بمجرد وصولك إلى منطقة الأنفوشي بحي الجمرك في الإسكندرية، تجد عشرات الورش بألوانها الزاهية، وبقايا من تصنيع السفن ومراكب الصيد، تشير إلى استمرار العمل بصناعة المراكب، رغم الصعوبات التي واجهت المهنة خلال السنوات الأخيرة وزادت منها أزمة كورونا.
يعد مجمع ورش السفن بحي الأنفوشي، الأقدم بالمنطقة، أنشأه محمد علي ليصبح ترسانة بحرية، ويكون من خلاله أكبر أسطول بحري يخوض به الحروب منذ عام 1827 م، وفيما بعد أصبح مقصدا للملوك والأمراء الراغبين في امتلاك السفن.
تعمل الورش في تصنيع المراكب السياحية ومراكب الصيد، التي تبلغ تكلفتها ملايين الجنيهات، كما يصل العمل في السفينة الواحدة إلى عام. وتمر صناعتها بمراحل مختلفة بدء من مرحلة تصنيع هيكل السفينة وصولا لمرحلة التشطيبات حتى تصبح مستعدة للإبحار.
يقول الريس محمود، أحد العاملين بورش السفن لـ”الحكاية”، إنه ورث المهنة عن أبيه، ويعمل بها منذ أكثر من أربعين عاما، مؤكدا أن هذه الورش تحوي أمهر الصناع في هذا المجال، “فهم يقومون بالرسومات الهندسية المعقدة للسفن بأنفسهم، دون دراستهم للهندسة، بعد أن تعلموها من شيوخ المهنة التي توارثوها أبا عن جد”.
وعن الصعوبات التي تواجه المهنة، أكد محمود، أن العقبات التي يواجهونها في إصدار تراخيص السفن والمراكب أثرت بشكل كبير على المهنة، فضلا عن ارتفاع أسعار المواد الخام، ما أدى إلى ترك البعض المهنة واللجوء للعمل بمهن أخرى من أجل كسب لقمة العيش.
وأضاف أن الورش بعد وقف التراخيص سواء للمراكب السياحية أو الصيد، أصبحت تعمل على صيانة السفن القديمة، أو تصنيع مركب جديد بنفس مواصفات رخصة المركب القديم بعد تهالكه، من حيث الشكل والطول والارتفاع.
وطالب الحكومة بدعم قطاع صناعة السفن والصيد، حفاظا على المهنة من الانقراض، وتقديم تسهيلات في إصدار الراخيص حتى تعود المهنة لرونقها كما كانت.