب، وحيث نام فى فراشه بعد أن تناول عشاءه الأخير، وفى الصباح فوجئت أسرته بوفاته، وبعد أن شيع سراج منير صديقه عاد لمنزله وجلس مع زوجته ميمى شكيب وقال لها: “أما موتة لطيفة خالص ياما نفسى أموت كدة “، وعندما فزعت زوجته، قال لها: “ياسلام هو حد يطول موت مريحة كدة، يسهر مع أصحابه وحبايبه ويتعشى عشوة لذيذة ويروح السينما يروح البيت يغير هدومه ويطلب كوباية مية ساقعة وينام والصبح ييجوا يصحوه علشان يشرب الشاى ويفطر يلاقوه بيشرب الشاى مع الملايكة، مفيش أروق ولا أطعم من كدة”.
وبعد أيام، مات سراج منير بنفس الطريقة والتفاصيل بعد أن عاد لبيته وشرب كوب من الماء المثلج، ونام على سريره، وفي الصباح كانت على وجهه ابتسامة بينما فارقته الحياة.
كما تحدث سراج منير مع صديقه المخرج حلمى رفلة قبل وفاته بيوم واحد وقال له نصاً: “علشان خاطرك أموت لك بكرة”، حيث قال له رفلة: “عايز الست ميمى تيجى بكرة من إسكندرية ضرورى علشان عندنا كام شوت فى الفيلم لازم نخلصهم قبل سفر عبدالحليم، فرد سراج قائلاً: “مستحيل ياحلمى لان عندها شغل فى الفرقة هناك”.
وبعد إلحاح شديد من حلمى رفلة قال له سراج منير مازحاً: “فى طريقة واحدة بس إن واحد من الفرقة يموت بكرة” ، وضحك رفلة فإذا بسراج يقول له: “أنا تحت أمرك أموت لك بكرة”، وهو ما حدث بالفعل حيث توفى سراج منير ” بكرة” وتعجب الجميع وشعروا بالصدمة لوفاته المفاجئة وترك فراغًا وحزنًا كبيرًا لأسرته وأصدقائه الذين كانوا يرونه ويتحدثون ويمرحون معه قبل وفاته بساعات قليلة.